مجتمع

كريمة وبوجمعة .. صفحة فيسبوكية طريفة عن أدب الإجرام والفقر

انتشرت في الآونة الأخيرة عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك صفحة طريفة ومثيرة في الآن ذاته، استغلها المشرف عليها من أجل نشر شبه سيرة ذاتية أو يوميات لص ينحدر من مدينة تارودانت وزوجته التي تعمل بمصنع للحليب بسلا، حيث يحكيان في كل تغريدة منفصلة لهما مغامرتهما في عالم السرقة بالنسبة للرجل “بوجمعة” ومعاناة الزوجة “كريمة” مع زوجها الكسول والمشاكل اليومية التي تعترضها في المصنع.

الصفحة التي انطلقت بتاريخ 13 مارس 2014، بدأت تستأثر باهتمام العديد من رواد فيسبوك وتحقق شهرة واضحة يوما بعد يوم، لكون الأسلوب الذي يكتب به المشرفين على الصفحة، أسلوب بسيط وسلس وبلغة دارجة تغلب عليها لغة الشارع التي لا يتورع من خلالها الكاتبين عن استعمال ألفاظها السوقية والساقطة.

ويعرف صاحبا الصفحة عن نفسهما قائلين: “كريمة: 26 سنة، من تادلة، خدامة ف مركز الحليب سونترال ليتيير ف سلا. بوجمعة: 33 سنة، من تارودانت ماخدامش، وملي كايخدم كايشفر”. والأسماء التي أوردها المشرفون على الصفحة هي أسماء مستعارة حسبما أفاد أحد المشرفين في حديث مع “مشاهد.أنفو”.

ويتضح من خلال الصفحة، أن بوجمعة وكريمة يتناوبان على الكتابة بشكل منتظم، إذ ما إن يكتب بوجمعة عن مغامرة من مغامراته في عالم السرقة أو بيع المخدرات، حتى تكون التغريدة الموالية من توقيع “كريمة” لتحكي هي الأخرى عن معاناتها مع مصاعب الحياة والاستيقاض باكرا من أجل الالتحاق بالمصنع رغم المرض وضيق ذات اليد.

وتتميز الصفحة بقدرة كاتبيها على وصف الأحداث بأسلوب شديد التشويق، مما يظن معها القارئ أن الأحداث التي كتبت هي من وحي الحقيقة، وتجربة معاشة من لدن الكاتبين، غير أن “بوجمعة” يقول أن الأحداث في الصفحة مجرد خيال، فيها قليل من الأحداث الواقعية. إلا أن التفاصيل الدقيقة والأوصاف التي يعتمدها الكاتبين في عملية السرد توحي أن القصص حقيقة بشكل كامل، رغم نفي “بوجمعة” لذلك.

ولم يتسن لـ “مشاهد.أنفو” التأكد ما إذا كانت الكتابات المنشورة على الصفحة من سيرة الكاتبين الشخصية، أو أنهما فقط يعمدان إلى كتابة تلك القصص نقلا عن أشخاص آخرين في العالم الواقع.

ويقول المشرف على الصفحة في حديث مع “مشاهد.أنفو”، أن فكرة الصفحة جاءت بدافع المساهمة في نشر نوع جديد من أدب مغربي الكتروني فيسبوكي، يشارك فيه كتب جدد -يعشيون في الهامش- من قبيل الكاتب المتميز محمد بن مليود وآخرون ممن لم يسبق لهم أن نشروا أدبهم في إصدار ورقي، مشددا على أن اختيار هذا الشكل في النشر نابع من كون القراءة في المغرب في أزمة. كما أن الفيسبوك أضحى الآن يحقق للكاتب إنتشارا أوسع.

ورفض المشرف على الصفحة الكشف عن هويته الحقيقة، مكتفيا بالقول أن مستواه الدراسي جامعي عالي، مضيفا أنه يفضل أن يبقى على هامش الغموض بإعطاء تفاصيل واقعية في السرد وليس عن الكاتب، مشيرا إلى أنه يمكن الكشف عن من وراء الصفحة في وقت لاحق.

وعن تفضيل المشرفين على الصفحة كتابة منشوراتهم بلغة دارجة، قال المشرف إنه يرى أن الدارجة ليست لهجة بل هي لغة متكاملة وكاملة يمكن أن تكتب بها تحف أدبية متميزة ولها قدرة على التعبير والتواصل بواقعية ما ليس للغة العربية.

وفي سؤال حول ما إذا كانت هذه الكتابة دعوة إلى التطبيع مع عالم الإجرام والتعاطف معه، نفى المشرف على الصفحة أن يكون الهدف هو التطبيع مع السرقة والإجرام، بل “الهدف هو التطبيع مع الواقع والمعيش اليومي واللغة المغربية الدارجة”.

وعن أهمية التعاليق التي تتذيل كل منشور على حدة، أوضح المصدر ذاته، أن التعاليق مهمة جدا، حيث يمكن معرفة ردود فعل القراء في الفايسبوك مباشرة، وهو ما لا يمكن معرفته بواسطة نشر ورقي، مضيفا في ختام حديث مع “مشاهد”، أن الكاتب حينما ينجح في جعل القاريء يتعاطف أو يكره شخصية ما فقد نجح في مسعاه وأسلوبه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *