آراء

الحق والمستحق

مع نهاية هذا العام السعيد وبالضبط في شهر دجنبر منه، حدثت معي خمس وقائع تدخل في إطار الحق والمستحق. الأولى أني شاركت وابنتي أروى في مشتل حقوقي من تنظيم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي أتشرف بالانتماء لها.

والثانية احتفالي باليوم العالمي لحقوق الإنسان كملايين البشر الذين أتقاسم معهم هذه الكرة الأرضية (في الحقيقة هي كرة مائية نظرا لنسبة الماء الى اليابسة).

والثالثة هي فرحتي الغامرة بكون بلدي المغرب “منبت الأحرار” و مشرق الأنوار” تم انتخابه عضواً جديداً بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لولاية من ثلاث سنوات تبدأ من هده السنة.

أما الواقعة الرابعة فهي شعور خفي بالامتنان لفوز المناضلة خديجة الرياضي بجائزة الأمم المتحدة، هذه المناضلة التي ربطت مصيرها طواعية بالدفاع عن إنسانية المواطن المغربي الذي خلقه الله هلوعا منوعا جزوعا.

أما الواقعة الخامسة فهي رفض السلطات الإقليمية لتسلم إيداع الملف القانوني لمكتب النقابة التي أمثلها بالإقليم.

سأنطلق من مقدمة منطقية بسيطة مفادها أن حرية التجمع والتنظيم تمثل حقا أساسيا على نحو مطلق، إلى جانب حرية التعبير، من أجل ممارسة أي حق مدني أو سياسي آخر

والدستور المغربي الذي تفانى وتفنن الكل بالتصويت عليه حتى منابر الجمعة لم تسلم من الدعاية له، أشار في فصله الثامن إلى أن المنظمات النقابية «تساهم في الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها، وفي النهوض بها..»، وأكد على أن السلطات العمومية تعمل على «تشجيع المفاوضة الجماعية، وعلى إبرام اتفاقات الشغل الجماعية، وفق الشروط التي ينصّ عليها القانون“

الوقائع الخمس التي حدثت معي، تفرز رؤيتين وقناعتين مختلفتين وربما متناقضتين:

الرؤية الأولى ترى أن هناك أمل كبير وهائل في أن تتغير الأمور في هذا البلد المنخور كعصف مأكول،ترى انه يمكن ان يتغير هذا البلد ووالد وما ولد من فساد الى طهارة ،ومن استبداد الى ديمقراطية،ومن فقر الى ستر يجوز بناتنا ويوفر العلاج لمرضانا ويحمينا من غدر الزمان وقهر الرجال

هناك امل حقيقي ان يصبح المغرب دولة عظيمة وشعبا راقيا يأكل ما يزرع و يخيط ما يلبس ويزاحم الدول الكبرى على مائدة العلم والعدل

التفاؤل حسب هذه الرؤية هو طلب إجباري ، خصوصا في هذه المرحلة الدقيقة، وليس عرضا رومانسيا مزمنا أو أثرا جانبيا لورم حميد فى مركز الطيبوبة القابع فى عمق قلوب المغاربة.

اما الرؤية الثانية وهي نقيض الاولى، فتستسهل الإحباط و تستبطئ التغيير وترى ان لاشئ يتغير او يحدث او يتطور حتى ان ظهر بصيص امل في الافق فهو دائما يكون بنفس قصير مجهد لايكمل مشوارا ويبقى كالمنبت لا أرضا قطع و لا ظهرا أبقى

وترى اللعبة السياسية مجرد” خُشْخيشة” في يد المخزن يهزها لتنويم الشعب ويتركها عضاضة في فم الجماهير حتى تتلهى بها رغم محاولات التجميل الخائبة التي يسهر عليها اصحاب الحال في كل وقت وحال.

وبين هاتين الرؤيتين المتباعدتين تبزغ ابتسامة ابنتي اروى وهي تتمنى لي سنة سعيدة ،فاحدثها ان تدعو الله ان يلهمنا كي نجعل السنة القادمة سعيدة وان لا ننتظرها ان تكون سعيدة..يكفي ان نتأمل المعجزات التي حدثت لنا في حياتنا ولازالت تحدث ..فالسعادة لا تكمن في الاشياء القليلة التي تفرحنا بل السعادة ان تفرح باي شئ يقابلك..

اتمنى لك قارئي العزيز كما اتمنى لهذا الوطن سنوات من الرحمة والحكمة واليسر والستر، وتذكر ان الطيور المزدادة داخل الاقفاص تظن ان التحليق جريمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *