خارج الحدود

الرجل الذي أشرف على إعدام صدام يروي نهاية “المهيب الركن”

يدير مستشار الأمن القومي العراقي السابق موفق الربيعي ظهره لتمثال لصدام حسين التف حول رقبته الحبل الذي شنق به، وهو يتذكر اللحظات الأخيرة قبيل إعدام ديكتاتور ظل متماسكا حتى النهاية، بحسب قوله، ولم يعرب عن أي ندم.

وفي مكتبه الواقع في الكاظمية في شمال بغداد، على بعد نحو مئة متر من مكان تنفيذ الحكم في صدام الذي يصادف يوم الاثنين المقبل الذكرى السابعة لإعدامه، يبتسم الربيعي تارة، ويحرك يديه بحماسة تارة أخرى، وهو يروي في مقابلة حصرية مع وكالة فرانس برس نهاية “المهيب الركن”.

ويقول الربيعي “استلمته عند الباب. لم يدخل معنا أي أجنبي أو أي أميركي. كان يرتدي سترة وقميصا أبيض، طبيعي غير مرتبك، ولم أر علامات الخوف عنده. طبعا بعض الناس يريدونني أن أقول إنه انهار، أو كان تحت تخدير الأدوية، لكن هذه الحقائق للتاريخ. مجرم صحيح، قاتل صحيح، سفاح صحيح، لكنه كان متماسكا حتى النهاية”.

ويضيف “لم أسمع منه أي ندم. لم أسمع منه أي طلب للمغفرة من الله عز وجل، أو أن يطلب العفو. لم أسمع منه أي صلاة أو دعاء. الإنسان المقدم على الموت يقول عادة: يا ربي أغفر لي ذنوبي أنا قادم إليك. أما هو، فلم يقل أيا من ذلك”.

ويقول الربيعي متجاهلا خلفه تمثال صدام باللباس العسكري تعلو كتفيه رتبة “المهيب الركن” الخاصة به “عندما جئت به كان مكتوف اليدين وكان يحمل قرانا. أخذته إلى غرفة القاضي حيث قرأ عليه لائحة الاتهام، بينما هو كان يردد: الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، عاشت فلسطين، الموت للفرس المجوس”.

ويتابع “قدته إلى غرفة الإعدام، فوقف ونظر إلى المشنقة، ثم نظر لي نظرة فاحصة وقال لي: دكتور، هذا للرجال). فتحت يده وشددتها من الخلف، فقال: اخ، فارخيناها له، ثم أعطاني القران. قلت له: ماذا أفعل به؟ فرد: اعطيه لابنتي، فقلت له: أين أراها؟ اعطه للقاضي، فاعطاه له”.

وحصل خطأ أثناء عملية الإعدام إذ أن رجلي صدام كانتا مربوطتين ببعضهما البعض، وكان عليه صعود سلالم للوصول الى موقع الإعدام، فاضطر الربيعي، بحسب ما يقول، واخرون الى جره فوق السلالم.

وقبيل إعدام صدام الذي رفض وضع غطاء للوجه، تعالت في القاعة هتافات بينها “عاش الامام محمد باقر الصدر” الذي قتل في عهد صدام، و”مقتدى، مقتدى”، الزعيم الشيعي البارز حاليا، ليرد الرئيس السابق بالقول “هل هذه الرجولة؟”.

وكانت أخر كلمات قالها صدام “أشهد أن لا إله الا الله وأن محمدا”، وقبل أن يكمل الشهادة، أعدم بعد محاولة أولى فاشلة قام بها الربيعي نفسه، الذي نزل بعد ذلك إلى الحفرة مع أخرين “ووضعناه في كيس أبيض، ثم وضعناه على حمالة وأبقيناه في الغرفة لبضع دقائق”.

ونقل جثمان صدام في مروحية أميركية من ساحة السجن في الكاظمية إلى مقر رئيس الوزراء نوري المالكي في المنطقة الخضراء المحصنة.

ويقول الربيعي “مع الأسف الطائرة كانت مزدحمة بالاخوة، فلم يبق مكان للحمالة لذا وضعناها على الأرض فيما جلس الاخوة على المقاعد. لكن الحمالة كانت طويلة، لذا لم تسد الأبواب. اتذكر بشكل واضح أن قرص الشمس كان قد بدا يظهر”، مشددا على أن عملية الاعدام جرت قبل الشروق، اي قبل حلول العيد.

وفي منزل المالكي “شد رئيس الوزراء على ايدينا وقال: بارك الله فيكم. وقلت له: تفضل انظر اليه، فكشف وجهه وراى صدام حسين”، بحسب ما قال مستشار الأمن القومي السابق المقرب من رئيس الوزراء الذي يحكم البلاد منذ العام 2006.

وعن مشاركته في عملية الإعدام، يقول الربيعي الذي سجن ثلاث مرات في عهد صدام “لم أشعر بمثل ذلك الاحساس الغريب جدا. هو ارتكب جرائم لا تعد ولا تحصى ويستحق الف مرة أن يعدم، ويحيا، ويعدم، ولكن الاحساس، ذلك الاحساس إحساس غريب مليء بكل مشاعر الموت”.

ويوضح “هذا ليس بشخص عادي. لقد تسبب خلال حكمه للعراق بحروب عديدة واستخدم الكيميائي ضد شعبه، وفقدنا مئات الالاف في المقابر الجماعية، والالاف في الاعدامات. لذلك كنت اعرف انه حدث تاريخي”.

وتحدث الربيعي عن مجموعة ضغوط تعرضت لها السلطات العراقية قبيل اعدام صدام، منها قانونية، ومنها سياسية من قبل زعماء عرب.

وذكر أن مسار إعدام صدام انطلق بعد أحد المؤتمرات المتلفزة بين المالكي والرئيس الأميركي الاسبق جورج بوش، الذي سأل المالكي، بحسب الربيعي، خلال اللقاء “ماذا تفعلون مع هذا المجرم؟”، ليرد عليه المالكي بالقول “نعدمه”، فيرفع بوش إبهامه له، موافقا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *