آراء

بين حكومة “اليوسفي” وحكومة “بنكيران”: هل يستوي الذين.. والذين..؟

شكلت حكومتا “اليوسفي” و”بنكيران”، رغم اختلاف السياق وتباين الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مرحلتين فارقتين في تاريخ المغرب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي… ذلك أن حكومة اليوسفي أتت بعد الخطاب الشهير للملك الراحل الحسن الثاني أمام البرلمان والذي تناول فيه (اعتمادا على تقارير دولية) الأزمة الاقتصادية التي كانت تهدد المغرب بالسكتة القلبية؛ أما حكومة بنكيران، فقد أتت في سياق ما يعرف بـ”الربيع العربي” الذي أطاح بأنظمة عاتية في المنطقة المغاربية والعربية؛ لكن في المغرب، وبفعل التجاوب الرسمي السريع مع مطالب الشارع وبفضل النضج السياسي للتنظيمات المجتمعية المتشبعة بثقافة الاحتجاج السلمي، انطلقت عملية الإصلاحات السياسية والدستورية التي كانت تنادي بها القوى الديمقراطية وفي مقدمتها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أدت إلى تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، انبثقت عنها حكومة، يصفها البعض بنصف ملتحية.

ومن المفارقات (وقد ينطبق هذا على باقي بلدان المنطقة التي نُظمت فيها انتخابات) أن الحزب الذي استفاد، انتخابيا، من الحراك الذي قادته حركة 20 فبراير، النسخة المغربية “للربيع العربي”، هو الحزب الذي أعلن، رسميا، مناهضته لهذه الحركة، أي حزب العدالة والتنمية الذي بوأته انتخابات 25 نونبر 2011 الصدارة، بفارق كبير عن الحزب الذي حل في المرتبة الثانية، وهو حزب الاستقلال (وقد يسعفنا علم الاجتماع السياسي في فهم وتفسير هذه الظاهرة، لكن هذا ليس موضوعنا). وطبقا لأحكام الدستور الجديد الذي نص على المنهجية الديمقراطية في إسناد مهمة رئاسة الجهاز الحكومي، عُين السيد “عبد الإله بنكيران”، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، رئيسا للحكومة.

وإذا كان من السابق لأوانه إصدار حكم نهائي على حكومة بنكيران، فإنه، كما يقول المغاربة “إمارة الدار على باب الدار” أو “النهار الزين كيبان من صباحو”: فبعد سنتين من عمر الحكومة المنبثقة عن انتخابات 25 نونبر 2011، يحق لنا أن نتساءل ونسائلها عن منجزاتها وعن مشاريعها المهيكلة وعن حصيلتها التشريعية وعن مدى احترامها لوعودها ولبنود الدستور الذي عينت بموجبه، الخ، لنرى إن كنا نتقدم أو نتأخر مؤسساتيا واقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا، وغير ذلك؛ وبمعنى آخر، لنرى إن كنا نسير في الطريق الصحيح أم لا.

ولن نكون مبالغين إن بادرنا بالقول بأن ما يميز حكومة بنكيران، سواء في نسختها الأولى أو الثانية، هو إصرارها على الرجوع بالمغرب إلى الوراء في كل المجالات: السياسي منها والحقوقي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإعلامي، وغيره (الشيء الذي عكسه تقهقر المغرب في التصنيفات الدولة فيما يخص الرشوة ومناخ الاستثمار وحقوق الإنسان وحرية الصحافة والإعلام، الخ). ويعتبر هذا التراجع ضربا للمكتسبات التي حققها الشعب المغربي بفضل تضحياته ونضالاته بقيادة القوى الديمقراطية. فبدل تفعيل للوثيقة الدستورية التي صادق عليها المغاربة في فاتح يوليوز 2011، وتأويلها تأويلا ديمقراطيا، نجد أن الحكومة الحالية تشتغل بعقلية (وأحيانا بمقتضيات) دستور 1996، مما يعد نكوصا حقيقيا وخطيرا على المستوى السياسي والدستوري والاختيار الاستراتيجي للبلاد، الشيء الذي يعطل، وبشكل إرادي (أو إرادوي!)، عملية البناء الديمقراطي للدولة المغربية.

ومن البديهي أن يعمق هذا السلوك مظاهر الأزمة السياسية التي ترخي بظلالها على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية وتزيدها تأزما وتفاقما. لكن، المثير أن السيد “بنكيران”، بدل أن يركز مجهوده في البحث عن سبل مواجهة هذه الوضعية المتأزمة التي تعيشها البلاد، تراه مهتما أكثر بشعبيته وشعبية حزبه، وكأن الوطن مختزل فيهما، أو كأن شعبيته هي التي ستحل مشاكل البلاد؛ ولذلك تجده في حملة انتخابية دائمة، سواء على مستوى البرلمان أو التليفزيون أو غيرهما. ومن المثير، أيضا، أن تشبثه بالكرسي، جعله ينقلب على كل المبادئ التي يتبجح بالتشبث بها والدفاع عنها.

ولمن يشك في ذلك، فليتذكر مقولته: “عفا الله عما سلف”، التي أعلن بواسطتها استسلامه للفساد (الذي يستشري في عهده، بحيث تراجع المغرب إلى رتبة مخجلة في مجال الرشوة، كمثال) والتطبيع معه، بعد أن ملأ الدنيا ضجيجا حول عزمه على محاربة هذه الآفة، سواء خلال الحملة الانتخابية أو أثناء تقديم برنامجه الحكومي أو من خلال محطات أخرى. ويمكن أن نستدل، أيضا، على تنكر بنكيران لشعاراته ومواقفه السابقة، بواقعة ارتمائه في أحضان حليف جديد قال فيه، في السابق، هو وحزبه ما لم يقله مالك في الخمر، جاعلا منه خطا أحمر فيما يخص التحالف. من منا لا يتذكر الهرج والمرج حول ملف تعويضات وزير المالية في عهد حكومة عباس الفاسي السيد “صلاح الدين مزوار” الذي خلف رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية السيد “سعد الدين العثماني” (الذي تمت التضحية به) على رأس وزارة الخارجية في النسخة الثانية لحكومة بنكيران؟ إنه تحول أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه يعطي أسوأ الأمثلة في السياسة، إذ يضرب بمصداقية الخطاب عرض الحائط. وينزل بالأخلاق السياسية إلى الحضيض (ومع ذلك نستغرب من تدني نسبة المشاركة في الانتخابات!!!).

إن المتتبع لخطب السيد” بنكيران” وللتصريحات التي تصدر من هذا الوزير أو ذاك- وبعد أن لم يعد مبرر عدم التجربة مقبولا (لقد مرت سنتان كاملتان على تقلدهم للمسئولية)- سيدرك، ولا شك، أننا، إلى جانب التراجع والنكوص، نعيش، مع حكومة بنكيران، وبشكل غير مسبوق، “التبرهيش” السياسي بكل معنى الكلمة.

فالسيد “بنكيران”، نفسه، يهدد بالنزول إلى الشارع للضغط على الدولة التي هو رئيس حكومتها؛ ثم إنه، خلافا لكل الأعراف الديمقراطية والأبجديات السياسية، يريد أن يجمع بين مهام مؤسستين دستوريتين لا يستقيم، سياسيا وأخلاقيا ومنطقيا، الجمع بينهما :أعني بذلك الحكومة والمعارضة (يبدو أنه لم يستفد شيئا من تجربته في المعارضة أو أنه لم يستوعب بعد انتقاله من المعارضة إلى الحكم، فاختلط عليه الآمر). كما أنه دأب على إلقاء مسئولية عجزه البين على كائنات حيوانية وخرافية من قبيل التماسيح والعفاريت (ويلاحظ أن السيد بنكيران قد ابتلع لسانه في المدة الأخيرة؛ أو لربما أن التماسيح قد أكلته في أحد أطباق التعديل الحكومي الأخير).

أما بعض وزراء الحزب الأغلبي، وعلى غرار رئيسهم، فهم يمارسون السياسة بعقلية أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها غير متشبعة بالقيم وبالمبادئ الديمقراطية. فالأستاذ مصطفى الرميد، مثلا، يريد فرض تصوره لمنظومة العدالة على المكونات الأساسية المعنية بتطبيقها (القضاة والمحامون وكتاب الضبط)، وهم لهذا التصور رافضون. أما إذا أردنا أن نتحدث عن بطولات السيد الحبيب الشوباني (أو شو باني؟ في صيغة سؤال باللهجة الشامية)، الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، فسنحتاج إلى صفحات وصفحات لتناول أسلوبه المتعالي والمتعجرف، وكذا الزوابع التي تثيرها مواقفه غير الناضجة وكلامه غير المسئول حتى في المقامات التي تحتاج إلى النضج السياسي وإلى الكلمة المسئولة، كلجان البرلمان مثلا. وقس على ذلك؛ فأغلب وزراء العدالة والتنمية، عملتهم الرائجة هو الكلام، ثم الكلام، وأحيانا كثيرة، الكلام غير المسئول.

والحق يقال، “فالتبرهيش” السياسي ليس ماركة مسجلة للعدالة والتنمية وحده، وإن كان له أوفر الأسهم: إننا نتذكر القفشات غير الموفقة للسيد محمد الوفا الذي، لفرط حبه للكرسي، تمرد على حزبه، فكافأه رئيس الحكومة بحقيبة وزارية بغير لون سياسي. ونستحضر، هنا كذلك، “صبيانيات” وزير الشبيبة والرياضة المنتمي لحزب الحركة الشعبية.

باختصار شديد، نحن أمام، من جهة، حكومة “مهضارة” (أي كثيرة “الهضرة”)، لكنها فاشلة على مستوى الفعل؛ ومن جهة أخرى، حكومة، فيها كثير من “التبرهيش” الذي يجسده كلام وسلوك ومواقف بعض وزرائها وعلى رأسهم كبيرهم الذي … ثم إنها حكومة بعيدة كل البعد عن هموم المواطنين، لكن “براهيشها” لا يفتئون يتبجحون باختيار الشعب لهم، الذي يزايدون به وعليه، بأسلوب فيه كثير من التعالي والعجرفة، وكأن الشعب المغربي هب عن بكرة أبيه يوم 25 نونبر 2011، طالبا، راغبا في تقلد هؤلاء أمر شئونه. فاللهم زيِّنا بفضيلة التواضع وابعد عنا غرور الديوك!!!

وبما أن عنوان مقالتنا يلزمنا بعقد مقارنة، ولو بصورة مختزلة، بين حكومتي اليوسفي وبنكيران، باعتبارهما علامتين فارقتين في التاريخ السياسي (أو لنقل الحكومي) المغربي، فإننا نبادر إلى القول بأن هناك بونا شاسعا بين الرجلين وبين الحكومتين، تفكيرا ومنهاجا، وعلى جميع المستويات. فبقدر ما اهتمت حكومة التناوب التوافقي بالأوراش الكبرى والمشاريع المهيكلة التي لا ولن تثمر في الحال، لكنها تفيد البلاد والعباد على المدى المتوسط والبعيد، بقدر ما انصب اهتمام حكومة عبد الإله بنكيران على التسويق الإعلامي (لأنها في حملة انتخابية دائمة) لأشياء تافهة لا تسمكن ولا تغني من جوع، الهدف من وراء ذلك، هو تلميع الصورة ودغدغة العواطف لاستمالة الناخبين المفترضين، مستقبلا، ولو بالتدليس والكذب، وركوب صهوة الشعارات الجوفاء والوعود العرقوبية. نتذكر زوبعة نشر لوائح المستفيدين من مأذونية النقل؛ ونتذكر خرافة المساعدة المباشرة للأرامل والمعوزين؛ ونتذكر كذبة 3000 دهرهم كحد أدنى للأجر، الخ.

وهنا يظهر الفرق بين من قلبه على الوطن وعلى خدمة الصالح العام وبين من عينه على بطاقة الناخب وورقة التصويت. لقد قامت حكومة التناوب التوافقي بقيادة المايسترو “عبد الرحمان اليوسفي”، رغم السياق الصعب الذي جاءت فيه ورغم محدودية صلاحياتها الدستورية ورغم تعدد مكوناتها (7 أحزاب)، بإنجازات باهرة (مقارنة مع سابقاتها ولاحقاتها) على مستوى تقليص المديونية الخارجية ( بينما حكومة بنكيران أغرقت البلاد في الديون وفي مدة وجيزة) وعلى مستوى الأوراش الكبرى وعلى مستوى التأهيل الاقتصادي لبعض قطاعات الدولة التي كانت على حافة الإفلاس وعلى مستوى محاربة الفساد ( معالجة ملفات الفساد الكبرى، وخاصة في القرض الفلاحي، و القرض العقاري والسياحي والبنك الشعبي المركزي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي…) وعلى المستوى الاجتماعي (برنامج محاربة آثار الجفاف الذي استفاد منه العالم القروي، فك العزلة على كثير من المناطق القروية، توسيع غير مسبوق للإنارة بالعالم القروي، تنفيذ اتفاق فاتح عشت 1996 مع النقابات، مأسسة الحوار الاجتماعي الذي حقق العديد من المكتسبات للموظفين وللطبقة العاملة، وعير ذلك)، الخ.

لقد قامت حكومة اليوسفي بكل ذلك وأكثر، ولم يعمل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي كان يقود التجربة على تسويق تلك المنجزات إعلاميا للاستفادة منها انتخابيا؛ وذلك احتراما لحلفائه ولشركائه في التدبير؛ فاستمر الاشتغال في صمت، خدمة لمصلحة البلاد وبدون مَنٍّ لا على الوطن ولا على المواطنين. وقد كان لافتا، رغم صمت اليوسفي المعهود ورغم غياب عمل إعلامي حزبي (تواضعا واحتراما للحلفاء وليس تقصيرا) لتنوير الرأي العام حول منجزات حكومة التناوب التوافقي، أن يحتل حزب اليوسفي الصدارة في الانتخابات التشريعية لسنة 2002؛ الشيء الذي يحمل في طياته كثيرا من المعاني السياسية، ليس أقلها الاعتراف بالعمل المنجز. لكن، للأسف الشديد، الخروج على المنهجية الديمقراطية في تعيين الوزير الأول، شكل نكسة حقيقية على مستوى الانتقال الديمقراطي وعلى مستوى المشاركة السياسية. وقد ظهر ذلك جليا في الانتخابات التشريعية لسنة 2007 التي عرفت أدنى مستويات المشاركة، رغم الخطاب الملكي الموجه للناخبين، لأول مرة في تاريخ الانتخابات المغربية، للمشاركة المكثفة في التصويت.

وقد يطول بنا الحديث ، لو أردنا أن نقيم مقارنة حقيقية بين اليوسفي وبنكيران، لكون الرجلين يوجدان على طرفي نقض. فبقدر ما زهد اليوسفي في امتيازات المنصب، بقدر ما تمسك بها بنكيران حد الانبطاح. وبقدر ما اهتم اليوسفي بالبلاد وبالوطن، بقدر ما اهتم بنكيران بشعبيته وبحزبه، لدرجة أنه لم يستوعب، أبدا، بأنه رئيس الحكومة المغربية وليس فقط رئيس حزب العدالة والتنمية على رأس الحكومة. وهنا نلمس الفرق بين رجال الدولة وبين محترفي السياسة. ويكفي المرء أن يطلع على تسجيل جلسة مجلس المستشارين ليوم الأربعاء 17 يوليو 2013، لمعرفة نوع رئيس الحكومة الذي عندنا، والذي ليس له من صفات رجل الدولة إلا النزر اليسير، حتى لا نقول بانعدامها.

ويكفي أن نشير، في هذا الصدد، إلى أن “عبد الرحمان اليوسفي” قد التزم بتطبيق كل التزامات الحكومة التي كانت قبله، عملا بمبدأ استمرارية مرافق الدولة، ومن بينها اتفاق فاتح غشت 1996 مع المركزيات النقابية وما تطلبه ذلك من تكاليف مالية ومن مجهود استثنائي مادي ومعنوي، ببنما تنكر “عبد الإله بنكيران” لاتفاق 26 أبريل 2011 مع النقابات ولمحضر 20 يوليوز الموقع بين حكومة عباس الفاسي وممثلي الأطر العليا.

ولمن أراد أن يأخذ فكرة عن القرارات التي اتخذها “اليوسفي” والقرارات التي اتخذها “بنكيران” في أول سنة من الحكومة، نحيله على مقال، سبق لجريدة “الاتحاد الاشتراكي” أن نشرته بتاريخ 10 أبريل 2013 بعنوان: :” هذه هي قرارات اليوسفي وقرارات بنكيران في أول سنة من الحكومة” . ويمكن الاطلاع على هذا المقال، حاليا، في الجريدة الإليكترونية “هالة بريس”halapress.com. ودون أي تحامل أو مبالغة، نقول: إن قرارات حكومة بنكيران لا شعبية بامتياز، ولا دستورية بكل المقاييس. فهي تعمل ضد مصالح الفئات التي تدعي ويدعي حزبها الأغلبي أنهما يدافعان عنها. ولنا في الضربات الموجعة التي وجهتها وتوجهها للقدرة الشرائية للمواطنين خير مثال على ذلك. أما في خرق القانون والدستور، فنكتفي بالإشارة إلى المساس بحق الإضراب الذي أقرته كل الدساتير المغربية.

تحضرني، وأنا أقارن بين حكومة اليوسفي وحكومة بنكيران، الآية الكريمة، “فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض”. فمنجزات حكومة اليوسفي انتفعت بها البلاد كلها (سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا)، وأحلام بنكيران ووعوده تبخرت وأعطت، على أرض الواقع، قرارات أضرت بالبلاد والعباد (سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا). إن حكومة اليوسفي كانت تعمل أكثر مما تتكلم؛ أما حكومة عبد الإله “غاندير”، فهي تتكلم أكثر مما تعمل. وشتان بين من يعمل وبين من يقول بأنه سيعمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *