آراء

جماعة تاكونيت .. بين الاستغلال العشوائي والفساد الإداري

إن الحديث عن مغرب الحداثة والتنمية المستدامة، في ظل التكنولوجيا والعولمة، يشعرنا بالغيرة عن منطقة تقع في أقصى الجنوب الشرقي المغربي.

إنها تاكونيت التي يتجاوز عدد سكانها 45 ألف نسمة. تنطوي تحث لوء اقليم زاكورة وتتكون من جماعتين (جماعة كتاوة وجماعة تاكونيت)، وسنقتصر الحديث في هذا الصدد على جماعة تاكونيت التي أسست سنة 1959 وتتكون من (قصر بني حيون، قصر خسوان، قصر ايت الربع، قصر الزاوية الصالحية الأولى، زاوية لالة حليمة، الزاوية الدخلانية، قصر تابوريت، قصر أيت بوداود، قصر ابني صبيح، قصر بني هنيت، قصبة الرملة، قصر أدوافيل، قصر الكنازطة، قصبة أيت اسفول، قصر نصراط، دوار بني امحمد “نصراط”، قصر بو شعرة، زاوية سيدي يحيى، الزاوية الصالحية الثانية …)، وسنركز على الوضعية الاجتماعية والاقتصادية  التي يحز في النفس الحديث عنها.

ويمكن البدء بالبنية التحتية الشبه منعدمة.

وأنت على مقربة من دخول حضن هذه المدينة البسيطة تعاكسك بنايات محكمة التصميم،مثقنة الوضع تحتل مساحة كبير تجاوزت الكلمتر مربع. سرعان ما تقترب منها حتى تكتشف أنها ثكنات عسكرية ومنازل جنود مهجرين.

تستمر في الانعراج فتتملق عيناك نحو منازل مبعثرة هنا وهناك، مزخرفة بأقواس اسمنتية، تتخللها ذكاكن تجارية مغلقة.

وعلى جانبك الايمن مركب سوق كأنه قلعة عسكرية مهجورة.

ما كل هذا الى محاولة بسيطة لوصف جمال عجوز أكل عليه الدهر و شرب.

وما أثار دهشتنا هو دور الجماعة المحلية داخل هذا النسق السوسيوثقافي. عندما تنعدم النظافة وتندثر الشوارع والازقة، وتجد الرمال تغطي معظم الاماكن العمومية.

وتغيب المنتزهات والطرق واللمسات التجهيزية. أما الإنارة فعلى طول الشارع الكبير توجد مصابيح تتناوب الواحدة عن الأخرى، بحيث تعمل الاولى لساعات وتتوقف، لتنتظر الثانية دورها للإضاءة، هذه العملية تتم لمدة أربعة ساعات ونصف الساعة، أما الازقة الفرعية فتنعدم الإنارة كليا.

هل حقا هناك جماعة محلية في هذه المنطقة؟

ما دور هذه الجماعة؟ هل من حقها استخلاص وجمع الضرائب من المواطنين؟

وما علاقة الانتخابات بالتسيير الاداري داخل الجماعات المحلية؟

قبل ملامسة هذه الاسئلة تجدر الاشارة الى أن المنطقة تتوفر على مستوصف صحي وحيد ينعدم من أبسط اللاوازم الضرورية، ويتوفر على ممرضين ومتدربين يجيدون توظيف الكلمات النابية، ناهيك عن الأدوية التي لا يعرفون السكان كيفية الاستفاذة منها وعن طريق ماذا.

يستجد النقاش بإستحضار السوسيولوجي “ريمي لوفو” في كتابه الفلاح المغربي المدافع عن العرش. تحدث فيه عن دور المجتمع القروي في الحفاظ والدفاع على العرش، وقال بأن النظام السياسي و الانتخابات بالمغرب تسودها الزبونية والمصلحة الشخصية وركز على مسألة القرابة ودورها في الدفاع على النسق السياسي، بحيث اعتبر تعدد الاحزاب السياسية بالمغرب ضرب في الديمقراطية، لأنهما ليسوا سوى امتداد لحزبين سياسين في الاصل.

من خلال هذا الطرح يمكن الانطلاق من عنصر القرابة و الزبونية، كمركز للتوجه السياسي بتاكونيت وأطرح سؤال، هل هناك انتخابات شفافة مراعية للمتطلبات السوسيواقتصادية للمواطن بتاكونيت، أم هناك ولايات تأمرية على مراكز ادارية؟

اعتقد أن عنصر المصلحة الشخصية و المساومات حاضر بقوة داخل النسق السياسي و الانتخابات في هذه المنطقة، يتجلى كذلك بشكل واضح من خلال الاشخاص الموظفين داخل الجماعة المحلية وفي الحملات الانتخابية، هذه الاخيرة التي تسخر كل ما له علاقة بالقرابة والسلطة الابوية في استمالات التوجهات الشخصية للمواطنين، وتحصيل نصيب كافي للظفر بالمقاعد المؤهلة لتحصين الرئاسة على مستوى الجماعة.

ففي الانتخابات يحضر الرأسمال الرمزي المزيف من خلال الاعتماد على بركة الاجداد والنسب وكذا الجاه، والمصلحة المؤداة في الزمن الماضي البعيد.

إذن و أمام هذا التشابك المزيف و الباطل، لا داعي للحديث عن دور الجماعة المحلية بتاكونيت، لان هذا الدور سيظل يسير وفق متطلبات وتوجها اللبيات المتحكة فيه.

لا ننكر بأن هذه الجماعة تتوفر على موظفين شرفاء يتجاوزون ما هو شخصي لخدمة الشعب، لكن وكما يقول المثال الشعبي إذا فسد الرأس فلا داعي لتنظيف السمكة، رغم هذا سنظل نقول بأن الساكت عن الحق شيطان أخرص.

إذن ما دمنا نساق بمقود العاطفة فلا داعي انتظار التغيير، لأن الاشكال يرتبط بما هو ثقافي عرقي وليس بما هو فكري ايديولوجي.

هناك من ينادي بالاحتجاج والتصدي المباشر للهذه السياسات، لكن يصطدم بذلك الطابوه الثقافي الذي يربط المقدس بالمدنس والفكري بالخرافي، ويحضر فيه منطق الحشومة وعيب في التسيير الاداري.

وبالتالي فالظرفية تنادي بنضال علمي معرفي قصد خلخلت الافكار المسبقة،وزعزعت كل ما له علاقة بالقرابة والزبونية والمصلحة الشخصية، بحيث ستنصهر الذات الشخصية في أنا الجماعة، التي تراعي المصلحة الكلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *