مجتمع

تطور جديد .. هولندا تدقق في مدخرات المهاجرين المغاربة

يبدو أن بنك التأمين الاجتماعي الهولندي (إس في بي) عازم على استرداد الأموال التي تم تحويلها لفائدة المتقاعدين المغاربة المقيمين بهولندا، الذين قد يكونوا استفادوا من “تقاعد تكميلي”، في حين أن لديهم ممتلكات غير مصرح بها لدى إدارة الضرائب الهولندية، وذلك عبر التدقيق في مدخراتهم بالمغرب.

فقد توصل حوالي 8 آلاف متقاعد هولندي من أصل مغربي باستمارة من بنك (إس في بي) يطلب منهم فيها تقديم معلومات تتعلق أساسا بممتلكاتهم العقارية بالمغرب، وأماكن إقامتهم خلال العطل التي يقضونها بالمغرب، وكذا بأقاربهم.

ومنذ بضعة أشهر وفي إطار مساعيها لمحاربة التزوير، تدقق السلطات الهولندية في مدخرات المتقاعدين بمن فيهم المهاجرين المغاربة، ممن لم يصرحوا بممتلكاتهم للاستفادة من الدعم الاجتماعي (التقاعد التكميلي).

ويحق لكل شخص في هولندا يقل مبلغ معاشه الأساسي عن الحد الأدنى للأجر الجاري به العمل والذي يقدم أدلة على عدم امتلاكه أي موارد أخرى للدخل ولا يمتلك عقارا أو ممتلكات أخرى لها قيمة محددة، الحصول على تقاعد تكميلي.

إبراهيم، المهاجر المغربي الذي حصل على تقاعده سنة 2010 بعد سنين طويلة من العمل الشاق بهولندا، لم يستوعب بعد ما يجري له اليوم بعدما أصبح كل ما جناه من مال بعد سنين طويلة واستثمره في تشييد بيت للأسرة بالمغرب محط فحص وتدقيق من طرف السلطات الهولندية.

يحكي إبراهيم، وهو واحد من الثمانية آلاف مهاجر مغربي متقاعد المعنيين بهذا الإجراء المثير للجدل، كيف أن موظفين من سفارة هولندا بالمغرب وبنك (إس في بي) إضافة إلى خبير انتقلوا في مارس 2013 إلى قلعة مكونة، مسقط رأسه، للبحث عن معلومات حول الممتلكات العقارية التي يمتلكها هو و 11 مهاجرا مغربيا آخر مقيما بهولندا.

وقال هذا المهاجر المغربي الذي تم حرمانه منذ أربعة أشهر من التقاعد التكميلي (حوالي 300 أورو) لم أبن هذا المنزل بفضل التقاعد التكميلي وإنما بمساهمة والدي الذي يقيم فيه أيضا، وبعد سنين طويلة من العمل. وأضاف لو كنت أعلم أن مثل هذا الأمر قد يحدث لم أكن لأقبل هذه المساعدة.

وفي حال تطبيق بنك التأمين الاجتماعي الهولندي لهذا الإجراء، سيضطر إبراهيم وباقي المتقاعدين في مثل وضعه، إلى إعادة إجمالي الأموال التي تم تحويلها لفائدتهم في شكل تقاعد تكميلي بأثر رجعي وبفوائد.

ويدعو البنك، الذي يرفق الاستمارة برسالة توضح أهداف هذه المراسلة والشروط القانونية للاستفادة من تقاعد الشيخوخة، الأشخاص المعنيين إلى ملء الوثيقة وإعادة إرسالها له في أجل لا يتعدى أربعة أسابيع.

وقد أثارت الوثيقة غضب المنظمات غير الحكومية المهتمة بشؤون الجالية المغربية. وهكذا ندد المركز الأورو- متوسطي للهجرة والتنمية بالاستمارة شكلا ومضمونا. واعتبر أن إرسال بنك (إس في بي) هذه الاستمارة إلى كافة المتقاعدين المغاربة فيه اتهام لكل أفراد الجالية المغربية بالتزوير، ما يعد، حسب المركز، أمرا غير مقبول.

وإذا كان المركز يعرب عن انخراطه الكامل في جهود محاربة التزوير في مجال التعويضات العائلية، فإنه يعارض، بالمقابل، لجوء البنك الهولندي لإجراءات غير ملائمة وغير بريئة.

وحسب المركز ذاته، فلا يحق لبنك (إس في بي) أن يلزم المعنيين بالأمر وأزواجهم بتقديم بطاقة التعريف الوطنية، ولا بالأحرى توكيل يسمح لموظفيها بالحصول على معلومات حول ممتلكات المتقاعدين لدى الإدارات المغربية.

وبناء على ذلك، دعا المركز الأورو- متوسطي للهجرة والتنمية المتقاعدين المعنيين بهذا الإجراء إلى الامتناع عن تعبئة الاستمارة وإرسالها، في انتظار رد بنك (إس في بي)، نهاية الأسبوع الجاري، على الاعتراضات التي عبر عنها المركز خلال اجتماع مع مسؤولي البنك الهولندي.

وتم، من جهة أخرى، تنظيم لقاءات تواصلية في العديد من المساجد بهولندا لشرح مضمون وآثار هذا الإجراء الجديد وكذا الاتفاق الضريبي لتفادي الازدواج الضريبي الموقع بين المغرب وهولندا سنة 1972.

ويتساءل المتقاعدون المغاربة حول مدى انسجام الإجراءات التي تلجأ إليها هولندا بما فيها التحريات الميدانية التي يقوم بها موظفو بنك (إس في بي) والسفارة الهولندية بالرباط، مع مقتضيات الاتفاق الضريبي بين البلدين، علما أن بنك (إس في بي) يتوفر على مخاطب في المغرب يتمثل في صندوق الضمان الاجتماعي.

ويندرج هذا القرار الذي يخص كافة المتقاعدين الهولنديين بما فيهم من أصول أجنبية، في إطار سلسلة إجراءات اتخذتها هولندا في السنين الأخيرة لتقليص النفقات.

ويدخل ضمن هذه الإجراءات أيضا القرار المتعلق بتقليص التعويضات العائلية المخصصة لأرامل وأطفال المهاجرين المقيمين بالمغرب بنسبة 40 في المائة. وهذه القضية معروضة حاليا على أنظار القضاء الهولندي الذي سيبت فيها بشكل نهائي في 9 ماي المقبل. وكانت المحكمة الابتدائية لأمستردام قد أصدرت حكما لصالح أرامل وأطفال المهاجرين الذين قرروا الاستقرار في المغرب.

بدورهم، لا يستبعد المتقاعدون المغاربة، الذين يشعرون بأن قرار بنك التأمين الاجتماعي الهولندي يمس حقوقهم، إمكانية اللجوء إلى القضاء الهولندي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *