مجتمع

بوصوف: تاريخ مغاربة هولندا يعتبر تراثا مشتركا بين الوطن الأصلي ووطن الإقامة

نظم مجلس الجالية المغربية بالخارج، أمس الثلاثاء بالرباط، لقاء خصص لتقديم كتاب “تاريخ المغاربة بهولندا: حضور وذاكرة” لكاتبه عبد اللطيف المعروفي، تكريما للجيل الأول من المهاجرين المغاربة المقيمين بهولندا، وذلك بحضور ثلة من رجال ونساء الثقافة والفن والسياسة.

ويؤرخ هذا المؤلف، الواقع في 253 صفحة والصادر عن دار النشر “لاكروازي دو شومان” (مفترق الطرق)، للحضور المغربي بهولندا الذي يعود إلى القرن ال16 وبداية القرن ال17 ، وإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، كما يتناول المراحل التاريخية الرئيسية لهذه الهجرة.

ويقدم الكتاب، من ناحية أخرى، قصصا إنسانية وأرشيفات وصورا حصرية ونصوصا حية تؤرخ لمسلسل استقرار وتجذر المغاربة بهولندا.

وأكد المعروفي، بهذه المناسبة، أن الهدف من هذا الكتاب هو الإسهام في جمع وأرشفة والتحسيس بتاريخ الهجرة بوصفها عنصرا من الذاكرة الجماعية المشتركة بين المغرب وهولندا، معربا عن أسفه لكون هذا التاريخ ظل غير معروف ومنسي، أو حتى غائب عن الكتب المدرسية والمؤسسات الثقافية.

وأبرز أن هذا المؤلف يسلط الضوء، على الخصوص، على أربع مراحل أساسية من تاريخ العلاقات بين البلدين، تتجلى في مرحلة ربط العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وهولندا، والهجرة، والاستقرار، ثم الجنسية المزدوجة.

وأوضح الكاتب أن الهجرة تعد أحد المظاهر المؤسسة للمجتمع والثقافة المغربيين، مسجلا أن تاريخ المغرب يعتبر تاريخ هجرة جماعية أسهمت في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للبلاد.

وقال، من ناحية اخرى، إن الجالية المغربية بهولندا انتقلت من ثلاثة مغاربة يحملون تصاريح إقامة في سنة 1960، إلى حوالي 400 ألف شخص، اليوم، أي ما يعادل أزيد من 2 في المائة من مجموع سكان البلاد، ويعزى هذا النمو إلى تاريخ اليد العاملة الأجنبية خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، مضيفا أن هذا المؤلف يسلط الضوء على الحضور المغربي بهولندا، وإسهام المغاربة في الحياة الاقتصادية والسياسية والمجتمعية والثقافية لهذا البلد، إلى جانب حياة المهاجرين وتطورهم ، خاصة النساء منهم.

من جانبه، أكد الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، عبد الله بوصوف، أن هذا المؤلف يرسم أهم المراحل التاريخية لاستقرار المغاربة بالمجتمع الهولندي ابتداء من ربط العلاقات الدبلوماسية ما بين المملكة المغربية والمقاطعات السبع لدولة الأراضي المنخفضة في مطلع القرن السابع عشر إلى مرحلة المواطنة المزدوجة الحالية.

وأوضح أن تاريخ مغاربة هولندا يعتبر تاريخا وتراثا مشتركا بين الوطن الأصلي ووطن الإقامة، إنه جزء من تاريخ المغرب ومن تاريخ هولندا، إلا أن هذا التاريخ ظل نسبيا مجهولا وغير متداول في المؤسسات الثقافية ومؤسسات نقل وتلقين المعرفة، مسجلا أن هذا الكتاب يمكن من تكريس تطور والحفاظ على ذاكرة الهجرة المغربية بوصفها جزءا من الذاكرة الوطنية والكونية.

وذكر أن هذا الإنتاج يندرج في إطار الورش الكبير الذي احتضنه مجلس الجالية المغربية بالخارج منذ انطلاقه، والذي يعتبر ورش جمع وتوثيق ودراسة ونشر وتثمين تاريخ الجاليات المهاجرة المغربية عبر العالم.

من جهتها، أكدت سفيرة هولندا لدى المملكة المغربية، ديزيري بونيس، أن الكتاب من شأنه أن يسهم في فهم واحترام تاريخ المهاجرين المنحدرين من المغرب، كما سيسلط الضوء على غنى وثراء أزيد من 400 سنة من العلاقات بين البلدين.

وأعربت عن سعادتها لكون أن “400 ألف من المواطنين الهولنديين هم من أصل مغربي”، موضحة أن هذه الهجرة أسهمت بشكل كبير في إثراء الثقافة الهولندية وتنوع أساليب الحياة الهولندية.

وأضافت أنه “أصبح بإمكان العائلات الهولندية اليوم تغيير وجباتها السريعة اليومية بالكسكس المغربي”، مضيفة أن الحكومة الهولندية أولت، منذ عدة عقود، أهمية كبرى للمهاجرين ولإدماجهم في المجتمعات الهولندية.

وقالت إن العديد من الهولنديين من أصل مغربي تألقوا بهولندا، مثل خديجة عريب، رئيسة البرلمان الهولندي، التي أعيد انتخابها مؤخرا لولاية ثانية، وحكيم زياش، اللاعب المحترف في فريق أياكس أمستردام لكرة القدم، وأحمد بوطالب، عمدة مدينة روتردام، الذي انتخب شخصية السنة بهولندا في سنة 2014.

وعلى هامش حفل تقديم المؤلف ، الذي نظمه مجلس الجالية المغربية بالخارج، تم افتتاح معرض فني للصور حول نفس الموضوع بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، والذي سيمتد من 4 إلى 10 أبريل الجاري، بالإضافة إلى إقامة العرض قبل الأول للفيلم الوثائقي “أنعاق”، الذي يحكي بدايات الهجرة المغربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *