آخر ساعة

توصيات تدعو إلى إبراز البُعد التنموي في ثقافة الصحراء

نظم اتحاد كتاب المغرب – فرع العيون بشراكة مع اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان العيون-السمارة، وبدعم من ولاية جهة العيون- بوجدور الساقية الحمراء والجماعة الحضرية للعيون ووكالة الجنوب مائدة مستديرة حول موضوع “ثقافة الصحراء والتنمية/ تحديات ورهانات”، وذلك يومي الجمعة والسبت 18 و19 يوليوز 2014 بأحد فانق المدينة، وقد تميَّزت بحضور وازن للمثقفين والباحثين المحليين والقطاعات المعنية بالتنمية والثقافة والفاعلين المدنيين والحقوقيين، إلى جانب المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية ووسائل الإعلام والاتصال.

ففي الجلسة الافتتاحية التي أدارها الباحث لحبيب عيديد ألقى والي الجهة يحضيه بوشعاب كلمة تحفيزية ثمن فيها الجهود المبذولة لتنظيم هذا النشاط الثقافي، كما أبدى خلالها استعداده لطباعة الكتاب الخاص بأوراق ومداخلات المائدة المستديرة. كما ألقى الكاتب العام لفرع اتحاد كتاب المغرب ابراهيم الحَيْسن كلمة أبرز فيها أن هذه المائدة المستديرة تُعَدُّ انطلاقة فعلية لتنفيذ برنامج ثقافي شامل ومتنوع يضع على رأس أهدافه ومراميه النهوضَ بالثقافة الحسَّانية والارتقاءَ بها في مختلف مظاهرها وتجلياتها.

من جهته أبرز محمد سالم الشرقاوي رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان الدور المنوط باللجنة ومساهماتها في دعم كل الجهود والمبادرات الجادة التي تخدم الثقافة في الصحراء، شاكراً الجميع ومتمنياً النجاح لأشغال المائدة.

عقب ذلك، ألقى ذ. عبد الرحيم العلام رئيس اتحاد كتاب المغرب كلمة تحدث فيها عن أهمية الثقافة كعامل من عوامل الاستدامة باعتبارها مصدراً بترسيخ القيم وقوة دافعة لتحقيق التلاحم الاجتماعي وجزءاً من المشروع التنموي وركناً أساسياً فيه، قبل أن يؤكد استعداد اتحاد كتاب المغرب لانخراط في كل الأنشطة والبرامج الثقافية التي تعيد الاعتبار للثقافة الحسَّانية.

وقد ختم هذه الكلمات الباحث علين أهل باباها باسم الأساتذة الباحثين حيث أبرز قيمة مثل هذه اللقاءات الفكرية ومؤكداً في الآن نفسه على ضرورة انخراط الجميع في دعم وتشجيع أي مشروع يروم مأسسة الثقافة الحسَّانية ودمجها في الحياة العامة لساكنة الصحراء.

وتوزَّعت أشغال المائدة المستديرة على جلستين علميتين، هما:

الجلسة العلمية الأولى، وقد شملت مداخلات تطرَّقت إلى ثقافة الصحراء وسؤال المستقبل، وتأهيل الفضاءات لتزجية الوقت في الزمن الصحراوي وتأثير تمثل الإنسان الصحراوي بمجاله على وتيرة التنمية، إلى جانب رؤى وأبعاد العلاقة الممتدة بين ثقافة الصحراء والتنمية، وأيضاً مقاربة التنمية ومسألة الهوية.

الجلسة العلمية الثانية، انعقدت خلال اليوم الثاني – السبت 19 يوليوز- وتضمَّنت مداخلات انصبَّت حول تنمية الإنسان من خلال الثقافة الحسَّانية ودور هذه الثقافة في إنعاش المسلسل التنموي بالمنطقة الصحراوية، ثم إبراز مناطق التقاطع بين الثقافة الحسَّانية والتنمية الشمولية. كما تضمَّنت المائدة موضوع القبيلة في ثقافة الصحراء ورهانات التنمية، فضلاً عن الحفر في العلاقة بين المجال الثقافي والمجال التنموي والوقوف على رصد أهم العقبات التي تعيق الارتقاء بالمسرح الحسَّاني. خلصت هذه الجلسة العلمية إلى موضوع المؤسسة الثقافية ودورها في التنمية المحلية من خلال التطرُّق لمجموعة من الأدوار المنوطة بمركز الدراسات والأبحاث الحسَّانية بالعيون.

وقد أظهرت هذه الجلسات سلسلة من النقاشات التي ركزت بالخصوص على كون الصحراء فضاء للتعدُّد والتنوُّع سواء على مستوى التصوُّرات أو على مستوى الأزمنة، وهي أيضاً فضاء متحرِّك عرف قطائع كثيرة بانتقاله من العيش البدوي إلى مرحلة ما بعد البداوة. كما تمَّت دعوة المثقف الصحراوي إلى ضرورة التركيز على المنظومة القيمية لأهل الصحراء، سواء من خلال تمثل الفضاء الخاص والعام، أو من خلال مقاربة تيمة التنشئة الاجتماعية من منظور بيداغوجي، وأيضاً من خلال دراسة تدبير الندرة والقبيلة والهوية والخصوصية المحلية.

إلى جانب ذلك، أثارت تدخلات أخرى الحاجة إلى تعزيز المناطق الصحراوية ببنى تحتية ثقافية ومؤسسات جامعية مراكز البحث العلمي، إلى جانب إدماج ثقافة الصحراء في المقررات والمناهج التعليمية وإدراجها في مختلف السياسات العمومية واستراتيجيات التنمية المستدامة.

وتُوِّجت هذه المائدة المستديرة التي تناولت موضوع “ثقافة الصحراء والتنمية/ تحديات ورهانات” بإصدار التوصيات الأولية التالية:

– مأسسة الحسانية، وتفعيل المقتضيات الدستورية ذات الصلة بالحقوق اللغوية والثقافية الحسانية، وذلك بالتعجيل بإصدار القانون التنظيمي الخاص بتفعيل وإدماج الحسانية في كافة مناحي الحياة العامة

– إدماج الحسانية في منظومة التربية والتكوين، مع ضرورة العمل على تعميم تدريسها في المناهج التربوية وكافة مستويات التعليم.

– تقوية حضور الحسانية لغة وثقافة وحضارة في السياسات العمومية والبرامج الحكومية، مع دعم وتشجيع الفاعلين المهتمين بثقافة الصحراء من باحثين ومبدعين وجمعيات وفنانين..

– جبر الاضرار التي لحقت بالتاريخ والثقافة و اللهجة الحسانية.

– دعم البحث العلمي في مجال التاريخ والثقافة و اللهجة الحسانية.

– أجرأة الشراكات في مجال تثمين والنهوض بالموروث الثقافي الحساني وتثمينه.

– تأهيل الموروث الثقافي وحمايته وجعله رافعة لكل تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة.

– تبني المقاربة العلمية في التعاطي مع مسالة التعدد اللغوي و الثقافي واللهجي.

– تحقيق وتجميع المخطوطات والوثائق والتراث الثقافي المادي، وإنشاء متاحف تهتم بهذا الإرث التاريخي الثقافي.

– تنظيم حملات توعوية لإبراز دور الثقافة في التنمية المستدامة.

– خلق إطار وطني يعنى بصيانة التراث الثقافي الصحراوي في أهم عناصره ومكوناته.

وفي ختام هذه المائدة المستديرة أعطيت الكلمة لابراهيم الحيسن الكاتب العام لفرع اتحاد كتاب المغرب الذي شكر كل المساهمين في إنجاح هذا اللقاء الفكري والثقافي من أفراد ومؤسسات، قبل أن يستعرض الملامح العامة لنشاط ثقافي وازن ستشهده مدينة العيون قريباً تحضره وتشارك فيه نخبة من أميز الكتاب والمبدعين العرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *