خارج الحدود

عمّال يواجهون الحر والتشرد في قطر بعد طردهم من مسكنهم بسبب مشروع عقاري

وجد عدد من العمال الوافدين الذين يتحدرون بغالبيتهم من دول آسيا، أنفسهم من دون منزل بعد أن طردوا من المساكن التي كانوا يقيمون فيها بسبب إخلائها لإقامة مشروع عقاري جديد، فيما بات بعضهم ينام في العراء في ظل درجات الحرارة الشديدة. وحاليا، يقيم بعض هؤلاء العمال الذين يتقاضون رواتب زهيدة لا تكفي لمماشاة أسعار الإيجارات المتزايدة، عند أصدقاء فما ينام آخرون في الشارع أو في السيارات.

وهذا الوضع الذي يبدو أنه لا يثير أي اهتمام في الدوحة، يلقي الضوء على وضع العمال الوافدين في هذا البلد الغني الذي يتعرض لانتقادات دولية في هذا المجال والذي سيستضيف كأس العالم لكرة القدم في 2022. وقال محمد فاروق، وهو عامل مستقل يعمل في البناء، “قبل أكثر من أسبوع، أتت الشرطة لتبلغنا بأنه يتعين علينا أن نغادر غرفنا مع كل أمتعتنا”.

وحتى مطلع يوليو، كان “فاروق” يعيش مع وافدين غالبيتهم من بنجلادش في مبنى من طابقين يتضمن 8 غرف، وكانت كل غرفة تأوي 5 أو 6 عمال. وعند إخلاء المبنى، تلقى العمال أمرا بألا يعودوا أبدا إلى المكان. إلا أن محمد فاروق، يعود كل ليلة ليرتاح عند أسفل المبنى مع زملائه.

وبحسب هذا العامل، فإن ما بين 4 آلاف و5 آلاف شخص قد يكونوا واجهوا المصير نفسه في مشيرب، وهو حي في وسط الدوحة تمت تسوية غالبية مبانيه القديمة لانشاء مشروع عقاري ضخم تحت مسمى “مشيرب داون تاون”.

وكان المقيمون في المبنى تلقوا بالفعل إشعارات بالإخلاء علقت على الجدار، إلا أنهم استمروا في دفع الإيجار وفي العيش في المكان إلى أن أتت الشرطة.

وقال عامل آخر يعمل كهربائيا، “يأتي (رجال الشرطة) بعد الإفطار وإذا ما رأوا بابا مغلقا، يخلعونه ويخرجون كل ما يجدون في الداخل”. من جهته، قال سليمان، وهو الأكبر سنا بين أعضاء المجموعة، “اعتقدت أنه كان بإمكانهم أن ينتظروا على الأقل حتى نهاية شهر رمضان، ففي هذا الحي، أكثر من 80% من السكان هم من المسلمين الممارسين لدينهم، والجميع يصومون”.

وبعد نهاية يوم طويل من العمل، يجوب العمال الصائمون الشوارع في فترة بعد الظهر بحثا عن مسكن جديد. وقال محمد فاروق “أنا قلق جدا إزاء إمكانية أن أجبر على دفع بين 500 و600 ريال من راتبي” البالغ 1200 ريال شهريا (330 دولارا). وكان العامل يدفع 300 ريال بدل سكن في المبنى القديم.

ووصل محمد فاروق إلى الدوحة في 2009 من خلال وكالة توظيف في بنجلادش فرضت عليه رسما باهظا مقابل حصوله على وظيفة مضمونة وضمان اجتماعي ومسكن. إلا أن الوعود تبخرت في الهواء. ومثله مثل سائر مواطنيه، لم يحصل محمد قط على تأمين طبي واضطر ليجد بنفسه مسكنا يقيم فيه.

وكان سكان الشقق يقيمون جدرانا من الكرتون لخلق غرف إضافية، بينما ينام الجميع على الأرض. 18 رجلا كانوا يقطنون في الطابق الأرضي من المبنى ويتشاركون منصتين صغيرتين للطبخ وحمامين ومغسلة واحدة. إلا أن جميع هؤلاء العمال يقرون بأنه ليس أمامهم “أي خيار غير البقاء” في قطر.

وباستطاعة هؤلاء إرسال ما بين 200 و300 ريال (بين 55 و82 دولارا) شهريا إلى بنجلادش. أما العامل ماجد، فينام في سيارته المركونة في مرآب قريب منذ إجلائه. ويعمل ماجد براتب يومي وينتقل كل يوم إلى رب عمل جديد، وهو يخزن عدة العمل خاصته في صناديق يرصفها عند طرف المرآب.

وعلى بعد أمتار من سيارته، تنتشر أسرة وفرش وأمتعة لعمال آخرين أخرجوا من مساكنهم ولجأوا إلى المرآب. وإعادة إسكان هؤلاء العمال يبدو غاية غير ممكنة في هذه المدينة التي تعاني من شح العرض في العقارات السكنية، وهو وضع سيزداد صعوبة مع الوصول المتوقع لحوالي نصف مليون عامل اضافي سيعملون في المشاريع المرتبطة بمونديال 2022.

وفيما تتعرض قطر لانتقادات حول ظروف عمل وإقامة العمال الأجانب على أرضها، أكدت وزارة البلديات في اتصال مع وكالة “فرانس برس” أنها “غير مسؤولية عن طرد العمال” من مساكنهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *