متابعات

حق الاحتجاج .. بين الخطاب والواقع في مخيمات تندوف

لا تزال قصص الفساد تنخر قيادة البوليساريو، وتثير الكثير من الجدل والإستنكار داخل مخيمات تندوف، إلى درجة أن أصوات كثيرة أصبحت تتعالى منددة بهذا الفساد الذى بلغت رائحته عنان السماء وأزكمت أنوف المتعاطفين قبل الخصوم.

هذه المخيمات التي ما فتئت تعيش على نار مشتعلة، تؤججها احتجاجات المحتجزين هناك على ما يعانونه من الجوع والفقر والتهميش وانتهاك حقوقهم الشرعية مند سنين ، بسبب  فساد واستبداد عصابة الرابوني، التي كانت قبل المظاهرات الأخيرة المتوالية،  تسير شؤون المخيمات كضيعة فيودالية.

لقد وصلت الوضعية فوق أرض تيندوف إلى درجة الاحتقان، وباتت تندر بكارثة إنسانية حقيقية ما يؤكد على أن قيادة البوليساريو تعيش آخر أيامها، وبان تحقيق حلم أولياء نعمتها جينيرالات الجزائر بدأ يتبدد ومعه أطروحة الانفصال، وبأن أبناء الصحراء المغربية المغرر بهم، فهموا اللعبة وينتظرون الفرصة للعودة إلى أحضان الوطن الأم.

فمند مدة والمواطنون هنا بالاقاليم الجنوبية يتساءلون عن أسباب اختفاء العديد من أبواق الجزائر المحرضين على الفتنة الداخلية أمثال امينتو حيدر والتامك ودحان و غيرهم من حضور أي محفل دولي تناقش فيه قضية الصحراء المغربية ما يزكى فرضية اقتراب إفلاس الجمهورية الوهمية خاصة بعد  تخلي مجموعة من الدول والمنظمات المانحة عن دعمها كما جرت العادة.

ولعل هذا التخلي عن الدعم المالي والمعنوى،الذي هو في الواقع مجرد تحصيل حاصل، والذي يتجلى في  فقدان المانحين الثقة في شرذمة المرتزقة المتنفعين بعد أن سقط  اللثام عن واقعهم الفاسد الانتهازي المتسلط ،إثر الفضائح  المتواترة المدوية ، ووقوف تلك  الجهات من دول و منظمات  دولية   على تلاعب و استرزاق قيادة البوليساريو من تلك المساعدات الموجهة لابناء الصحراء و  على واقع المعاناة الحقيقية  للمحتجزين داخل المخيمات و وكذلك  على زيف الادعاءات بالدفاع عن مصالحهم.

و حالة محجوبة محمد حمدي الداف ماهي إلا حكاية جديدة من حكايات الفساد الذي شاخ في تشكيلات قيادة اليوليساريو والتي أسقطت آخر أوراق التوت عن عورة هذه الأخيرة وإنتفاضة ”شباب  التغيير” داخل المخيمات و إحتجاجهم على سوء التدبير والسياسة الغير رشيدة لقيادة لا تمتهن سوى النهب وسرقة المساعدات الإنسانية.

و هذا الحراك الاجتماعي من داخل المخيمات ما هو إلا دليل على أن هناك مرحلة جديدة و ستكون هذه الخطوة بداية لكسر حاجز الخوف و الرعب الذي خيم لعقود طويلة على رحاب اللجوء، وهذه فرصة كدلك لإظهار حماسة وشجاعة الشباب الصحراوي وجديته في التغيير للخروج بشعبه من الحفر المظلمة  التي يعيش فيها منذ عقود، وتحقيق الكرامة والديمقراطية التي ظلت لسنوات خلت عبارة عن خطابات هلامية و عبارات جوفاء تتغنى بها القيادة الوهمية لجبهة البوليساريو لتلميع صورتها أمام المنتظم الدولي على أنها الضامن الوحيد و الأوحد لحقوق الصحراويين و الساهرة على إرساء قيم حقوق الإنسان في مخيمات اللجوء ليظهر بالملموس عكس ذلك عن طريق التوزيع الغير العادل للمساعدات الانسانية التي تديرها قيادة اليوليساريوا بطريقتها الخاصة عبر توزيعها حسب الولاءات و العلاقات العائلية والقبلية.

إن إنعدام العدالة و الديموقراطية وعدم إحترام حقوق الانسان و التي من أهمها حرية التعبير و المشاركة في إتخاد القرار السياسي و أحقية التداول على السلطة عبر السماح للأجيال الشابة بالقيام بدورها في القيادة و التسيير، ما هو إلا تأكيد على التسيب والفساد الذي أصبح قاعدة ثابتة و عملة رائجة في دواليب قيادة البوليساريو التي إتخدت من حمادة الجزائر وطنا بديلا عوض قنطرة للعبور إلى الوطن الأصل لأنها بطبيعة الحال تعيش في هذه الوضعية حياة الرفاهية غير مكترتة بمعاناة شعب ضحى بسعادته و ترك مصيره بين أيادي غير أمينة تعبث به و تستتمره لمصالحها الشخصية الضيقة .

وراكمت عصابة الرابوني من خلال هاته الوضعية ثروات كبيرة على حساب معاناة صحراوييي المخيمات، الذين يعيشون مأساة حقيقية بحيث أصبحوا رهائن لقيادة فاسدة تكدس الأموال في ابناك سرية باسبانيا والبهاماس وغيرها من الملادات  الضريبية و تنتهج المحسوبية و تستثمر معاناتهم التي لا تطاق لتحقيق مكاسب شخصية، و هذه الممارسات أضحت محط انتقاد العديد من الشباب الصحراوي الناقم على الوضع و المعارض لسياسة قادة الرابوني الذين يصفونها بالقيادة العاجزة الفاسدة، مؤكدين على أنها لم تقدم لسكان المخيمات بعد وقف إطلاق النار أي شيء يذكر و أن كل ما تقدمه قيادة البوليساريو هو  المتاجرة بمعاناة النساء و الأطفال و الشيوخ في جحيم المخيمات أمام أفق مظلم و مسدود لا حل له ما عدى الانتظار تم الانتظارولا شيء غير الانتظار.

لقد آن الأوان للمنظمات الحقوقية الدولية ان تقوم بدورها الحقيقي  بموضوعية وواجب انساني نبيل،  وتدخل على خط ما يقع بتندوف لإنقاد المحتجزين هناك من كارثة إنسانية وحقوقية ستقع لا محالة إذا ما بقيت الأمور على ما هي عليه الآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *