آراء

أطباءنا بين وخزة الضمير واللهاث وراء المادة

عند تخرٌج الأطباء يقْسمون “قسم أبقراط”، كلٌ حسب عقيدته. وهذا هو القـَسَم الطبي حسب المؤتمر العالمي الأول للطب الإسلامي:

«بسم الله الرحمن الرحيم. أقسم بالله العظيم أن أراقب الله في مهنتي. وأن أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها، في كل الظروف والأحوال، باذلًا وسعي في استنقاذها من الموت والمرض والألم والقلق، وأن أحفظ للناس كرامتهم، وأستر عوراتهم، وأكتم سرّهم. وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله، باذلًا رعايتي الطبية للقريب والبعيد، الصالح والطالح، والصديق والعدو. وأن أثابر على طلب العلم، أسخِّره لنفع الإنسان لا لأذاه. وأن أوقر من علمني، وأعلّم من يصغرني، وأكون أخًا لكل زميل في المهنة الطبية في نطاق البر والتقوى. وأن تكون حياتي مصداق إيماني في سري و علانيتي، نقيًا مما يشينني أمام الله ورسوله والمؤمنين. والله على ما أقول شهيد.»

غير أن ما يلاحَظ اليوم أن كثيرا من الأطباء (وليسوا كلهم) يقْسمون على أن يجمعوا أكبر ثروة من المال في رقم قياسي على حساب البؤساء من المرضى. وأطباءنا صنفان، صنف يعمل في المستشفيات العمومية ويتلقون راتبا من الدولة، وصنف يعملون في عياداتهم الخاصة. أصحاب العيادات منهم من يتلقى من المرضى أداءً معقولا حسب الاسعافات والأدوية التي قُدٌمت لهم، غير أن منهم من يرى في المرضى مصدرا للثراء السريع الفاحش خصوصا إذا كان ذو الاختصاص دون منافس في مدينته أو بلدته. ولكن الطامة الكبرى حين يفر أطباء المستشفيات العمومية من مقرٌات عملهم ويهرولون إلى العيادات الخاصة، حيث الغنائم البشرية، دونما وخزة ضمير إنساني، تاركين وراءهم طوابير من المرضى المعوزين في مستشفيات الدولة ينتظرون الذي يأتي والذي لا يأتي. هؤلاء لا يفيدون وطنهم في أي شيء، عكس الأطباء الخواص الذين يؤدون ضرائب للدولة، ويخلقون بعض فرص العمل للسكرتيرات والممرضات. هنا نلمس أن مذكرة وزير الصحة واضحة، حيث فصلت بين الخاص والعام. وفي مدينة الحسيمة يصعب على المرء التمييز ما بين طبيب في القطاع الخاص وآخر موظف بوزارة الصحة، والذي تلقاه في المصحة أكثر من لقائك إياه في مستشفى الدولة. فعلى الدولة أن تتدخل بحزم لأجل حماية المريض أولا وصيانة كرامة الطبيب ثانيا.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *