متابعات

عبد النباوي: “عدالة الأحداث” ليست عدالة زجرية

أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة محمد عبد النباوي اليوم الاثنين بمراكش، أن عدالة الأحداث عدالة تربوية، مما يحتم على قضاة النيابة العامة ممارستها كمربين ينشدون المصالح الفضلى للمتعلمين، مع الحرص على تأطير عملهم القانوني بأحدث الطرق التربوية وأنجح النظريات البيداغوجية.

ودعا في كلمة له خلال افتتاح أشغال الأيام الدراسية لقضاة النيابة العامة المكلفين بقضايا الأسرة حول موضوع “تفعيل دور النيابة العامة في الحماية المدنية للطفل”، المنظمة بمبادرة من رئاسة النيابة العامة على مدى ثلاثة أيام، هؤلاء القضاة إلى جعل تدخلاتهم، في الحدود التي يسمح لهم بها القانون، لصالح الأطفال، وتغليب مصلحتهم الفضلى على باقي المصالح، واستثمار إشرافهم على خلايا التكفل بالأطفال والنساء لهذه الغايات، من خلال توظيف دورهم التنسيقي والتواصلي على المستوى المحلي والجهوي لتعميم هذه الثقافة وجعلها أمرا واقعا وحقيقة معاشة.

وتوجه عبد النباوي إلى القضاة لاستلهام دورهم كقضاة مكلفين بقضايا الطفولة، ليذكرهم أن “عدالة الأحداث ليست عدالة زجرية ترمي إلى العقاب والزجر وأن قاضي الأحداث ليس ميزانا يزن الأخطاء والعثرات، ليستخلص الثمن لصندوق مداخيل الدولة”، ليشدد على أن “قاضي الأحداث مرب ومعلم. لا يختلف دوره عن دور الأم والأب، ينشدان من معاملتهما لأبنائهما كل ما يقوي تربيتهم ويُقَوِّم اعوجاجهم ويصلح أحوالهم، ويعملان بصبر وثبات لإبلاغهم لبر الأمان في أحسن حلة من التربية وحسن الأخلاق، وتزويدهم بأفضل سبل العلم وأحسن قواعد التربية. حتى إذا قسا الأب أو الأم على أبنائه، فإنما من أجل الحفاظ على مصالحهم وليس لعقابهم. وتكون قسوته لينة في حدود الإصلاح، لا محطمة لآمال الطفولة”.

وأكد محمد عبد النباوي أن رئاسة النيابة العامة عازمة على الاضطلاع بدورها كاملا في مجال عدالة الأحداث، وسعيها الطموح إلى توفير الظروف لقضاة النيابة العامة وتأهيلهم للوفاء بالتزاماتهم تجاه المجتمع، المتمثلة في حماية الطفولة والمساهمة في إصلاح النشأ وتقويم انحرافهم في إطار الصلاحيات التي يخولها القانون للنيابة العامة.

وأوضح أن تنظيم هذه الأيام الدراسية يأتي في ظرفية تعرف فيها المملكة إصلاحات جوهرية وهيكلية في مختلف الميادين، لاسيما في مجال العدالة، التي شهدت ميلاد سلطة قضائية مستقلة لأول مرة في تاريخ المغرب، مشيرا الى أن هذه المرحلة تستدعي من قضاة النيابة العامة، التعبئة الشاملة للمساهمة في برامج إصلاح العدالة المختلفة، التي يقودها الملك محمد السادس .

وقال إن القضاء مدعو لأن يكون في مستوى هذه المرحلة التاريخية الحاسمة، عن طريق الارتقاء بخدماته إلى المستوى الذي يستجيب لانتظارات المواطنين، وأن الرهان معقود على قضاة النيابة العامة ليقوموا ، إلى جانب قضاة الأحكام، بأدوار طلائعية، تجسد المغزى الحقيقي من وجود هذه المؤسسة، وتبلور تصورا جديدا لمهامها، وذلك باستثمار جميع الصلاحيات التي يمنحها لها القانون، من أجل حماية الحقوق والحريات والذود عن مصالح المواطنين، لاسيما الفئات الهشة وعلى رأسها فئة الأطفال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *