لا زالت زيارة الرجل المثير للجدل، إلياس العماري نائب الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، تثير تساؤلات سياسية مقلقة، خاصة بعد ظهور معطيات جديدة حول ترأس إلياس العماري ممثلا للملك لزيارة وفد مغربي للبارغواي بصفة رسمية خارج قوانين البلاد، إذ اتهم إلياس العماري بتمثيل الملك محمد السادس والحكومة المغربية في لقاء دولي رسمي خارج المؤسسات الدستورية.
واتهم الرجل الخارق إلياس العماري بتجاوز مهام مستشاري الملك ورئيس الحكومة ووزير الخارجية في لقاء دولي بالبارغواي، وقد أثار كل ذلك زوبعة لم تخرج تفاصيلها للعلن، لكنها أثارت نقاشا حادا داخل بعض الأوساط دون أن تستطيع دوائر سياسية كشف الحقيقة كاملة في الملف.
الاتهامات التي يوجهها رئيس الحكومة لبعض “العفاريت والتماسيح التي تشوش على العمل الحكومي”، كما كان يقول، ربما تنطبق هذه المرة على إلياس العماري، فقد ظهرت وثائق جديدة تبين أن الدولة العميقة أصبحت تجري مباحثات خارج الوطن باسم الملك دون تدخل رئيس الحكومة، في مواضيع حساسة تتعلق بالعلاقات الديبلوماسية والاقتصادية الهامة.
الخبر الذي أورده موقع وزارة الفلاحة في دولة البارغواي في يونيو الماضي يقول إن “إلياس العماري الذي اجتمع مع وزير الفلاحة بالبارغواي جورج غاتيني كان يمثل الملك محمد السادس بن الحسن”، وتم نشر الخبر مباشرة بعد المباحثات التي أجراها إلياس العماري حول العلاقات بين البلدين رغم أنه لا يتوفر على صفة دستورية تؤهله لإجراء مباحثات باسم الملك.
وكشفت بعض وسائل الإعلام حينها أن ”بلاغ رسمي لوزارة الفلاحة بالبارغواي قال إن اللقاء الذي جمع إلياس العماري ووزير الفلاحة بالبارغواي كان يهدف إلى تمهيد الطريق لإبرام اتفاق بين البارغواي والمغرب في المجال الفلاحي يسعى الى تحسين نوعية المحاصيل الزراعية والحيوانية.”
وهذه المهام عادة ما يتكلف بها الملك أو رئيس الحكومة أو وزيره بالخارجية، أو الديوان الملكي .. فمن كلف إلياس العماري بهذه المهمة ومن سمح له بقيادة مشاورات ديبلوماسية غاية في الأهمية وتتعلق بالاستراتيجية الاقتصادية الوطنية. رغم أن لا صفة له سوى عضو مكتب سياسي لحزب يعد من الاحزاب ”لي مكاتحملش” بنكيران ئيس الحكومة.
ولم يكن البلاغ الصادر عن وزارة الفلاحة بالبارغواي يخفي صفة الياس العماري حيت أكد أن العماري “كان يمثل الملك محمد السادس”، وقد “ناقش مع وزير الفلاحة البارغواي مجموعة من القضايا التي تهم القطاع الفلاحي، منها موضوع المياه والفوسفاط والثروة الحيوانية وإنتاج الألبان.”
ولم ترد أية إشارة إلى الصفة الصحيحة لإلياس العماري كعضو مكتب الأصالة و المعاصرة، ولم يشر نص البلاغ إلى صفة الياس العماري الحزبية، بل قدمه كممثل للملك محمد السادس بن الحسن، أو كممثل للمملكة المغربية.
الجديد في قضية إلياس العماري ما ورد في جريدة الأسبوع الصحفي في تحقيق صدر يوم الأربعاء أن هناك بلاغات أخرى صادرة من مؤسسات دولة البارغواي وهي بلاغ مجلس الشيوخ في البارغواي الذي قال إن رئيس المجلس استقبل ممثلين عن الحكومة المغربية يقودهم إلياس العماري نائب الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، وعبد العالي كميرة عضو المكتب السياسي لحزب الاشتراكي الموحد ومحمد خليفة.
ويقول بلاغ ثاني صادر عن لجنة التشريع والعدل إن رئيس اللجنة ورئيس لجنة الشؤون الخارجية استقبلا بعثة مغربية ممثلة للحكومة بهدف تقوية روابط التعاون بين البلدين.
الغريب أن لا الحكومة استفسرت عن سبب تمثيل إلياس العماري لها أو للملك، في بلد الباراغواي، ولا الديوان الملكي أصدر بلاغا توضيحيا أو تقريريا عن اللقاء الذي تدارست فيه الأطراف مواضيع هامة لاقتصاد البلاد باسم الملك.
وإذا كان إلياس العماري قد انتدب من طرف الديوان الملكي أو رئيس الحكومة لتمثيلهم في لقاء دولي هام، فإنه لم تصدر عن الصحافة الحزبية أو الرسمية أي معلومات تفيد بذلك؟ فلماذا يتكتم رئيس الحكومة على هذه التجاوزات في الصلاحيات خاصة من عضو حزب يعد خصم سياسي لحزب العدالة والتنمية؟