آراء

الإرث ، كلام وعبث..

يشمئز المرء حينما يرى مسوؤلي الدولة ما زلوا يتعاملون مع الإنسان المغاربي طبعا القريب الى القارة الأوربية بالعبث، ولأن هذه الكلمة تعني ألا مسؤولية أو كما نقول في ثقافتنا المغربية “لقوالب”، هذا ما يحصل وجعلنا نكتب في هذه المقالة عن عبث السياسويون المغاربة، طبعا السياسية علم قائم الذات له قواعد ليست وليدة اليوم بل هي من العلوم التي إنبهر بها الإنسان ما بعد علم الفلسفة أم العلوم، حيث كانت السياسة مرتبطة بأفلاطون ودولة المدينة في أثينا إلى عهد الأنوار والإنسية في أوربا.

المغاربة ليسوا بعيدين عن ثقافة الغرب خلال تلك الحقب التاريخية ولهم من الرصيد التاريخي والحضاري مايجعلهم من الشعوب التي صنعت الحضارة الإنسانية من حيث التأثير والتأثر في تعاملهم مع الإغريق مثلا أو الفينيقيين بل حتى الرومان أنفسهم، وهذا التلاقح الذي تجسده عظمة الدول المتعاقبة على مراكش، من حيث وجودها الفعلي السيادي في شمال أفريقيا ، وطريقة حكمها خير دليل على أن لنا ثقافة وأساليب تفكير تضاهي شعوبا عالمية.

طبعا قربنا من أوربا لايمكنه في حال من الأحوال أن نبرر به إلا جزء من التأثير وليس كله بحكم قرب المجال الجغرافي ، لكن شئ مما تبقى من ثقافتنا ورصيدنا الإنتاجي والمعرفي ذات خصوصية مغربية توقف بموت العقل المغربي مع وفاة إبن رشد ..، فالحديث عن مراحل إزدهارنا يجعلنا اليوم تطرح أسئلة لعلها تجيبنا عن عقم تفكيرنا ما بعد ابن رشد، والعبرة في ما أثير مؤخرا من ضجة حول الإرث والتكفير وغيرها من أساليب التي تدخل في العقل الصغير أو بالأحرى المتوسط كما قسمه الفيلسوف العظيم أفلاطون، المغاربة فتحوا نقاش الإرث والتكفير انطلاقا من وضع توجيهات الإمبريالية حول مال أخونة مصر مادامت هي أم الدنيا.

تنظيم الإخوان اليوم وكل ما يخطط له فهو رهين بتقلبات محيط المغاربين ،وطبعا هذا الطرح ليس إلا كون المشارقة يحبذون أن يجعلوا من المغاربة ومن إنتاجياتهم فروعا لثقافتهم، وكل إبداعاتهم، وإذا ما أردنا أن نفسر في هذا المقال هذا الوضع الثابت في مخيلة المشارقة ، لايسعنا إلا بالتذكير بكتاب “العقد الفريد” لابن عبد ربه الجزائري، الذي اعتبروه بضاعة المشارقة ردت إليهم “بضاعتنا رد إلينا” وهو المعنى الذي يحتفظ به المشارقة لانتقاد إنتاج المغاربين، وهو الأمر الذي تجسد في اكتر من مناسبة وفي مجالات متعددة مثل الفن والسينما وأخرها الرياضة، وكلنا نتذكر كيف كان المصريون طبعا المشارقة منهم يوجهون إعلامهم ضد الكرة المغاربية، عندما هجموا الفريق الجزائري واتهموه بأنه فريق إفريقي وليس عربيا ، مثل هذه الأمور التي تعاكس تطلعات الشعوب الراغبة في التطور والوصول الى ما وصلته أوربا ليس جديد بل رهين اصطدام ثقافات وحضارات بين الحضارة الفقهية المشرقية وبين حضارة أخرى مغاربية ،تأخذ من الشرق ومن الغرب لكن لها خصوصية تعنيها وهو ما يتجاهله البعض من المغاربة سامحهم الله وعن قصد وأصبتهم لعنة السكيزوفرنيا، ففي نقاش التدين والتكفير والإرث وغيرها من الأمور الفقهية المرتبط بالشرق، فإن المغاربة بخصوصياتهم يختلفون من حيث آليات العمل والقاعدة العرفية ،ولنا نماذج في هذا الصدد الى الأمس القريب، ليسعنا الحديث عنها بالتفصيل وسنجعلها مناسبة لمقال قادم، لكن للتوضيح وحتى نوجه أولئك الذين يعتبرون المغرب بحيرة، وأن شعبه يدخل في عداد البعير والبعرة كما هو منصوص عليها في ثقافة المشرق، فإنه من الترهات أن نجزم في الإبقاء المغاربة عرضة لهذه السخرية، وحتى لانسير على منهاج المخزن في الإثارة والعبث السياسي نطرح أسئلة جديرة للتمعن لعل القارئ يستوعب ماهية كل سؤال؟ وكما يقال فالسؤال نصف الجواب، ليجيب عن ذلك النقاش التافه الذي دام أسبوعين عن ماهية التفكير والإرث.

وباختصار نتساءل لماذا الحديث عن الإرث والعودة الى النقاش الفقهي حول نصيب الأنثى والذكر والاخد بالنص القرآني للاستشهاد بالنسبة لأصحاب الحي أو دعاة الفتاوى المفبركين، وبين ردود أفعال ما يسمون أنفسهم بالعلمانيين رغم أن الأمر يحتاج الى تمحيص في تقاقتنا المغربية الإجابة طبعا لاتحتاج الى هرطقة زائدة فالشعب المغربي يمكن أن يجيب عنها بكل بساطة من له الحق في الإرث وهل يجوز الإرث لمن لا يملك شيئا ، وبعبارة أوضح هل يملك غالبية المغاربة ما يمكن أن يقسموه سوى كانوا ذكورا أوإناثا، ويعني أيضا أن طبيعة النقاش يجب أن تأخذ مسارا وجيها ويعني بالعربية تعربت تقسيم الثروة، فالكلام على نصيب من الإرث موجه فقط للدين يمتلكون.

فماذا يمتلك فقراء المغرب ؟،ومنهم أيضا ما يسمون بالفئات المتوسطة، غير القروض المتراكمة والمستفزة يعيش عليها الإنسان المغربي طوال عمره، وكم من المغاربة وافتهم المنية وتركوها عالة على أبنائهم وأسرهم فهل في هذه الحالة يجوز للذكر فيه أداء حظ الأنثيين؟، أم أن النصيب والقاعدة الفقهية تخص الملاك الكبار وذوي النفوذ الذين يسيطرون على ثروات المغرب، وربما تكن لنساء الاتحاديات السبق لإثارة هذا المشكل، دون أن نعرف شيئا عن الثروة اللائي يرغبن في تقسيمها وعن مصدرها؟

وهنا نتساءل عن أي مساواة يتحدث عنها لاشكر الأمين العام لحزب القوات الشعبية، هل بين نساء وذكور المغاربة في الإرث، ونحن نعلم أن معظمهم بل الأغلبية من المغاربة لاتملك قيد أنملة ؟ أم أن الإتحاديات يرغبن في الإستفادة من ثروات محتكرة من طرف ذكور ميسورين أو منافسين سياسيا، الفزازي الجهادي سلفا والممخزن حديثا أشار في برنامج “حوار” الذي تعده القناة الثانية في نقاش غاية في العبث وإلإستخفاف بعقول المغاربة، أن نساء كثر في المغرب عوانس، ويمثلكن الجاه والثروة ولا يجدن الرجال للزواج، وهو بذالك يشير الى معاناة نساء من طينة الميسورات، ولايحتجن في الخوض في نصيب الذكر مثل حض الأنثيين على غرار الإتحاديات.

ورغم أن محاوريه لم يناقشوه عن طبيعة هذه النساء ولماذا لم يتجوزن إن كنا فعلا رغبات في الزواج؟ أم أن الميسورة لن تتزوج إلا ابن عمها أو الأشبه إليها في الإغتناء ؟؟ ويكون بذالك الفزازي قد موه الحاضرون بإشهاره حول العوانس الذي سال لعاب الفقراء والمضطهدون ، وما عليه اليوم إلا أن يؤسس شركة خاصة للعوانس الميسورات الرغبات في التزوج ان صدق في قوله، آنذاك سترى المغاربة يتهافتون عليه أكثر من تهافت المصلين على مسجده بسلا.

ولكن ما لايفهمه المغاربة أن جلوس مثل الفزازي على طاولة القناة الثانية، ليس إلا ردا عن ضجة أبو النعيم لتقسيم الأدوار ، لكي ينسى الشعب المغربي النقاش الوجيه حول ثروته المسروقة والأموال المهربة التي اتهم فيها الحزب الحاكم جهات محسوبة عن حزب الاستقلال وتورط فيها هو الأخر، مادام أنه لم يتخذ بعد أي إجراء من قبيل المتابعة القضائية رغم مايحيط من شكوك أيضا حول مصدر هذه الثروة وكيف هربت وهل هي مشروعة بمنطق الفقهاء، “هل هي حلال أم حرام ؟”، أم أن للدواعي ،الضرورة.

ومن الشائع أن تبيض الأموال هو أيضا يحصل في بلدان أخرى خارج المغرب ،وهنا نتسأل عن الأموال المهربة التي تحدث عنها السيد رئيس الحكومة دون أن يحدد لنا مكان وجودها، وعن مشروعية خروجها ، وكيف أن دولا أخرى استقبلتها دون أن تعطي توضيحات عنها مادامت مهربة، وهنا نطرح أسئلة أخرى تثير الشكوك حتى لا تدخل إلينا أموالا أخرى مبيضة، هل يعرف المغاربة أن هناك أموالا كبيرة في بلدان خارجية يتم تبيضها وإرسالها الى بلدان أخرى قصد أعطاها صبغة قانونية ، ففي هذه الحالة يحتاج الأمر فقط الى فتح حسابات بنكية في البلد المضيف وتحصل على ما تريد ؟، وهنا يطرح إشكال التمويه ونتسأل أيضا عن كيفية تهريب هذه الأموال التي تحدث عنها رئيس الحكومة الإستاد بن كيران؟. وفي حالة ما عادت ،من سيستفيد منها؟ وهي أسئلة وجيهة أهم من الإرث والنصيب الوهمي للذكر والأنثى والشعب المغربي لايملك إلا الصبر ، فكفانا القول في الإرث فهو كلام وعبث بمصير الشعب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *