آراء

بدائل من أجل سجن اجتماعي خفيف على ميزانية الدولة

يشكل إدماج السجناء، إصلاح وتأهيل المؤسسات السجنية بالمغرب تحديا جوهريا أمام دولة الحق والقانون والمؤسسات، وهو تحدي يتطلب إرادة سياسية صريحة وتخطيط مندمج، يجمع البعد القانوني بأبعاد التنمية المستدامة، فالسجين مواطن ارتكب خطأ مخل بالضوابط القانونية ويعيق السير العادي للحياة، عمدا أو بشكل غير مقصود، وضمن السجناء هناك شباب نشيطين ورجال أعمال وبعض السياسيين، وبلغة صريحة هم فئات هشة ومهمشة تبت في حقهم الإخلال بالقانون.

وعند التدقيق، فالسجن عقوبة متفق عليها عند جميع الشعوب، وتؤرخ له المقولة الشعبية ” اللي دار الذنب يستهل العقوبة”، وإذا كان حبس شاب نشيط قادر على العمل بتهمة السرقة، يهدف إلى إصلاح سلوكه وتهذيب أخلاقه، فإنه بعد خروجه من السجن يكون قد تمرس على أشياء أخرى أقوى وقعا على المجتمع من السرقة، وفي سياق جد مختلف، فحبس رجل أعمال بسبب عدم توفره، في فترة معينة من السنة، على قيمة مالية محددة لشيك، سيؤدى إلى توقف عمل مؤسسة خاصة تشغل على الأقل 10 مواطنين وبالتالي تشريد 10 عائلات، مما سيحدث تشنج اجتماعي.

يستفاد من هذين المثالين البسيطين ما مفاده:

1. فشل سياسات الإدماج المعتمدة داخل المؤسسات السجنية.

2. عدم التنسيق بين مختلف القطاعات وتخلى الدولة عن مسؤولية الرقابة القضائية.

ومن أجل إدماج حقيقي للسجناء، خاصة وأن المرحلة الانتقالية التي ينهجها المغرب من أجل المشي قدما نحو الديمقراطية تفرض علي جميع الفاعلين في الشأن العام، وبشكل أخص الجمعيات، التدخل والإدلاء بدلوه، فالمغرب بحاجة لسياسة اجتماعية مندمجة لإصلاح أنظمة المؤسسات السجنية، والتركيز على تكييف القرارات القضائية مع المصلحة العامة، وكما هو شأن بعض الدول بأوربا وأمريكا، هناك “سجن الدار” كبديل يخفف الثقل على ميزانية الدولة، ويشرك العائلة في تنفيذ المقررات القضائية، وهناك أيضا التريث في إصدار الأحكام ودراسة تأثيرها على البنية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع.

* فاعل جمعوي ونقابي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *