المغرب الكبير

الأمازيغية في الحملة الانتخابية بالجزائر هل تصلح لجلب الأصوات؟

مع انطلاق الحملة الانتخابية الأحد 9 أبريل2017 بالجزائر، ظهرت الأمازيغية كأحد أهم المواضيع التي أدرجتها الأحزاب في برامجها لجذب أصوات الناخبين خلال الانتخابات المقرر إجراؤها 4 ماي.

ويقول الإعلامي بصحيفة الخبر المحلية عز الدين ربيقة في حديث مع “هافينغتون بوست عربي” إن الأحزاب باتت تعتمد على الأمازيغية كلغة خطاب خلال الانتخابات بعد أن تم إدراجها في الدستور كلغة وطنية.

“تجمع أمل الجزائر” الذي يُشارك في الانتخابات للمرة الثانية فقط، والمقرب من الرئيس، من بين تلك الأحزاب التي تحدث عنها ربيقة، حيث كانت أولى تحركاته دعوة الشباب إلى أول مهرجان ينظمه، مستعملاً اللغة الأمازيغية في الإعلانات الخاصة بذلك.

ولا يستبعد الإعلامي الجزائري أن يُترجم الحزب في الأيام القادمة برنامجه الانتخابي إلى الأمازيغية، وأن يُنشئ مواقع وصفحات على الشبكات الاجتماعية ناطقة بها.

ورغم أنه يرى أن استعمال الأحزاب لهذا الأمر سياسي فقط، إلا أن ربيقة يعتقد أن الأمر يخدم بطريقة أخرى المسألة الأمازيغية في بلاده، حيث باتت توجد في كل أماكن الإعلان والمقرات الرسمية.
دعوة الشباب بالأمازيغية:

موفق توفيق، عضو في “تجمع أمل الجزائر” ورئيس الدائرة الانتخابية بمنطقة القبائل الصغرى شرق الجزائر، يعتبر الخطاب والترويج بالأمازيغية من أولوياتهم، وينفي أن يكونوا قد انتبهوا لها فقط في الفترة الأخيرة، حيث قال “إن رئيس الحزب عمار غول كان حريصاً على الأمازيغية حتى قبل ترسيمها”.

وأضاف في حديث لـ”هافينغتون بوست عربي” أن حزبه سيعمل في حملته الانتخابية على التأكيد بأن الأمازيغية باتت فعلاً لغة وطنية، وسيوصي المرشحين بالاهتمام بهذه اللغة في حال بلوغهم البرلمان.
ترجمة

الحزب الحاكم في الجزائر، جبهة التحرير الوطني، وغريمه في السلطة، التجمع الوطني الديمقراطي، لم يكتفيا فقط بمخاطبة الجمهور بالأمازيغية، بل قاما بترجمة اسم الحزب إليها في كل المنشورات والملصقات.

فرحات أرغيب عضو اللجنة المركزية ومرشح للانتخابات القادمة عن حزب جبهة التحرير الوطني، يعتبر اللغة الأمازيغية جزءاً من هوية الجزائريين، “ولابد من العمل بها وفي كل الميادين وليس فقط خلال الحملات الانتخابية”.

ورداً على الاتهامات التي تطالب حزبه بأنه كان دائماً عدواً للأمازيغية، وبأن بعضاً من قادته التاريخيين كانوا “يعتبرونها فرعاً من فروع العربية”، قال إن جبهة التحرير الوطني “معروف عنها دفاعها الدائم عن هوية الجزائريين بما فيها الأمازيغية، ودعت منذ زمن من جعلها لغة وطنية”.

ويضيف لـ”هافينغتون بوست عربي” أن الحزب شهد تجديداً بعد تسعينيات القرن الماضي، “وهو ما كان وراء تغيير الكثير من الذهنيات، وهو ما انعكس إيجاباً على الاهتمام بالأمازيغية”، على حد تعبيره.

ويشير إلى أن “برامجنا في مختلف الولايات تتحدث عن ترقية هذه اللغة أكثر، والعمل بها وإعطائها الوزن الذي يليق بها، وهذا ما تسعى الحكومة جاهدة لتحقيقه”.
في المنابر الرسمية والتجمعات

رؤساء بعض الأحزاب أيضا اختاروا الترويج لبرامجهم ومشاريعهم باستعمال الأمازيغية، خاصة في منطقة القبائل التي يتحدث أهلها بهذه اللغة.

وقرر رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى، الذي ينافس ليُصبح الرئيس الجديد للجزائر، تصوير فيديوهات للحملة الانتخابية وبثها عبر الصفحة الرسمية للحزب على فيسبوك بثلاث لغات، هي العربية والأمازيغية والفرنسية.

وسيستغل أويحيى، الذي يشغل منصب مدير ديوان الرئاسة، إتقانه للأمازيغية لاستمالة أصوات الناخبين، كما فعل في مرات ماضية حينما رد على أسئلة الصحافيين بها.
ويعتمد الأمين العام لحزب الحركة الشعبية الجزائرية المحسوب على السلطة، عمارة بن يونس نفس الأسلوب، حيث كثيراً ما خاطب الناخبين، ولاسيما في منطقة القبائل، باللغة الأمازيغية، رغم أن حديثه تطغى عليه تعابير فرنسية.
الحكومة هي الأخرى خاطبت الأمازيغ في الجزائر من خلال المطبوعات التي تدعو فيها وزارة الداخلية للمشاركة في الانتخابات، والتي كانت واضحة الرسائل من خلال التركيز على اللباس والألوان الأمازيغية، كما تظهره هذه الصورة.
مقاطعة الأمازيغ

ويرى الدكتور في الإعلام يامين بودهان من جامعة محمد الأمين دباغين بسطيف الجزائرية، أن نسب مقاطعة الانتخابات التي لطالما شهدتها المناطق ذات التركيز السكاني الأمازيغي هي وراء سعي بعض الأحزاب في توظيف اللغة.

وسجلت بمنطقة تيزي وزو شرق الجزائر مثلاً، خلال انتخابات 2012، نسبة مشاركة متدنية جداً، لم تتجاوز 16 من مجموع الناخبين بالمنطقة، حسب جريدة الشروق.

ويقول بودهان في حديثه لـ”هافينغتون بوست عربي” إن مشكلة العزوف عن الانتخابات أصبحت مقلقة، “ولابد من استغلال بعض المميزات الخاصة بتلك المناطق حتى يعود أهلها إلى المشاركة السياسية”.

نفس الشيء هو ما ذهب إليه المحلل السياسي بشير بودلال، الذي أكد لـ”هافينغتون بوست عربي”، أن استعمال اللغة الأمازيغية، أصبح وسيلة لكسر المقاطعة التي تشهدها بعض المناطق، خاصة بولايات بجاية، تيزي وزو والبويرة.

ويضيف بودلال: “الكل يعرف مدى اعتزاز الجزائريين بأمازيغيتهم في تلك المناطق، وبالتالي فأصواتهم بصناديق الاقتراع تأتي بإعطاء الأهمية لرموزهم وهوياتهم، وهو ما تعتمده بعض الأحزاب”.

لكن هل الأمازيغية بالنسبة لهؤلاء الأحزاب فقط من أجل الاستهلاك الانتخابي؟
مناسباتية؟

سفيان خرفي، الإعلامي في موقع “وقت الجزائر” يرى بأن هذه اللغة في بلاده “باتت مناسباتية، يتم استثمارها في مواعيد محددة وبعدها تغيب”.

وقال خرفي لـ”هافينغتون بوست عربي” إن “استثمار الأحزاب السياسية فيها من خلال الشعارات خصوصاً على مستوى الملصقات المنصبة بالشوارع، دليل آخر على أن الأمازيغية مازالت لغة مناسباتية”، حسب تعبيره.

ويتساءل: “لماذا لم تعتمد هذه الأحزاب هذه اللغة في برامجها حتى تؤكد أنها حقاً مهتمة بشؤونها وشؤون روادها ومن يتحدثون بها، وهم بالملايين من أبناء الجزائر؟”.

ويردف قائلاً “فليس من المعقول أن تعنون الأحزاب ملصقاتها بشعارات مكتوبة بلغة أمازيغية وهي لم تسجل إطلاقاً ولا كلمة في برامجها”.

ومن جهة أخرى، انتقد الدكتور يامين بودهان تعاطي الأحزاب في الحملة الانتخابية مع الأمازيغية، وما أسماه “اللعب على أوتار الهوية الوطنية من أجل استمالة الناخبين”.

وقال إن “توظيفها كخطاب انتخابي مناسباتي من قبل كثير من المترشحين بهدف استقطاب شرائح واسعة من المجتمع الجزائري، هو استغلال غير مقبول للهوية الأمازيغية ثابت من الثوابت الوطنية”.

ويضيف قائلاً “فلا يجب اللعب على عامل الهوية للتأثير على عواطف الناخبين، كما لا يجب اللعب على عامل الدين، والعرق والجهة، لأنه توظيف عنصري يتنافى مع مبادئ الديمقراطية، التي يجب أن يسعى المرشحون لتكريسها”، حسب قوله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *