ثقافة وفن

اليونسكو تدعو إلى تغيير هياكل التعلم لمحو الأمية والنهوض بالرقمنة

تحتفي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، غدا الخميس، باليوم الدولي لمحو الأمية، الذي يتم الاحتفال به هذه السنة حول موضوع “تغيير هياكل التعلم لمحو الأمية”، بغية وضع تصور جديد لتعلم القراءة والكتابة، وضمان تقديم تعليم جيد وعادل وشامل للجميع.

تأتي هذه الاحتفالية الدولية، بحسب اليونسكو، في سياق تزايد تغيرات عصفت بالسياق العالمي خلال السنوات الأخيرة، مما فرض عقبات تعوق إحراز تقدم نحو محو الأمية على مستوى العالم.

وقد شكلت الجائحة أبرز هذه التحديات التي فرضت تسخير التكنلوجيا الرقمية للتعلم والقراءة، إذ رجحت المنظمة الأممية ألا يتمكن ما يقرب من 24 مليون متعلم من استئناف التعليم النظامي خلال الجائحة، ضمنهم 11 مليون فتاة وشابة.

كما تسببت الأوضاع الإنسانية الصعبة في كل من أفغانستان واليمن وأوكرانيا في أزمات على مستوى التعليم، بسبب النزاعات التي دفعت بملايين الأشخاص إلى الهروب من دولهم.

وبحسب وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة، فإنه إلى جانب 7,1 مليون شخص دفعته الحرب إلى الهروب، تعرضت أكثر من 2000 مؤسسة تعليمية لدمار جزئي وأكثر من 200 أخرى د مرت بالكامل، وهو ما يجعل مستقبل المتمدرسين في العقود المقبلة صعبا.

وفي هذا السياق، قالت المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، إن 771 مليون شاب وبالغ في جميع أنحاء العالم مازالوا يفتقرون لمهارات القراءة والكتابة الأساسية، علما بأن نسبة الفتيات والنساء تبلغ 60 في المائة، مشيرة إلى أن تفشي جائحة كوفيد-19 فاقم هذه المشكلة حيث أسفر إغلاق المدارس والاضطرابات الناجمة عن الجائحة عن خسائر أكبر على مستوى التعلم والهدر المدرسي، لاسيما لدى فئات السكان المستضعفة.

وأكدت أزولاي، في رسالة لها، أن اليونسكو ودولها الأعضاء تبذل المزيد من الجهود لإيجاد حلول لهذه المشكلة الملحة والحيلولة دون عكس مسار التقدم الذي أحرزته المنظمة في العقود الماضية، بل تعزيزه، ذلك أنه نسبة السكان الملمين بالقراءة والكتابة في العالم ارتفعت من 68 في المائة سنة 1979 إلى 86,7 سنة 2020.

وبذلك، تضيف المديرة العامة لليونسكو، تؤكد الدول الأعضاء في المنظمة التزامها بمحو الأمية هذه السنة من خلال اعتماد إطار عمل مراكش، الذي أقرت فيه بكون تعلم الكبار وتعليمهم عامل محفز رئيسي لتحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة، وتمكينهم من المواطنة الفاعلة، والمشاركة السياسية، والاندماج الاجتماعي، والمساواة بين الجنسين، من خلال تعزيز درايتهم بالتكنولوجيات الرقمية.

وترتكز هياكل التعلم الجديدة لمحو الأمية، أساسا، على تجاوز المساحات التقليدية للتعلم (المدرسة، القسم) إلى بيئة سوسيوثقافية وسياسية ونفسية (فضاءات العمل، والأسرة، والفضاء الرقمي، والألعاب، والمقاولات) تتحقق فيها عوامل المرونة، والقرب، والولوج السهل والانفتاح على سوق الشغل، وترتكز على تغيير بنيات حكامة الأنظمة والمؤسسات التعليمية.

وفي هذا الإطار، شددت اليونسكو على وضع سياسات عمومية وتدابير تربوية تمكن من الاستفادة من تطوير فضاءات التعلم لمحو الأمية، سواء بالنسبة للفضاءات التقليدية وغير التقليدية، من خلال جعلها في وضعية تأقلم أو تطويرها، بما يسهم في خلق جيل من المتعلمين الواعين بالمواطنة النشطة، مع التركيز على ضبط لغاتهم الأم.

وأشارت اليونسكو إلى رهان رقمنة فضاءات التعلم الجديدة بما يضمن تعلما دامجا للجميع، مع معالجة كل أشكال الاختلالات التي كشفت عنها جائحة كورونا، إذ لم يتمكن على الأقل ثلث المتعلمين من متابعة دراستهم عن بعد، مما خلق من جديد إشكالية اللامساواة، مشددة على وضع تدابير لتغيير فضاءات التعلم لمحو الأمية تراعي مقاربة النوع والأشخاص المهاجرين، واللاجئين، والأشخاص في وضعية إعاقة، مع مراعاة خصوصية بلدانهم الاقتصادية.

جدير بالذكر أن احتفالية هذه السنة ستجرى في الكوت ديفوار يومي 8 و9 شتنبر الجاري، بحضور خبراء ومتخصصين يناقشون الممارسات الفضلى والمرتبطة بالسياسات والأنظمة الدولية لتطوير فضاءات التعلم ومحو الأمية، لاسيما الفضاءات التي ترتكز على المتعلم بما فيها الأسرة، والمجتمع، ومكان العمل والفضاءات الرقمية.

كما سيناقش المتدخلون محور تكييف فضاءات التعلم باعتماد مقاربة النوع، ومراعاة الأشخاص في وضعية إعاقة واللاجئين والمهاجرين إلى جانب تدعيم اللغات الأصلية. وسيتم توزيع جوائز مبادرات محو الأمية الدولية لليونسكو برسم سنة 2022.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *