طب وصحة | مجتمع

عدم الشعور بالألم.. من الأمراض الناذرة في العالم

 يطلق اسم “المرض النادر” على الأمراض التي تصيب عينة ضعيفة من البشر، إلا أن العدد الذي يتم اعتباره محدداً لهذه العينة غير متفق عليه عالمياً، فبينما تعتبر الولايات المتحدة الأميركية المرض نادراً إذا كان عدد المصابين به أقل من 200 ألف شخص، نجد أن اليابان تعتبر الحد هو 50 ألف شخص، أما الاتحاد الأوروبي فيعتبر أن المرض نادر إذا لم يتجاوز عدد المصابين به 250 ألف شخص في الاتحاد الأوروبي بأكمله، وليس ضمن دولة واحدة فقط منه.

ولنتفادى هذه الاختلافات، اخترنا أن نتطرق في تقريرنا هذا إلى الأمراض البالغة الندرة، والتي لا يتجاوز عدد المصابين بها أكثر من 200 شخص في العالم بأكمله، وهي كالتالي:

مرض غياب الشعور بالألم:

هو مرض وراثي نادر لا يتعدَّى عدد المصابين به، المسجلين طبياً، أكثر من 20 شخصاً حول العالم، وهو مرض يجعل المصاب به لا يحسّ بأي ألم (جسدي) يذكر، بدءاً من الإحساس بوخزة صغيرة وصولاً إلى الآلام الحادة كألم الحرق أو الكسر!

وتجدر الإشارة إلى أن هذا لا يعني غياب حاسة اللمس، فالمرضى يفرقون بين الجسم البارد والساخن، إلا أنهم لا يشعرون بالألم من جراء لمس سطح ساخن جداً مثلاً.

نعم، قد يبدو الأمر إيجابياً للوهلة الأولى، وقد يظن البعض أن المصابين بهذا المرض محظوظون جداً، لكن هل هم كذلك في الواقع؟

في الواقع، تأتي الإجابة عن هذا السؤال بالنفي؛ وذلك لأن الإنسان يولد حاملاً لهذا المرض ولا يكتسبه بمرور الوقت، بمعنى أن المصابين به يعيشون حياتهم منذ الولادة غير مدركين لمعنى “الألم” ، مما يدفع الأطفال في طور النمو إلى إيذاء أنفسهم دون علمٍ بذلك، فقد يقوم الطفل بمضغ أصابعه أو وضع يده في النار وهو لا يعلم أنها تحترق؛ لأنه بكل بساطة لا يحس بذلك.

حتى البالغون قد يتعرضون لتعفنات أو أمراض أو جلدية دون علمٍ بذلك؛ لأنهم لا يشعرون بأي ألم على الإطلاق، مما يؤدي إلى تطور المرض وإنهاء حياة المريض، ولذلك فإن المصابين غالباً ما يفارقون الحياة بشكلٍ مبكر، وهو الأمر الذي يدفعنا لتقدير أهمية الشعور بالألم في الحفاظ على حياتنا؛ لكونه يمثل جهاز إنذار قوي يجبرنا على الانتباه لكون جسمنا يعاني خطباً يستلزم التدخل السريع.

الرجل الذئب:

 

مرض hypertrichosis، أو مرض فرط الشَّعر، أو متلازمة “الرجل الذئب“، كلها أسماء تطلق على هذا المرض الوراثي، والذي تتمثَّل أعراضه في كونه يجعل المصاب به مغطَّىً بالشعر على جسده كاملاً.

لا نتحدَّث هنا عن شعيراتٍ خفيفة منتشرة على الجسم؛ بل عن شعرٍ كثيفٍ وطويل تماماً كشعر الرأس يغطي الجسم كاملاً، ليمنح المصاب شكلاً يشبه شخصية Chewbacca الشهيرة من سلسلة أفلام Star Wars.

في أحيانٍ أخرى، قد لا يكون الشعر منتشراً على جميع مناطق الجسم، إلا أنه يظهر على مناطق غير مناسبة أبداً، كالوجه مثلاً، حيث يغطي الشعر الوجه كاملاً حرفياً، بما في ذلك الأنف والشفتان.

يقدَّر عدد المصابين بمرض فرط الشعر بـ100 شخص فقط حول العالم، وتجدر الإشارة إلى أنه يصيب الإناث والذكور على حدٍ سواء، ليجبر المصابين به على أن يعيشوا حياة قاسية جداً لما يلاقونه من سخرية من المجتمع المحيط.

مع ذلك، فإننا نجد بعض الأشخاص الذين استطاعوا استغلال هذا المرض من أجل كسب قوت عيشهم، والذين نذكر منهم المكسيكي “لاري غوميز” الذي استطاع كسب شهرة لا بأس بها عن طريق عمله في السيرك، بالإضافة إلى المثال الأكبر، وهو “بيتروس غونسالفوس” الذي وُلد في جزر الكناري في القرن السادس عشر، والذي يعتبر أول شخص مسجَّل حامل للمرض في التاريخ، وكان يستغل مظهره الغريب، لزيارة ملوك وملكات أوروبا في ذلك الوقت، والذين لدهشتهم واستغرابهم، وشعورهم بالغبطة لرؤية إنسان مختلف، كانوا يمطرونه بالهدايا والمكافآت.

مرض البروجيريا

أو الشيخوخة السريعة هو مرض ينتج من اضطراب جيني بالغ الندرة، يتراوح عدد المصابين به حول العالم بين 100 و200 شخص، وتتسبب أعراضه في ظهور آثار الشيخوخة على الإنسان في سن مبكرة جداً، وتحديداً في عمر السنة أو السنتين.

تبدأ أعراض غريبة بالظهور عليه شيئاً فشيئاً، أهمها تساقط الشعر، وظهور تجاعيد بالوجه، وتباطؤ في النمو وتأخُّر ظهور الأسنان، بالإضافة إلى مشاكل صحيَّة في الأطراف وتدهور صحة القلب، إلا أن الصحة العقلية للمريض لا تصاب بأيّ مكروه.

وتجدر الإشارة إلى أن المصابين بهذا المرض يفارقون الحياة في سنٍ مُبكِّرة بين السادسة وسن العشرين كحدٍ أقصى.

مرض البروتيوس:

البروتيوس هو مرض جيني معقّد يظهر عند المصابين به منذ الولادة ويؤدي إلى تضخم الجلد والعظام بطريقةٍ عشوائية في منطقة أو عدَّة مناطق من الجسم، من ثم التسبب في تشوهها، وكباقي الأمراض المذكورة في التقرير، لا يتعدَّى عدد المصابين بالبروتيوس 200 حالة عالمياً.

ولعل أشهر مثال للأشخاص المصابين بهذا المرض هو “جوزيف ميريك” الذي عاش في نهاية القرن التاسع عشر، والذي كان شكله مدعاة واسعة للسخرية والتشهير، إذ كان يتم التنقل به من سيرك إلى آخر تحت اسم “الرجل الفيل”، ومن ثم عرضه على الناس مقابل مبلغ مالي.

وقد ألهمت القصة المؤثرة لجوزيف عدَّة كتاب وموسيقيين ومخرجين، أهمهم المخرج دافيد لينش الذي أخرج فيلم The Elephant Man الشهير، والذي حاز عدة جوائز؛ أهمها جائزة الأكاديمية البريطانية لأفضل فيلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *