كواليس

جحيم اسمه تندوف

تُشير التقارير الحقوقية الصادرة عن منظمات دولية تُعنى بحقوق الإنسان، إلى أن السكان الصحراويون بمدينة تندوف الجزائرية يعيشون أوضاعاً إنسانية مزرية تتراوح بين سوء المعاملة والحرمان من كافة الحقوق الأساسية والتنكيل.

وحسب المعطيات المتوفرة من هناك فإن سكان مخيمات تندوف وعددهم حوالي 80 ألفاً حسب إحصائيات منظمات دولية ينقسمون إلى فئتين؛ الأولى وهي قليلة العدد جدا مقربة من مراكز النفوذ في جبهة البوليساريو وتتمتع بحياة عيش رغيدة، بينما تئن الفئة الثانية تحت وطأة ظروف اجتماعية قاسية محرومة من أية امتيازات بل ومحرومة من أدنى الحقوق الضرورية.

وتعاني الفئة الثانية التي تشكل الغالبية الساحقة من السكان من سوء التغذية وضعف الرعاية الصحية والتطبيب، بالإضافة إلى حرمانها من الحصول على أوراق الإقامة والهوية وتمنع عليهم حُرية العودة إلى بلدهم المغرب، كما تعمل مليشيات البوليساريو على فرض نظام الزبونية والمحسوبية لإحكام السيطرة على المواطنين الصحراويين المحتجزين داخل المخيم، وتفرض عليهم الولاء والطاعة بقوة النار و الحديد لقادتها مقابل الحصول على بعض المكاسب والامتيازات البسيطة.

تقع مخيمات تندوف التي تحمل نفس اسم المدينة المتواجدة بها بعمق الصحراء الجزائرية في جنوبها الغربي على الحدود مع الأقاليم الجنوبية للمغرب وشمال موريتانيا، وتضم المخيمات التي أنشأها “البوليزاريو” في سبعينيات القرن الماضي حين كان المغرب منشغلاً باسترجاع أراضيه الجنوبية من المستعمر الإسباني واقتادت إليها المئات من المواطنين الصحراويين المغاربة ووزعتهم على أربع مخيمات، وأعلنت أنهم “لاجئون” بينما يَعتبرون أنفسهم مُحتجزين.

يصف محتجزون سابقون لدى جبهة البوليساريو، مخيمات تندوف بـالجحيم، وذلك في إشارة إلى حجم العذاب الذي يتعرض له “الرهائن الصحراويون” في تلك المخيمات، فعلاوةً على قساوة المناخ الصحراوي الحار أغلب فترات السنة والبارد ليلاً في فصل الشتاء، وطوال سنوات الانتظار بالمصير الموعود، تبقى الإجراءات الصارمة التي تفرضها قوات البوليساريو على السكان أكثر ما يضايقهم وتجعل حياتهم جحيماً لا يطاق، حيث أن العناصر المسلحة التابعة لجبهة البوليساريو لا تترك صغيرة ولا كبيرة في شؤون السكان الصحراويين إلا وتدخلت فيها.

ووفقاً لشهاداتِ آخر فوج هَرب من تنْدوفْ قُدمت في ندوة صحفية فإن أبسط الحقوق لا يتمتع بها سكان المخيمات الأربعة، ومن بينها السكن اللائق، حيث يؤكد الهاربون من هناك أن سلطات جبهة البوليساريو لا تراعي النمو الديمغرافي، إذ أن أغلب المحتجزين لا يزالوا حبيسين خيمة يتيمة رغم مرور أزيد من 40 سنة، ولا تسمح لهم الظروف المادية الصعبة من إضافة مسكن آخر لاستيعاب نمو الأسر والعائلات، ولا تبادر البُوليساريو ببناء منازل أخرى لمواكبة التزايد السكاني، الأمر الذي جعل الكثير من الأسر والعائلات عُرضة للتشرذم.

وحسب شهادات مستقاة من داخل المخيمات؛ فإن السفر إلى أي مدينة في الجزائر يخضع لرقابة شديدة، تتطلب من الراغبين في ذلك لإذن مشترك موقَّع من طرف سلطات البوليساريو والجزائر، وتُؤكد تلك الشهادات بأن تصريح التنقل لا يُمنح لأي كان وإنما يتم على أساس شروط ومعايير يُحددها المسؤولون بالمخيمات، ولا تنتهي معاناة المسموح لهم بالتنقل عند هذا الحد، ذلك أن الجيش الجزائري يقيم نقاط مراقبة وتفتيش على الطريق الخاص الذي يسلكه المسافرون الصحراويون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *