ثقافة وفن

رشيد خالص ..مبدع بمواهب متعددة

عرفت جائزة المغرب للكِتاب هذه السنة، والتي يُسدَل من خلالها الستار على النسخة الحادية والخمسين، الاحتفاء بثلة من المبدعين في مختلف الحقول الفكرية والثقافية (أدب، ترجمة، بحث أكاديمي). سلمت الجوائز للفائزين،كما جرت العادة، في رحاب المكتبة الوطنية بالرباط.

في مجال الابداع الشعري، تم تتويج الروائي والشاعر رشيد خالص مناصفة مع زميله مصطفى ملح، وذلك عن ديوانه الشعري الموسوم ب: حرب شاملة. هذا الديوان الذي وصفه الناقد جاك أليساندرا بأنه عمل يعكس أساسا رغبة المبدع في تكسير كل الحواجز والتخلص من العالم قصد البناء على انقاضه، وهذا ما يذكرنا بالرواية الأولى لشاعر كبير آخر  هو محمد خير الدين. لعل أوجه الشبه كبيرة بين الاثنين، فكلاهما متمرد على الأساليب التقليدية في الكتابة ويتميز بأسلوب قوي، وهو أمر يبدو جليا خاصة في أعمالهما الشعرية.

مبدع متعدد الاهتمامات

رأى رشيد خالص النور سنة 1966، وهو يبدع في حقول فنية مختلفة من شعر، رواية و ترجمة. ما لا يعرفه الكثيرون هو أنه يداعب أيضا الريشة والألوان (انظر الحوار اسفله).

نشر باكورة أعماله سنة 2004 بدار نشر الباريسية لارماتون، يتعلق الأمر بديوان شعر بعنوان أناشيد الصحراء. له مجموعة من الأعمال الروائية التي استأثرت باهتمام كبير من لدن القراء والنقاد على حد سواء، نذكر منها خاصة  أبسولوت حب ولكي يحب الله لولو.

هنيئا لرشيد خالص حصوله على هذه الجائزة المستحقة، متمنين له مسيرة أدبية موفقة في الآتي من الزمان.

3 أسئلة لرشيد خالص، المتوج بجائزة المغرب للكتاب، مجال الشعر:

1- يبدو أن الشعر، خاصة المكتوب منه بالفرنسية،لا زال لا يحظى بالاهتمام اللائق بالمغرب. حصلت على جائزة الشعر مناصفة مع زميلك الشاعر مصطفى ملح، وذلك في اطار جوائز المغرب للكتاب برسم سنة 2019. ماذا يمثل هذا التتويج لك خاصة وللشعر المكتوب بالفرنسية عامة ؟

الشعر، سواء المكتوب منه بالعربية أو الفرنسية ليس جنسا أدبيا مهملا، المشكل بالأساس هو مشكل نشر. المغرب ليس استثناء في هذا المجال. نفس المشكل مطروح بفرنسا، رغم أنه بلد يعتبر فيه النشر سوقا مزدهرة. لا شك أن الشعر لا يحظى بذات الاهتمام كالرواية. أعتقد أن الكِتاب هو من حظي بالاحتفاء وليس مُؤلِفه. مجموعتي الشعرية نالت هذا الشرف بعد مضي خمسين دورة. أشكر القيمين على الجائزة، لأنهم فتحوا الباب أمام مبدعين من لغات مختلفة وهو ما يعتبر حدثا تاريخيا. إن من شأن احتفاء كهذا أن يثير الاهتمام بتجارب ابداعية وهاهنا  تكمن أهميته. إلا أني أعتقد، مثل كثيرين، أن الجائزة سيكون لها معنى أعمق إن أصبحت مناسبة للترويج للكتب الفائزة، وذلك عن طريق اللقاءات الثقافية وعبر منابر الإعلام، وخاصة بالمؤسسات التعليمية. يجب أن تصبح هذه الإنتاجات ملء السمع والبصر، هي التي تعكس خيال وأفكار أصحابها. 

2- أنت في الآن ذاته شاعر، روائي ومترجم،بالإضافة إلى كونك فنانا تشكيليا. هل يمكن أن تقدم لمتتبعي “مشاهد” لمحة عن مساركم كفنان تشكيلي ؟

أنا كاتب ومترجم. أمارس الفن التشكيلي للمتعة. أجد نفس المتعة وأنا أكتب أو أرسم.  لنقل إني أمارس التشكيل بطريقة أخرى، حيث لا أعير اهتماما لا للمقاييس ولا للآفاق. شخوصي لها غالبا أجسام مشوهة وهي في انتظار دائم، لها أياد دائما مفتوحة. هل هو ابتهال ؟ رغبة في الحركة ؟  أو دليل على الوجود في العالم ؟ لا أستطيع أن أحدد. أنا مهوس باليد باعتبارها أول أداة صناعية عرفتها الإنسانية وهي رمز للفعل الآتي. في الأدب أو الفن التشكيلي، يجب الاستثمار في الإنسان بالمعنى  الكامل للكلمة. أي إبداع هو نابع من الإنسان و يكمن أفقه في الجمال. اليد تمكِّن من المعانقة، العطاء والكرم.

3- حسب الناقد جاك أليساندرا، ما يميز نصوص ديوانكم المتوج هو أنها تعكس أساسا رغبة المبدع في تكسير كل الحواجز والتخلص من العالم قصد البناء على انقاضه. ما رأيك وكيف تقدم لنا هذا الديوان باختصار ؟

جاك أليساندرا هو من القلائل الذين لهم معرفة وافية بالأدب المغاربي المكتوب بالفرنسية. يحمل  نظرة  ثاقبة ودقيقة لهذا العمل منذ ظهوره إلى الآن. في هذا الديوان، استعمال لفظة الحرب بعتبر مجازيا، هذا لا شك فيه. أدباء العصر الحالي ظلوا لوقت طويل رهيني صورة الأديب المؤسس، «الأب الأدبي»،  لكنهم بدأوا التخلص من هذه الصورة شيئا فشيئا، لحسن الحظ. في هذا النص، مشروعي هو تدمير عالم والبناء على انقاضه. حلم صعب المنال ؟ أنا متشبث بهذا الحلم وسأمضي فيه. انتقد أيضا بعض القراء المتعودين على القراءات السهلة والمحابية للنصوص الأدبية. يجب أن نتعلم من جديد كيف نتلقى الأدب وكيف نتعامل مع العالم من حولنا ومع الكتابة أيضا. إن فعل الكتابة يتطلب الحيطة لتخليص الشعر من آثار الكون القديم التي ما فتئت تطفو مع الكلمات. أناضل مع رفاق القلم من أجل كتابة جديدة.

حاوره محمد عالي الحيرش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *