متابعات

الذكرى ال17 لل”IHDH”..والي أكادير: ينبغي للمواطن أن يكون في صلب عملية التنمية

استهل أحمد حجي والي جهة سوس كلمته بمناسبة الذكرى ال17 لاتطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بكلمة للملك محمد السادس:”إنَّ المبادرة التي نُعْطِي انطلاقتَها اليوم تُعْتَبَرُ لَبِنَةً جديدة لاسْتِكْمال بِناء هذا الصَّرْح، وتَوْطيد أركانِه. وهي تعتمدُ أرْبَع ركائز مرجعية أساسية. فهي في المقام الأول تَسْتَنِدُ على الْمُعطيات الموضوعية للإشكالية الاجتماعية في المغرب، تِلْكُم المعطيات التي تتجلَّى في كَوْنِ فِئاتٍ ومناطق عريضَة تعيشُ ظروفًا صعبة، بل وتُعاني من حالات فقرٍ وتهميش، تَتَنافَى مع ما نُريده من كرامة مَوْفُورَة لِمُواطنينا. […] فإن المبادرة التي نُطلقها اليوم، ينبغي أن ترتكز على المواطنة الفاعِلة والصادِقة، وأن تعتمد سياسةً خلَّاَقة، تجْمع بين الطموح والواقعية والفعالية [….]إنَّ المبادرَة الوطنية للتنمية البشرية ليست مشروعا مرحليًا، ولا برنامجًا ظرفيًا عابرًا ، وإنما هيَ ورشٌ مفتوحٌ بِاستمرار.”
وأضاف حجي إن المبادرة شكلت ورشًا ملكيًا نبيلًا للتنمية البشرية الْمُجَسِّدَة لفلسفةٍ وطنية رائِدَة ترمي إلى مُعالجة إشكاليات الفقر والإقْصاء والهشاشَة من جُذُورِها، في إطار استراتيجية شُمولية ترتكزُ على الْبُعْدِ التُّرابي بإبْداع الحلول والتَّشاوُر والمقاربة التشارُكية مع مُختلف الفاعلين المعنيين، بما فيهم هَيْئات المجتمع المدني.
وهي مُقاربة خلَّاَقة تجعل من العنصر البشري أوْلَوِيَّتَها الأولى ومِحْوَرَها الرئيسي، من خِلال الالتزام بالحكامة الجيدة، ونَهْج سياسة القُرب التي تُضْفي بُعدًا جديدا على الديمقراطية التشاركية في رَصْدِ الاختلالات، ووضْع الأهداف والأوْلَوِيَّات، وبَلْوَرة البرامج والمشاريع وتنفيذها وتتبُّعِها بالنجاعة والفعالية اللازمِتَيْن، والأخذ بعيْن الاعتبار في مجال البرمجَة والتخطيط للحاجيات الواقعية والتطلُّعات المشروعة للساكنة الْمُسْتَهْدَفَة ، في تجاوُزٍ تام للأنْماط البيروقراطية التي أبانَت عن قُصُورِها ومحدوديَّتِها.
وذلك في سياق الإصْلاحات الكبرى التي تشهدُها بلادُنا، منذ اعْتلاء الملك محمد السادس العرش. والرامِيَّة إلى جعل المواطن المغربي في صُلب عملية التنمية والغاية الأساسية للسياسات العمومية.
وتابع والي أكادير إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لم تأت لِتَحُلَّ مَحَلَّ البرامج القطاعية أو برامج العمل الترابية، وهي ليست مشروعًا خيريًا إحسانِيًا، وإنما هي رُؤية سوسيو اقتصادية مُبتكَرَة لتعزيز تنمية المجالات بِكَيْفِيَّة مُنصفة، تنسجِم مع الأهداف الْكَوْنِيَّة الْمُتعارف عليها عالميًا للتنمية البشرية المستدامة والرَّفاه الاجتماعي العادِل والشامِل، للارتقاء بِمُؤشرات التنمية البشرية لِبلادِنا إلى مصاف ما تُحَقِّقُه الدُّوَّل المتقدمة، وذلك من خلال تحسين وضعية الْوُلوج إلى الخدمات والتَّجْهيزات الأساسية، ودَعْم الأنشطة المدرة للدخل والمحدثة لفرص الشغل والإعتناء بالرأسمال البشري ومواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة، وتقوية قُدُرات الفاعلين المحليين.

وقال الوالي إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، كما جاء في الخطاب الملكي السامي الْمَرْجِعي، ورشٌ مفتوح باستمرار، عبر مُقاربات مُتجددة للارْتقاء بالتنمية البشرية في بعدها الْمُستدام، فقد شَهِدَت حتى الآن ثلاثة مراحل مُتتالية، تمحورت خلال المرحلة الأولى، الممتدَّة ما بين سنتي 2005 و2010، حول أرْبَعَة برامج لتحسين الأوْضاع الْمَعيشِيَّة لِلفئات الاجتماعية الْمُستهدَفة، من خلال برنامج مُحاربة الفقر في الوسط القروي، وبرنامج مُحاربة الإقْصاء الاجتماعي في الوسط الحضري، وبرنامج مُحاربة الهشاشة، والبرنامج الأفُقي.
في حين عرفت في المرحلة الثانية، التي بدأت سنة 2011، دَفْعَةً كُبرى تَجلَّت في الرفْع من مُخَصَّصاتِها من الاعتمادات المالية، مِما مَكَنَّها من اسْتهداف أعداد كبيرة من الجماعات القروية والأحْياء الحضرية الناقصة التجهيز والدَّواوير الْمَعْزولة، من خلال برنامج التأهيل الترابي.
وفي 19 شتنبر 2018، أشْرَف الملك، على إعْطاء الانْطلاقة لِلمرحلة الثالثة (2019-2023)، الرامية إلى تحصين مُكتسبات المرحلتَيْن السابقتَيْن، بعد تقييم دَقيقٍ وشامل لهُما، وإعادة توجيه البرامج وِفْقَ هندسة جديدة تَتَصَدَّى، بطريقة اسْتِباقية، لِلمُعيقات الأساسية التي تُواجه التنمية البشرية للفرد طيلَةَ مراحِل نُمُوِّه، مع دعم الفئات في وضعية صعبة، وإطلاق جِيلٍ جديد من المبادرات الْمُحْدِثَة لفرص الشغل وتطوير هذه الفرص.

وترتكِزُ في ذلك على أرْبعة برامج، يهم أوَّلُها تدارُك الخصاص على مستوى البنيات التحتية والخدمات الأساسية في المجالات الترابية الأقل تجهيزًا، فيما يَرُومُ الثاني مُواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة وإعادة الادماج الاجتماعي للفئات الهشة.
أما البرنامج الثالث فيسعى إلى تحسين الدخل والادْماج الاقتصادي للشباب، ويعتمد على مُقاربة تُرابية قِوامُها مُواكبة الْقُرب وتثمين المؤهلات والثروات المحلية، بينما يهْدِف البرنامج الرابع إلى النُّهوض بالرأسمال البشري للأجْيال الصاعِدَة وتنمية الطُّفولة الْمُبَكِّرَة.
كما شَكَّلَت المبادرة الوطنية آلِية ناجِعة لِدعم ومُؤازَرَة الفئات الاجتماعية الأكثر تَضَرُّرًا، عبر اتخاذ مجموعة من الإجراءات للتخفيف من آثار الوباء Covid-19 عليها، في انسجامٍ تام مع الأهمية التي تُوليها المرحلة الثالثة للأجيال الصاعدة، بما فيها صِحة الأم والطفل، والنُّهوض بالتعليم الأولي، ومواكبة الفرد في مختلف مراحل نُمُوِّه.

وقال حجي إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية اتخذت هذه السنة شعار “المرحلة الثالثة: مقاربة متجددة لإدماج الشباب”، ويَجِدُ هذا الاختيار مُبَرِّراتِه في استراتيجية الدولة الرامية إلى إدماج الشباب في النسيج الاقتصادي والحياة العملية، حيث تسعى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلى تحقيق دورها في هذا المجال، من خلال تخصيص برنامج كامل لهذه الغاية أطلق عليه ” تحسين الدخل والادماج الاقتصادي للشباب” الذي يتمحور حول:
أولا: توجيه الشباب وتطوير مهاراتهم لإدماجهم في سوق الشغل؛
ثانيا: تشجيع ريادة الأعمال لدى الشباب بمواكبتهم القبلية والبعدية لخلق مقاولاتهم وتحقيق مشاريعهم؛
ثالثا: دعم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني عبر تثمين سلاسل الإنتاج، وذلك عن طريق الدعم التقني والمالي للهيئات القائمة، التي ترغب في تطوير إنتاجيتها وخلق قيمة مضافة مع إحداث فرص الشغل جديدة لفائدة الشباب والنساء.

ةاختتم الوالي كلمته قائلا: إن لقاءَنا اليوم يُشَكِّلُ فُرْصَةً لِلتَّداوُل حول المقاربة الجديدة لإدماج الشباب، والإجراءات التي بالإمْكان اتخاذُها لمواجهة هذا التحدي في إطار برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وإيجاد الحلول للإشكاليات المطروحة، ومناقشة التدابير المستقبلية الكفيلة بِتحسين وتفعيل البرامج وإبراز الجهود المبذولة، بما يستجيب لِلتَّطَلُّعات الرامية إلى تحصين المكتسبات، ومُواجهة معيقات التنمية، من أجل رِبْح رِهانات المرحلة الثالثة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تحت قيادة الملك محمد السادس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *