اقتصاد

بوسعيد: الشراكة بين القطاعين الخاص والعام ليست عملية خوصصة

أكد وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، الاثنين بالرباط، أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص ليست عملية خوصصة، بل تعد تحالفا يهدف إلى بلورة مشروع بهدف تنمية الاقتصاد وتمكين المواطنين من الاستفادة من خدمات تنافسية وذات جودة.

وأوضح بوسعيد، خلال افتتاح المؤتمر المنظم بشراكة مع مجموعة البنك الدولي حول موضوع “عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص: تحالف من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية”، أن الأمر لا يتعلق بتراجع للدولة، بل تعزيز دورها من خلال إنجاز عدد من مشاريع التنمية في مختلف القطاعات التي يمكن أن تشكل موضوع شراكة بين القطاعين العام والخاص، استنادا إلى أهداف واضحة.

وأبرز أن الشراكات بين القطاعين العام والخاص تمكن من تسريع وتيرة التنمية الاقتصادية بالمغرب، وتعزيز الاستثمارات العمومية التي تطورت بشكل ملحوظ منذ حوالي 15 سنة، لتتضاعف بـ 2,6 مرة.

وقد تعزز الإطار التشريعي المغربي بإصدار القانون رقم 12-86 المتعلق بعقود الشراكة بتاريخ 22 يناير 2015، والمستند إلى أفضل الممارسات الدولية والذي يعد إطارا شاملا وموحدا لإعداد وإسناد والإشراف على عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

ويفتح هذا القانون، يضيف الوزير، مجال تطبيق الشراكات بين القطاعين العام والخاص، أمام مجموع قطاعات نشاط الدولة والمقاولات العمومية دون استثناء ويمكن من تعزيز الخدمات والبنيات التحتية الضرورة لتقديم خدمة عمومية ذات جودة. واستعرض الامتيازات التي توفرها شراكات القطاعين العام والخاص، بالنظر للكلفة الإجمالية والبحث الدائم عن استمرارية وفعالية الخدمة العمومية ذات الجودة، مبرزا في الوقت نفسه مخاطر هذه الشراكات المرتبطة على الخصوص بالطبيعة المعقدة للعقود ومدتها في بيئة تشهد تطورا مستمرا وكذا استدامة ميزانية الالتزامات المتعاقد عليها.

وبذلك، فإن نجاح الشراكة بين القطاعين العام والخاص رهين بجودة الإعداد القبلي للمشاريع، والشفافية في إسناد العقود، وتوافق انتظارات المواطنين والقطاعين العام والخاص، وكذا تعبئة المانحين.

من جهته، تطرق الوزير المنتدب المكلف بالنقل، نجيب بوليف، إلى دور البنيات التحتية في تقليص التفاوتات الاجتماعية والولوج إلى خدمات ذات جودة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدا أن قطاع البنيات التحتية سيعرف توقيع العديد من الشراكات بين القطاعين العام والخاص.

وأشار إلى أن الوزارة أحدثت قسما مكلفا بالشراكة بين القطاعين العام والخاص للتفكير بشأن مشاريع على المدى القصير والمتوسط والطويل، التي من شأنها أن تشكل موضوع شراكة بين القطاعين العام والخاص.

من جهته، استعرض وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، عبد القادر عمارة، حصيلة إنجازات القطاع الطاقي في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، المبرمة في قطاعي الكهرباء والماء.

وعبر الوزير عن الأسف لكون إنجاز أول مشروع للشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الماء انتظر عشرين سنة بعد إنجاز أول مشروع يهم قطاع الكهرباء سنة 1994، موضحا من جانب آخر أن هذه الشراكات لا تشكل سوى مرحلة انتقالية نحو حل مستدام، مستقبلا، يتمثل في تحرير سوق الكهرباء.

وسجل أنه وعلى الرغم من تمكن المغرب من كسب التحدي في مجال تأمين التزود بفضل آليات مبتكرة، غير أن اللجوء إلى الشراكة بين القطاعين العام والخاص لا تشكل سوى مرحلة انتقالية نحو سوق أكثر تحررا وتنافسية سيمكن المستهلك من التوفر على حجم كيلوواط/الساعة يعكس واقع الكلفة والسوق.

ويندرج تنظيم هذا المؤتمر في إطار المجهودات التي تبذلها وزارة الاقتصاد والمالية من أجل إرساء إطار مؤسساتي وقانوني لتعزيز اللجوء للشراكة بين القطاعين العام والخاص. كما يأتي تنظيمه إثر إصدار القانون رقم 12-86 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص والذي يعد إطارا شاملا وموحدا لإعداد وإسناد والإشراف على هذا الجيل الجديد من العقود.

وسيمكن هذا الإطار القانوني والتنظيمي من اعتماد نوع جديد من الحكامة والتدبير العمومي مع ضمان جودة عالية في إعداد وتنفيذ المشاريع واستدامتها الميزانياتية وكذا استمرارية وفعالية الخدمة العمومية ذات الجودة، علما أن هذا الإطار القانوني والتنظيمي تم إعداده بناء على الدروس المستخلصة من التجربة المغربية الغنية في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مختلف القطاعات لاسيما الطاقات المتجددة والري والنقل الحضري.

وهكذا، فإن تطوير اللجوء للشراكة بين القطاعين العام والخاص سيمكن من تعزيز الخدمات والبنيات التحتية الاقتصادية والاجتماعية والاستفادة من القدرات الابتكارية والتدبيرية والتمويلية التي يتوفر عليها القطاع الخاص، وذلك من أجل تطوير التنافسية الاقتصادية للبلاد وتحسين مستوى عيش المواطنين مع مراعاة توازن جهوي متناغم.

وفي هذا الصدد، يؤكد المؤتمر إرادة والتزام الحكومة من أجل تعزيز اللجوء إلى هذا الشكل الجديد من الطلبيات العمومية، باعتباره أداة ابتكارية تساهم في تسريع الاستثمار العمومي لتحقيق مشاريع جديدة للتنمية ومواكبة أوراش الإصلاح والتحديث المعتمدة من قبل المغرب.

ومن شأن تنظيم هذا المؤتمر حول أربعة محاور تهم على التوالي قطاعات البنيات التحتية والنقل والطاقة والماء والفلاحة والصحة والتعليم العالي، أن يتيح رؤية واضحة حول التوجهات والأولويات الحكومية وتقديم المشاريع العمومية الممكن إنجازها عن طريق عقود الشراكة مع القطاع الخاص، وذلك بهدف تعزيز نجاعة التدبير العمومي في انسجام مع تطلعات المواطنين والدولة والقطاع الخاص على مستوى جودة الخدمات المقدمة وترشيد التكاليف ومردودية رؤوس الأموال المستثمرة.

كما يشكل هذا المؤتمر فرصة للقاء بين الفاعلين العموميين والخواص الوطنيين والدوليين من أجل تبادل تجاربهم وخبراتهم في إدارة مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتحديد الآليات والتركيبات المالية الابتكارية في هذا المجال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *