المشهد الأول

لماذا يتحاشى قادة الأحزاب الحديث عن انتخابات مبكرة؟

تطرح أزمة الأغلبية الحكومية فرضية الذهاب إلى إجراء انتخابات سابقة لأوانها، وهي إحدى الحلول الممكنة دستوريا لمعالجة هكذا أزمة، كما أن إجراء انتخابات سابقة لأوانها يعتبر من الإجراءات العادية في الممارسة الديمقراطية كل ما مرت إحدى الحكومات بأزمة أغلبية أو تعذر عليها تكوين إئتلاف حكومي.. الدستور المغربي الجديد يمنح لرئيس الحكومة إمكانية حل البرلمان وإجراء انتخابات سابقة لأوانها…لكن ما يلاحظه المتتبع للشأن العام السياسي بالمغرب هو أن القيادات الحزبية ببلادنا تتحاشى الحديث عن فرضية الانتخابات السابقة لأوانها، كما أن من يتحدث عنها غالبا ما يحيل الجميع إلى الصعوبة التقنية والتكلفة المالية لهذه العملية، علما أنه قد تم إجراء انتخابات سابقة لأوانها في عهد الحسن الثاني في ظل ظروف اقتصادية خانقة لاقبل للمغرب الراهن بها.

إن الأزمة التي تعيشها حكومة بنكيران بعد انسحاب حزب الاستقلال من الأغلبية، تدفع بالمشاركين في العملية السياسية والانتخابية وبالفاعلين الحزبيين إلى طرح قضية الانتخابات السابقة لأوانها على طاولة النقاش، تنويرا للرأي العام الوطني الذي من حقه أن يتعرف على كل الفرضيات المتعلقة بمستقبل الحكومة الراهنة…لكن ما يحدث حاليا من استبعاد هذا النقاش وتفاديه وعدم الخوض الجدي في قضية الانتخابات السابقة لأوانها قد يكون من ورائه أسباب جلها مسكوت عنه، لأنه لايصب في مصلحة المؤسسات الحزبية، نقدم بعضها في الآتي:

– لايطرح حزب العدالة والتنمية خيار الانتخابات السابقة لأوانها إلا من خلال بعض أعضائه من الصقور الموجودين خارج الفريق الحكومي، وذلك في إطار بالونات للاختبار وانتظار ردود الأفعال التي قد ترد ممن يهمهم الأمر.

– حزب العدالة والتنمية أصبح لديه إحساس بصعوبة تكرار الفوز العريض بمقاعد البرلمان في حالة إجراء انتخابات نيابية سابقة لأوانها، بفعل تآكل شعبيته من جراء التدبير الحكومي، وبفعل فقدان الإحساس لدى المواطن بعدم قدرة البيجيدي على التغيير، ومحاربة الفساد، وتوفير مستوى أفضل للمعيش اليومي للسواد الأعظم من المغاربة.

– رغم صراحة ووضوح الوثيقة الدستورية بخصوص مسطرة إجراء الانتخابات السابقة لأوانها، إلا أن جل الأحزاب في إطار تكريس ثقافة التبعية والانتظارية لاتزال تعتبر قرار إجراء مثل هذه الانتخابات مجالا محفوظا للملك لوحده.

– أغلب القيادات الحالية التي تتربع على كراسي المسؤولية داخل أحزابها تشعر بصعوبة العودة إلى أرائك البرلمان بفعل تآكل شعبيتها، وبالتالي فهي تحرص على عدم المغامرة بمناصبها الراهنة.

– عندما يتحدث قادة الأحزاب عن التكلفة المالية للانتخابات، ربما يقصدون الأغلفة المالية الخاصة بتمويل حملاتهم الانتخابية والتي عادة ما تستعمل خلالها شتى وسائل الاستمالة ومن بينها الأموال، لذلك فإجراء انتخابات سابقة لأوانها بعد مرور عامين فقط يعتبر هدرا للأموال التي استعملت خلال الانتخابات السابقة، وهي استثمارات يقدر زمنها بعض النواب بفترة انتدابية كاملة أي خلال خمس سنوات وليس سنتين.
– الانتخابات السابقة لأوانها يمكن أن تعيد بعض الحركية للأحزاب، كما يمكن لبعض النخب الجديدة أن تتحرك لتغيير القيادات الحزبية التي أصابتها الشيخوخة، مما يدفع بجنيرالات الأحزاب إلى الحفاظ على الستاتيكو الحالي ولو لمدة لن تطول.

– كما أن التذرع بصعوبة استمرارية الأوراش المفتوحة، واهتزاز ثقة المستثمرين، في حالة إجراء انتخابات سابقة لأوانها، كلام مردود عليه، لأن استمرارية الأوراش بمرتبط باستمرارية المؤسسات، كما أن ثقة المستثمرين تزداد كلما كان هناك تمسك كبير بالممارسة الديمقراطية في مختلف تجلياتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *