متابعات

روس..المصير المحتوم للوسيط الفاشل

أعلنت الأمم المتحدة عن استقالة مبعوث الامم المتحدة للصحراء كريستوفر روس بعد ثمانية اعوام من توليه منصبه في محاولة تسوية النزاع المفتعل بين المغرب وجبهة البوليساريو، وقدم روس استقالته في رسالة بعث بها الأسبوع الماضي إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

 وكان الاميركي روس، السفير السابق لبلاده لدى الجزائر وسوريا، قد تعرض لانتقادات حادة من المغرب الذي اتهمه بالانحياز لصالح جبهة البوليساريو، كما أن محللين قد توقعوا أن يسقط روس في نهاية المطاف نتيجة تصرفاته غير النزيهة وعدم حياده في ملف النزاع في الصحراء المغربية.

وفي سياق متصل قال أستاذ العلاقات الدولية، و الباحث في شؤون الصحراء، محمد أمطاط، أن أغلب المتتبعين لمهمة الوساطة التي قام بها روس منذ توليه لهذا المنصب سنة 2009 إلى غاية الشهور الأخيرة قبل تقديم استقالته، يجمعون على فشله في أداء مهمته على الوجه الأمثل، نظرا لانحيازه الغير المنطقي و الغير المبرر، لجبهة البوليساريو ونظام الجزائر الذي يدعمها.

وأضاف أمطاط أن عنوان فشل روس في مهمته ككمثل شخصي لأمين عام الأمم المتحدة،  يفترض فيه الحياد و الموضوعية،  يبرز بشكل واضح في رفض المغرب القبول به كطرف وسيط أثبت أنه ليست له النية في ايجاد حل سياسي حقيقي، ومتوافق عليه بين الأطراف، معتبرا أن استقالته كانت منتظرة وهي بمثابة تحصيل حاصل.

وأوضح الخبير في شؤون الصحراء، أنه عوض أن يجتهد “روس”  في البحث عن حل لملف الصحراء في إطار الشرعية الدولية التي تؤكد عل ضرورة ايجاد حل متفاوض حوله بين أطراف النزاع، مال هذا الأخير إلى طرف دون آخر، مشيرا إلى خلقه لمجموعة من المشاكل في هذا الإطار ، حيث حاول عن قصد إخراج المسار الأممي لتسوية الملف عن سكته الصحيحة، من خلال إثارة مشاكل هامشية خارجة عن سياق مهامه الحقيقية، لأغراض تخدم أجندات و أطراف أخرى.

وأضاف أمطاط أن روس تغافل عن مقترح  الحكم الذاتي  الموسع رغم الإشادة الدولية بهذا المقترح، الذي تقدم به المغرب كحل سياسي لإنهاء هذا النزاع الذي عمر طويلا، مضيفا أنه لم يكن يعتبر المقترح المغربي اقتراحا جديا، بل حاول طلية مدة انتدابه ألا يجعل من مقترح الحكم الذاتي، موضوعا رئيسيا في المفاوضات.

وأكد أمطاط، أنه يفترض في المندوب الذي سيعينه الأمين العام الجديد للأمم المتحدة ، خلفا لروس،  أن ينطلق من أرضية  إقبار مجلس الأمن لمقترح إجراء الاستفتاء سنة 2004، وطلبه سنة 2006 الأطراف المعنية بالبحث عن حل سياسي متفاوض عليه الجديد، مشيرا إلى أن ذلك  سيكشف للمنتظم الدولي عدم توفر جبهة “الانفصال” على أي حل سياسي  لإنهاء النزاع.

وينتظرالمغرب تعيين شخصية أخرى خلفا لروس تكون أكثر  اطلاعا على الملف وملمة بمختلف جوانبه وتسعى إلى حلحلته بعيدا عن ضغوط أي طرف من الأطراف، فالمسؤول الأممي الذي سيتم تعيينه ينبغي أن يكون شخصية حازمة، وتنطلق من قرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية، ومن قراءة جيوستراتيجية للمنطقة المهددة بالمخاطر الارهابية، فستظهر حينئذ للمجتمع الدولي مكامن الخلل الحقيقية في تعثر ايجاد حل سياسي لملف قضية الصحراء، هو ما سيجعل من مقترح الحكم الذاتي  قاعدة هامة لإيجاد حل دائم لهذا النزاع الذي عمر أكثر من 40 سنة.

وباستقالة روس من منصبه يكون هذا المسؤول الأممي  قد ترك مبنى الامم المتحدة من الباب الضيق، وهو المعروف بحبه في الظهور في أورقة الأمم المتحدة ومرافقة خصوم الوحدة الترابية للمملكة من ديبلوماسيين جزائريين وممثلين عن جبهة البوليساريو… وارتكب كريستوفر روس عدة أخطاء في حق المغرب، فلم يكن محايدا وانحرف طيلة ثماني سنوات عن مهمته الرئيسية الموكلة إليه”، ليكون بذلك هذا المسؤول الأممي قد فشل فشلا ذريعا في الدفع بمسار المفاوضات غير الرسمية التي انطلقت سنة 2009 بين المغرب وانفصاليي البوليساريو.

وفي سنة 2012، وبسبب انحيازه الواضح للجزائر، طالب المغرب من بان كي مون تعويضه، وفي سنة 2013 تجرأ روس على استفزاز المغرب والمس بكرامة الشعب المغربي، حينما اقترح توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، رغم انخراط المغرب في دعم ملف حقوق الإنسان، لتكون بذلك القطرة التي أفاضت الكأس، فما كان من المغرب سوى اتهامه بالانحياز الواضح لصالح الجزائرعلى حساب المملكة.

وازدادت حدة غضب الرباط حينما أعلن روس نفسه خلال منتصف ولايته، أن تجري جولات المفاوضات بالعيون، فقد رغب في وضع تصوره الخاص لمسار المفاوضات، فكان جواب الحكومة المغربية واضحا “الرباط هي العاصمة السياسية للمغرب”.. ناهيك عن مسلسل أخطاء طويل بأروقة الأمم المتحدة، فقد كان يمني النفس بأن يسمع من المغرب غلقه لكل المفاوضات وتشبته بمقترح الحكم الذاتي ، وذهب روس إلى حد الرغبة في تغيير فقرات مفاوضات مانهاست، من أجل إجبارالمغرب على النظر لمسار آخر غير مقترح الحكم الذاتي الذي اقترحه الملك محمد السادس سنة 2006″.

يذكر أن كريستوفر روس كان مهندس الزيارة الفاشلة التي قام بها الامين العام السابق للامم المتحدة بان كي مون فبراير 2016 إلى تندوف  شرق جدار الدفاع المغربي، والتي خلفت موجة سخط عارمة ضده، كما أنه طيلة فترة روس لم يكن هناك أي تقدم في مسار المفاوضات، والأسوأ من ذلك فقد كان هناك تشنج بين أطراف النزاع.

ومن جهة أخرى، وللبرهنة على انحياز روس للبوليساريو وللجزائر فقد حملت جبهة البوليساريو الانفصالية، أول أمس الثلاثاء، مسؤولية تقديم مبعوث الأمم المتحدة للصحراء كريستوفر روس لاستقالته من مهامه للسلطات  المغربية.

وقال محمد خداد، القيادي بالجبهة، في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية إن استقالة المبعوث الأممي تاتي نتيجةعرقلة المفاوضات من قبل المغرب منذ 2012”…وأضاف خداد ان الاستقالة سببها كذلكلا مبالاة مجلس الامن الدولي حيال طرد المغرب لعاملينفي بعثة الامم المتحدة للصحراء الغربية في 2016.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *