آراء

من سيدي إفني يأتي “العَجبٌ العٌجَاب”!

بعد الإنتخابات الجزئية بسيدي إفني ، وماتلاها من ردود أفعال متضاربة قاسمها المشترك التأكيد على عودة حليمة الى عادتها القديمة ، يظهر جليا من خلال ما تعيشه المدينة المنسية أيام فقط بإعلان فوز مرشح الاصالة والمعاصرة بمقعد سيدي افني في الإنتخابات الجزئية مؤخرا، بروز مبادرات فريدة من نوعها هذه المرة ، تجمع كل أطياف المخزن ، ندوات مفبركة على مقاس السلطة ومسيرة تم تهئيها بمناسبة شهر ماي إلى المنطقة في رد الإعتبار إلى ذاكرة منسية لاتغني ولاتسمن من جوع تعيد بنا الى أيام سنوات “الرصاص “، وختامها سيكون “مِسْكُ “، حيث خالف مهرجان البهرجة بافني قواعده وموعده المرتبط بذكرى إسترجاع المدينة في 30يونيو.

ولا ندري عن السّر في هذا التراجع الخطير خاصة وأن الأمر يتعلق بالاحتفال بذكرى ذات حساسية ، هل بسبب شهر رمضان ؟ كما أرد البعض من أراء الدهماء إقناعنا به ، أم أن هناك دواعي أخرى غير معلنة ؟؟ ، وفي كل هذا إخفاء حقيقة شهر ماي ودلالاته السياسية بالمناسبة فهذا الشهر مرتبط بالمسيرة الإحتجاجية 22 ماي 2005 عندما خرج أمازيغ الصحراء لأول مرة في إحتجاج عارم بسيدي افني رافعين شعارا أساسيا “نريد التغيير”.. وهو الشعار الذي ما زالت ساكنة الإقليم تطمح الى تحقيقيه ، فلاشئ تغيير والوضع يسير إلى الأسوء ، وسنحاول أن نسرد نماذج مما يحصل من سيدي افني بدء بما أقدمت عليه جمعية تاسست بكلميم ، ويذكرنا اسمها “النهضة” بعهد “الأنوار” في أوربا ، ومرحلة القطيعة مع القرون الوسطى التي مازلنا نعيش عليها اليوم بكل تمظهراتها العقائدية والفكرية.

هذه الجمعية التي اتخدت لها شعار مميزا أيضا مستقاة من حملة توعية ضد حوادث السير وهو السبب الذي وجدت به في مدينة كلميم حيث تجوب الشوارع بتنظيم السير ومساعدة رجال الأمن في إبلاغ رسالتهم التعبوية بالتنبيه بظاهرة تفاقم حوادث السير تحت شعار” لنغيير سلوكنا،” وما أحوجنا اليوم لتغيير سلوك مسوؤلين اليوم ، هذه الجمعية ايضا لها السبق في ربط كلميم بافني حسب مشروعها “السلوكي” ، و لو أن هذا الإرتباط شئ جميل يستمد أسسه من التاريخ و الجغرافية يراد منه التأكيدعلى أن أهل تكنة كانوا تابعين إلى عاصمة الصحراء سيدي افني.

ولا ندري هل مساعي السلطة في تشجيعها لهذه المبادرة يراد منها إعطاء قيمة إضافية لهذا المشروع الجمعوي المتنقل بهدف وضع خريطة جديدة للصحراء تنطلق من المقاربة القديمة/ الجديدة ، افني والصحراء، ام ان العكس هو الدي يحصل فمبادرات الدولة مؤخرا والتي تخص التنمية تقصي وبشكل ممنهج سيدي افني من مشاريع الخاصة بالأقاليم الصحراوية والدليل القاطع أن المجلس الإجتماعي والاقتصادي الدي يتراسه وزير محسوب على حزب “الركيبات” لايعير أي اهتمام لتنمية افني.

كما ان وزاراء حكومة بن كيران المحسوبين على قبائل صحراوية أخرى-طبعا دون ان تكون له قبيلة محسوبة على حزبه” في الصحراء ، وهم غالبا مايتنقلون عبر الطائرات مباشرةإلى الأقاليم الصحراوية الغربية و يفضلون بزيارة أولية للعيون وما بعدها إلى جهة كلميم ويتوقفون عند علامة قف “stop »”بلاكة40″ في إتجاه المطار العسكري حيث يحلقون في السماء في اتجاه المركز ، متجاهلين تنمية اقليم سيدي افني. التي لاتبعد بحوالي 45كلم عن مدينة كلميم وتتوفر على واجهة المحيط الأطلنتي الأقرب إلى أوربا، وهو ما يعني ان سلطات افني في الحقيقية لاتهمها مصالح افني ولا تنميتها الإ في شق الترويج” لأحواش” وللبهرجة وتوهيم الناس و على مقاس الجمعية الخارقة للعادة قد تكون جمعت “ملا لبدا”.

ولعل الدليل على ذلك توافق تلاثة مؤسسات وشراكات على ندوة ” أحواش ” وهي وزارة الداخلية ، اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان”، المعهد الملكي للثقافة الامازيغية. فليس من السهل تجميع هذه المؤسسات من أجل ” نقاش تافه” خاصة وأن الأمر يتعلق برئيس شاب لجمعية عوضت دور أحد منظمي “حملة تنظيم السير والسلامة الطرقية” في سيدي افني وكلميم ونظرا لغيابه الإضطراري وربما كُرْها ، فإن جمعيات أخرى إحتياطية على مقاس السلطة ممكن أن تؤدي هذه الوظيفية المنوطة إليها وفق إملاءات.

وأمام الفراغ المفروض على المجتمع المدني الحقيقي ، فإن ظهور مثل هؤلاء الشباب و تفريغ إمكانياتهم السِحرية والسُخرية في نفس الوقت، يشكل مفاجأة من العيار التقيل ويفضح المسكوت عنه ، فبفضل هؤلاء اجتمع مسوؤليين يمثلون ثلات مؤسسات ، -ولو رغب السيد رئيس الحكومة في جمعها في طاولة واحدة لا اعتقد أنه باستطاعة فعل ذلك- .مشاركة وزارة الداخلية في نقاش “تأطير البندير والعواد”.

و بالمناسبة المشرف على هذه السابقة من نوعها ، عمالة افني، بحيث اظهرت لأول مرة أنها شريكة وفاعلة أيضا على المنصة بنقاشها “لأحواش” رغم ان ان اغلبية هؤلاء لايجدون الأمازيغية ولا حروفها ولا يهمهم غير قطْع الأرزاق ولو على حساب دافعي الضرائب ، لما وما كتب عن بعض اعضاء المعهد الامازيغي من جهلهم للكتابة بحرف “تيفناغ” لدليل قاطع على أن هؤلاء ايضا لايعنيهم الحرف الامازيغي والعبرة تكفي في الاّفتات التي تم وضعها رغم وجود شراكة المعهد ولاإشارة فيها لحرف “تيفيناغ” .

وهو ما يجعلنا نتساءل ايضا عن سر الحملة الإنتخابية السابقة لاوانها بتزنيت “لتعليم حرف تيفناغ للسلطات المحلية”عن دواعي مشاركة هذه السلطات ايضا في ندوة “احواش “وبتجاهل “لتيفناغ”،في سيدي افني، مادا يعني الاشراف على نشاط جمعوي ادا لم يكن هناك هدف ، واذا كان كذالك فهل هي رغبة من البعض في تغيير إطاره من موظف وزارة الداخلية إلى مهمة فنان على شاكلة ” الفنان جيجي ” الدي ساند وبشر بفوز الاصالة والمعاصرة في الانتخابات الجزئية بسيدي افني؟ ، او بالأحرى الفنان” مسعود” الدي يفضل الباعمرانيون احواشه ويرعونه بأمولهم الخاصة دون ان تقدم الدخلية لمثل هؤلاء ولو بطاقة رميد “اعترافا ” لخدماتهم في التنشيط وترويح نفوس ساكنة الاقليم التي لم تعد تفهم مايقع .

تاطير “احواش” يطرح أكثر من استفهام حول طبيعة المسؤليين وحتى تجربة الموظفين وحنكتهم الذين يتم إرسالهم إلى إقليم سيدي افني بحيث ينظر أصحاب القرار إلى كون المنطقة خاصة”للتأديب” على غرار الأقاليم الصحراوية فعوض التفكير في أمور التنمية والإستثمار وخلق فرص الشغل ، فيكفي أن جمعية حملت شعار “لنغيير سلوكنا” فاذا بها تفضح وزارة الداخلية في هذه المفارقة.

ومازاد الطين بلة عندما جمعت الناس في “حلقية لابارنديا “، في نشاط أشبه بسرك للاطفال حيث فازت طفلة صغيرة بجائزة مسابقة لايجابتها عن تاريخ تأسيس الجمعية”الخارقة” وكانت الهدية للاسف لاتنم الاّ على سلوك “زنقاوي” .. بطاقة تعبئة تساوي “20درهم”، إهانة للبراءة وللباسها التقليدي ، وللتذكير فإن مثل هذه السلوكيات تنم عن الإستغلال البشع للاطفال وبراتهم وهي السمة الغالبة لدى سلوكيات مسؤولي الدولة ، واثناء التدشينات غالبا ما يفضل بعض “الجهّال” من مسيري الشأن المحلي وعلى كثرتهم الى تقديم الفتيات الصغيرات بالزي الثقليدي كأنهن جواري أو قرابين وهي عادة مرتبطة بالمشارقة ، واستعباد الناس.

الفضيحة الثانية ، للأسف وهي أكبر مما كنا نتوقع ، وهو مجلس يستشهد به المغرب في الدفاع عن حقوق الانسان في المحافل الدولية ، حيث حضرت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان لدراسة وضعية فن ” جيجي” ومسعود ، رغم أنهما لايتوفران حتى على بطاقة فنان ، ماذا يريد مجلس حقوقي من “العواد والبندير” ، هل هذه الأشياء هي الأخرى تدخل في عداد القانون الدولي وحقوق الانسان ؟ الا يعتبر هذا الحضور وبهذه الصفة إهانة لمنظمة طالما يتبجح بها المغرب في ملف الصحراء وعرفت بمجابهة خصوم الوحدة الترابية ، ماذا لو عرف هؤلاء الخصوم أن تربية حقوق الإنسان لذا هذه المنظمة ليست إلأ بمنطق “الشطيح والرديح”. وحتى إن اراد ان يقنعنا الزوار الجدد رويدا رويدا ، فما عليهم الاّ أن يشرفوا على انشطتهم وبالصيغة داتها بمدينة العيون ، التي تحتاج إلى هذه الثقافة في هذه الظروف العصيبة.

أما عن المعهد الملكي للثقافة ألامازيغية ، فحدث ولا حرج عن أولئك الدين يدعون أنهم يدافعون عن الأمازيغية ، ويرغبون في ذمجها في التعليم …، في الحقيقة يصرفون أموال الشعب في البندير والعواد وهي بالملايير ، نقولوا لهم عار عليكم ، والتاريخ لايرحم ، فالامازيغية ليست بضعة ، ولا سلعة يتم بيعها على شاكلة “تجارة النخاسة” ، … وهو مايسئ إلى عمل المعهد نفسه وحتى لإنتاجاته ، مادام أن الحصول على الارباح هو مايعني هؤلاء ولا يهم الفعل والتغيير المنشود ، فكل من هبّ ودبّ أصبح ضالعا في الأمازيغية بل يتكلم عنها بل واصيا عليها ، كأكادمي ومفكر وو .. ومثل هؤلاء في الحقيقة يسعون إلى نفخ أرصيدتهم البنكية، أما الفتات يوزعونه على جمعيات “المهرجانات ” وما أكثرها … وللتاريخ فإن اقليم سيدي افني لم يسبق ان تاجر بإسم الامازيغية سواء في دعم”ايركام او غيره”.

ان توريط ثلاتة مؤسسات تمول بأموال دافعي الضرائب ياحسرة .. بدعوى شركات للتجميع اوالإسترزاق أم لحب الظهوراو لشئ ما غير مفهوم يريد الشعب أن يفهمه ؟ ربما هذه المحاولات البئيسة لن تزيد الاّ من حجم الإحباط واليأس أمام الفقر المدقع والبطالة وغياب أدنى شروط العيش الكريم باقليم سيدي افني ، وبمثل هذا السلوكيات لايمكننا إقناع رجاله ونسائه بهذه الهرطقة واللّعب على الدقون ، فاغلب المقاوميين يتقاضون 400 درهم على أقل تقدير رغم حجم المأساة التي عانوا منها دفاعا عن الوطن ،كما أن مأسي عائلات ضحايا قوارب الموت لم تندمل بعد ناهيك عن مأساة السبت الأسود …، وكم هي مبادرات “الشطيح الرديح” في هذا الشهر وسنفضحها واحدة تلوا الأخرى لأنها تهدّد شعور أبناء هذا الوطن بهويته ووحدته وإنتمائه . والعبرة في الفساد المستشري والظلم القائم ، فمن سيدي افني أيضا يأتي “العَجبَ العُجَابَ”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *