ملفات

باحث : رمال الصحراء تتحرك والخيار العسكري شر لا بد منه

دخول المغرب إلى الكركرات قرار غير صائب

الذين يحاولون تبرير دخول ثم انسحاب المغرب من الكركرات يعولون على تصفيق مجلس الآمن لحسن تصرف المغاربة في قضية الكركرات، وهم لا يعرفون أن دخول المغرب إلى الكركرات اعتبر خرقا لوقف إطلاق النار و التالي فكل ما فعله المغرب بعد انسحابه هو تراجعه عن خرق الاتفاق العسكري الذي وقعه سنه 1991 تاركا واقعه واقعا جديدا ليس في صالحة طبعا، ومن اليوم من الأفضل للمغاربة أن يعوضوا مثلهم الشهير ‘دخول الحمام ليس كالخروج منه’ بمثل آخر ‘دخول الكركات ليس كالخروج منه’. ما يزيد الطين بله هو زمرة المطبلين الذين يبررون كل تصرف رسمي بأنه استراتجي وذا أبعاد حيوية. ومنهم من اعتبر أن الانسحاب من الكركرات سوف يجعل مجلس الأمن ينسى مناقشة قضية الثروات الطبيعية متجاهلا أن قضية الصحراء مدرجة في بند ‘المناطق الغير محكومة ذاتيا’ ومن طبيعة هذه المناطق أن تناقش قضية ثرواتها ومن يتصرف فيها ومدى استفادة أهلها منها ويحتاج مجلس الأمن إلى مستوى عال من الغباء كي ينسى هذا الأمر.

هكذا بدأ مشكل الكركرات

بدأت التقارير تظهر حول ‘خرق’ القوات المغربية مرارا و تكرارا للمنطقة العازلة في ‘انتهاك’ لوقف اطلاق النار، وكانت الحجة آنذاك هو تطهير المنطقة من الاتجار غير المشروع للمخدرات والتهريب ثم لاحظت المينورسو بداية إنشاء طريق في المنطقة فقامت السكرتارية بإرسال عدة مذكرات إلى مجلس الأمن حول ازدياد التوتر وخطر المواجهة. وهكذا أبلغت البوليساريو البعثة أنها ستنشئ نقطة تفتيش لوقف أعمال البناء المغربي لكن اللجنة أجابت البوليساريو أن فعلها هذا هو أيضا انتهاك للاتفاق العسكري.

وقد قدمت بولدوك عدة مقترحات لحل الأزمة، بما في ذلك تجميد البناء والانسحاب الكامل لجميع العناصر المسلحة، أو استمرار أعمال البناء من قبل طرف ثالث أو من قبل المينورسو. ومع ذلك، فقد فشل الطرفين في الاتفاق، لأن المغرب قد أكد أنه يعتزم المضي قدما في بناء الطريق إلى الحدود الموريطانية. البوليساريو استمرت في الاعتراض على بناء الطريق..

وردا على ذلك، نشرت البعثة 12 مراقبا عسكريا لتتمركز بين الجهة المغربية وجبهة البوليساريو. كان عمل المراقبين يجري في ظل ظروف صعبة، مع عدم وجود ملاجئ أو تسهيلات. تشاورت بولدوك مع السلطات المدنية المغربية بشأن إنشاء ملجأ صغير للمراقبين، وقيل لها أن عليه إحالة المسألة إلى الجيش الملكي المغربي..

يوم 9 سبتمبر، وجهت جبهة البوليساريو رسالة إلى مجلس الأمن مبرزة أن بناء طريق في المنطقة العازلة قد حاوله المغرب في عام 2001 و 2002 وتم تعليق هذا العمل بناء على طلب من البعثة على أساس أن مثل هذه الأنشطة يمكن أن تشكل خرقا لوقف إطلاق النار. وأعربت الرسالة عن استغرابها تطوع المينورسو لاستكمال بناء الطريق، مشيرا إلى أن “يبدو أن الأمم المتحدة قد نصحت بتجاهل قرارها الخاص بشأن هذه المسألة”.

لهذا السبب لم يتحرك المغرب

يستغرب كثير من المغاربة لعدم تحرك المغرب لمطاردة البوليساريو التي صارت تحاصر المغرب وتستولي على المناطق العازلة الواحدة تلو الأخرى والسبب في ذلك هو ما طرحه مجموعة من الخبراء أن الصحراء تحتاج إلى حدث كبير لكي يعود الموضوع لواجهة الاحداث ومن ثم ضغط دولي للوصول إلى حل سياسي قد يكون هو الاستفتاء .أكديم ازك كان سيكون هذا الحدث لو أن المغرب لعب دور الضحية أمام المجتمع الدولي. كان الهدف هو خلق الفرصة لمعالجة الصراع بشكل أوسع عن طريق حث الطرفين على استئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة بهدف التوصل إلى حل سياسي لتحقيق تقرير المصير ‘لشعب الصحراء الغربية’ . أضف إلى ذلك أن المغرب لا يريد أن يستعجل الحل العسكري لأن إراقة الدماء ليس الخيار الأمثل بالنسبة للأنظمة العاقلة ولأن الدول الصديقة (فرنسا) لا تشجع عليه حاليا كما أن انشغال حلفاء المغرب في حرب اليمن يجعلهم لا يتحمسون إلى فتح جبهة جديدة. هذا دون الحديث عن التكلفة المالية لكل مواجهة عسكرية.دون أن ننسى أن السلطة الحالية في الجزائر هي عسكرية بواجهة مدنية بسبب مرض بوتفليقة. هذه السلطة قد تفكر في إشعال المنطقة قصد إحكام قبضتها على السلطة وتأجيل أي محاكمة شعبية لها.المغرب يعول على استعادة السلطة المدنية الجزائرية عافيتها ويراها أكثر تعقلا وحرصا على السلام.

المواجهة العسكرية خيار وارد جدا

عكس ما يظن الكثيرون الحل العسكري هو الحل الوحيد أمام المغرب إن لم تنسحب البوليساريو بعد انعقاد مجلس الأمن وغالبا لن تنسحب. لا نتوقع أن تتحول إلى مواجهة شاملة لأن الجدار العازل يحد من أي فعالية للهجمات بحيث أن البوليساريو صارت منكشفة أمام القوات المغربية ولن يكون سهلا نجاتها من القصف الجوي ذلك أن الجزائر لا ترغب في حرب شاملة لأنها تعاني أزمة اقتصادية بالإضافة إلى الإرهاب التي تواجهه والذي سيتوسع عند الحرب لانتشار السلاح وشساعة المنطقة بالإضافة أنها ستكون في مواجهة بشكل غير مباشر مع التحالف العربي المشارك في حرب اليمن. الجزائر تعرف أن الحرب قد تستمر لسنوات طويلة و هذا يعني القدرة على تحمل تكلفتها في الوقت الذي تفرغ فيه خزائنها شهريا تجلى ذلك في تخفيض الاستيراد إلى النصف والارتفاع الصاروخي للمواد الأساسية. أضف إلى ذلك إلى أن الجزائر لا تعتقد أن المواجهة العسكرية سترغم المغرب على الخروج من الصحراء بعد أن صارت واقعيا جزء لا يتجزأ من التراب الوطني. الحقيقة التي تعرفها الجزائر جيدا أنها مستهدفة أكثر من أي بلد آخر في المرحلة القادمة و ماشراؤها ل س300 إلا استعداد للتدخل الأجنبي المحتمل تكرارا للسيناريو الليبي.

فوائد الحل العسكري

المواجهات العسكرية ستجعل قوات المينورسو غير ذات جدوى وبالتالي سيكون من الطبيعي انسحابها من المنطقة لظروف الحرب و خطورة الوضع. انسحاب المينورسو سيمكن المغرب من التخلص نهائيا من كابوس الاستفتاء وبدء مرحلة جديدة من معالجة الملف يصير معها الحكم الذاتي حلما للبوليساريو. انسحاب المينورسو سيقرب المغرب من إنهاء قرابة ربع قرن من تدويل القضية وسيقربنا من إنهاء مشكل الصحراء. آنذاك يمكن بدء المفاوضات للتغطية على إنهاء المغرب للشطر الأكثر تهديدا للوحدة الترابية أي تدويل القضية. سيكون بدء المفاوضات ترجمة لدعوة مجلس الآمن إلى وقف الاشتباكات وسيكون ذلك بداية طريق الحل النهائي لمشكل الصحراء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *