مجتمع

صحفي مصري يكتب عن المغرب وأكادير .. “في المغرب لا تستغرب!”

سمير عمر مدير مكتب قناة سكاي نيوز عربية بالقاهرة
سمير عمر مدير مكتب قناة سكاي نيوز عربية بالقاهرة

مقال رأي:

علي غير عادتي في الأسفار، إمتنعت عن متابعة آخر أخبار البلد المسافر إليه، مكتفيا بما أمتلك من معلومات عامة، وتجنبت الإفراط في الحصول علي بيانات عن المدينة التي سأزورها مستغنيا بما حصلت من معارف سابقة.

فالبلد هو المغرب جناح الوطن العربي الأيمن والمدينة هي أكادير واسطة عقد المملكة والشرفة الواسعة المطلة علي الأطلنطي.

كنت حريصا أن أترك نفسي لتقتنص ألق النظرات الأولي لأماكن لم أزرها ودهشة التعرف علي عادات لم آلفها وأشخاص لم ألتقهم من قبل.

المساجد والحانات

يطلب رفقائي الراحة بعد معاناة سفر طويل أما أنا فتجذبني الرغبة في استشراف المدينة التي تخشي النوم، فأقرر الخروج، أسأل موظف الاستقبال في البداية عن اتجاه القبلة في حجرتي إذ لا علامات تؤشر له في الحجرة.

يرشدني لأن أولي وجهي شطر اليمين بزاوية ميل تسعين درجة، وما إن يطمأن لنجاحه في توجيهي للقبلة حتي أبادره بسؤالي الثاني: كنت شاهدت علي مدخل الفندق لافتة كبيرة لنادي قمار هل يتبع النادي لإدارة الفندق وهل يحق لي دخوله؟ يضحك الرجل ويجيب يحق لك بالتأكيد بعد أن تؤدي الصلاة.

في السيارة أرو لصديقي واقعة موظف الاستقبال، فيجيبنا رفيقنا المتفضل بتوصيلنا إلي حيث نريد: “نحن في المغرب لدينا من المساجد الكثير ولدينا من الحانات والملاهي الكثير، وعلي الإنسان أن يختار. ولا صاحب المسجد يحقد علي قاصد الملاهي ولا قاصد الملاهي حاقدا علي صاحب المسجد”، تعحبني القاعدة حتي أتعرف علي كلمة السر: “فالمغرب لا تستغرب”.

الميلاد الثالث

في التاسع والعشرين من فبراير عام ألف وتسعمئة وستين ضرب زلزال عنيف مدينة أغادير القديمة فدكها دكا وحصد أرواح نحو اثنى عشر من أبنائها وخلف مثلهم في عداد الجرحي ونحو خمسة وثلاثين ألفا بلا مأؤي ساعتها قال الملك محمد الخامس: “لإن حكمت الأقدار بخراب أغادير فإن بنائها موكول إلي عزيمتنا وإرادتنا”.

ولدت أغادير من بعد الزلزال مرة ثانية حتي صارت واحدة من أهم المدن المغربية، واستضافتنا المدينة ضمن فعاليات المنتدي الدولي الثالث للإعلام الذي تنظمه جامعة إبن زهر، وشملنا الجميع بحفاوة بالغة وتقدير غير محدود بدءً من رئيس الجامعة الدكتور عمر حلي ورئيس المنتدي الدكتور حسن حمائز والمدير التنفيذي إدريس أبو ريحان حتي فريق العمل عظيم الهمة من موظفين وصحفيين وكتاب وشعراء وأصدقاء.

أما الطلبة والطالبات الموكول إليهم مهمة تنظيم وتسيير شئون المنتدي فكانوا أكثر من رائعين وقد تمكنوا رغم قلة الخبرة وضعف الإمكانات من تقديم شئ متميز حقاً دفعني للقول: إن ميلادا ثالثا للمدينة سيكون علي أيدي هؤلاء لا محالة.

زيت الأرجان

إذا ذهبت إلي أكادير إحرص علي شراء زيت الأرجان نصيحة وجهها لى كل من عرف أننى متوجه إلى أكادير وزيت الأرجان أو كما يسميه البعض لوز البربر يستخرج من شجرة نادرة في جنوب المغرب ووفقا لشيوخ أكادير يصلح الزيت لكل شئ من الطعام إلى تنعيم الشعر ومقاومة سقوطه إلى التجميل.

ذهبت والصديق الإعلامى الرياضى هانى توفيق لشراء الزيت من معصرة بأحد الأحياء الشعبية وكانت جولتنا بالحى ممتعة عرفتنا على وجه لا يراه الكثيرون من قاصدى المدينة السياحية.

الألتراس فى كل مكان

تزامن مع مشاركتنا فى منتدى أكادير للإعلام لقاء النهائي فى الدورى المغربي بين حسنية أغادير والوداد البيضاوى أحد أكبر أندية المغرب. وفيما كنا نسير على كورنيش أغادير الممتد فاجأنا العشرات من مشجعى الوداد يرتدون لباس النادى الشهير وهم يغنون أغانى الألتراس ويهتفون باسم ناديهم كانوا يشبهوا إلى حد كبير مشجعى الأندية المصرية فى أغانيهم وحركاتهم وفى السيطرة المطلقة لكبار المشجعين “الكابو” على بقية المشجعين. فاز البيضاوى بالمباراة وطاف مشجعوه أرجاء أغادير فرحا بالفوز دون وقوع خسائر.

الإعلاميون المصريون وفتة الكوارع

فى مطعم حمل اسم النيل الأزرق يتوسط مدخله تمثال مقلد لأبى الهول ومن بين فقراته فقرة التنورة التى يؤديها أحد الفنانين المصريين كان لقاء العشاء الأخير للوفد الإعلامى المصري المشارك فى المنتدى ضم العشاء المذيعة إيمان عز الدين والإعلاميين شريف فؤاد وهانى توفيق والزملاء الصحفيين المتميزين وليد عبد الرحمن وعصام خضر بوكالة انباء الشرق الأوسط والإعلامى اللبنانى الصديق منير الحافى والإعلامية والكاتبة المغربية وفاء صندى هذا إلى جانب مسؤول المنتدى الدكتور حسن حمائز.

قال أحدنا مداعبا الجرسون بما أننا فى مطعم مصري هل عندك فتة كوارع؟ وما إن سمع الجرسون الكلمة حتى انفجر فى الضحك لفت المشهد انتباهنا جميعا فكررنا ودن اتفاق كوارع كوارع فسقط الجرسون من كثرة الضحك تصورنا أن الكلمة تحمل معنى آخر فى المغرب وما أكثر هذه الكلمات التى تحمل معان مختلفة.

لكن الدكتور حمائز قال لنا لا بل هى تحمل ذات المعنى لكن فى أغادير لا يعرفون طبخها على الطريقة المصرية. ودعنا الجرسون المغربي وهو يردد كوارع ثم يواصل الضحك.

الجماعة الصحفية لا تعرف الحدود

فى الجلسة الختامية للمنتدى تفضل المنظمون بتكليفى بقراءة التوصيات، ففعلت بكل سعادة وتسلم أعضاء الوفد المصري درع التكريم على اعتبار أن مصر كانت ضيف شرف هذه الدورة (استقر الدرع فى مقر السفارة المصرية بالرباط حيث سلمته فى اليوم التالى للسفير إيهاب جمال الدين الذى حرص على مشاركتنا جلسة المنتدى الافتتاحية).

كان من بين فقرات الختام تكريم الزميل محمد العلمى الإعلامى المغربي المخضرم ومراسل قناة الجزيرة فى الولايات المتحدة الأمريكية. كان حضور العلمى كفيلا بإضفاء البهجة على أعمال المنتدى. فمن يعرف العلمى يعرف كم هو بسيط ومحب للحياة ولمهنة الصحافة. وصفه أستاذه الذى شارك فى الحفل بأنه كان تلميذا مشاغبا.

فقلت: من لم يكن تلميذا مشاغبا لن يكون صحفيا ماهرا! وفى فقرة تكريم العلمي شارك الإعلامى المغربي عبد الرحيم الفارسي زميلي ومراسل سكاى نيوز عربية فى بريطانيا بكلمة مسجلة فى لندن إختتمها بقوله أما تحيتى لك أخى العلمى فستكون باقة ورد أعطيها لك الآن.

وفجأة أظلمت القاعة لتضاء الأنوار على وجه الفارسي حاملا باقة ورد جاء من لندن ليسلمها زميله فى أغادير كانت مفاجاة ميزت حفل الختام ومنحت الجميع قدرا هائلا من البهجة. ففى الأسرة الصحفية الجميع زملاء وأصدقاء مهما فرقتهم السبل وباعدت بينهم المؤسسات التى يعملون لصالحها.

صوت نجاة يعانق تجويد محمد بدر حسين

فى أغادير يصل أثير نحو أربعة عشر محطة إذاعية تبث فى أغلبها بعد منتصف الليل روائع الطرب العربي الأصيل لا يمر يوم إلا وتنثر تلك الإذاعات على مسامعنا أصوات مطربين مصريين تصادف أن سمعت نجاة أما عبد الحليم وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب فلهم فى المغرب الكثير وفى المغرب وبالتحديد لدى من تجاوزوا الأربعين بمجرد سماع اللهجة المصرية تفتح لك القلوب.

بعض هؤلاء حملونى عتابا بسبب تراجع حضور الفن المصري فى السنوات الأخيرة. فهم كما قال لى الكثيرون ما زالوا يحفظون أغانى الخمسينيات والستينيات وهم أيضا ما زالوا يحفظون جيدا إفيهات عادل إمام وفؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولى.

وفى طريقى للمطار صافح أذناى صوت آخر من أصوات قوة مصر الناعمة إذ كانت إذاعة القرآن الكريم المغربية فى سيارة الملحق الإعلامى محمد فتوح تبث تجويدا قرآنيا بالطريقة المصرية للقارئ الشيخ محمد بدر حسين.

* مدير مكتب قناة سكاي نيوز عربية بالقاهرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *