اقتصاد

اختراع قنينة كوكا كولا نباتية بالكامل

لا تزيد نسبة تدوير القناني الزجاجية في ألمانيا عن 50%، ولا ترتفع هذه النسبة بين القناني البلاستكية عن 20%. لكن يبدو أن قنينة نباتية بالكامل ستنزل الأسواق قريبًا، تنتجها كوكاكولا… فقد استعرضت شركة كوكاكولا في المعرض الدولي وورلد اكسبو بميلانو الإيطالية أول قنينة من نوعها صنعتها بالكامل من سكر القصب ومواد نباتية أخرى من الهند.
وأطلقت الشركة على القنينة اسم القنينة النباتية واعتبرتها ثورة في عالم تعبئة السوائل، خصوصًا تعبئة كوكاكولا الذي يوزع في أكثر من 120 دولة.
لا تتأثر بالسوائل
ومعروف أن الميزان البيئي لشركة كوكا كولا هو أكثر ما يقض مضاجع رؤسائها، بالنظر إلى تعبئتها الكبيرة بالقناني البلاستيكية بيت Polyethylenterephalat PET))، وبسبب التعبئة بالعلب المعدنية التي تضر بالبيئة عن التعبئة وعند التخلص منها كنفايات أيضًا.
كما أن نسبة السكر العالية في المشروب نفسه هي من أهم مصادر قلق الشركة، وأحد مصادر الاتهامات لها بالتسبب بالسمنة وداء السكري، الأمر الذي دفعها إلى إنتاج كولا محلاة بنبتة ستيفيا الطبيعية.
وتعرف هوليوود صناعة القناني من السكر منذ عقود، وما أكثر المشاهد التي يحطم فيها البطل الهوليوودي زجاجة السكر على رأس خصمه، لكن زجاج هوليوود الهش غير صالح للتعبئة ولا ينفع إلا في مشاهد الاشتباكات بالقبضات. بينما تقول مصادر شركة كوكاكولا أن القنينة النباتية لا تتأثر بالسوائل، وانها اقرب إلى البلاستيك البيئي منها إلى الزجاج. ثم أن القنينة النباتية لاتتفاعل مع السائل فيها، ولا تشكل بالتالي أي خطر صحي على المستهلك.
ويفترض، بحسب مصادر الشركة، أن تكون القنينة النباتية نباتية 100% فلا تدخل في صناعتها مركبات نفطية، كتلك التي تستخدم في إنتاج البلاستيك التقليدي، أو إنتاج قنينة الـبيت.
قصب السكر ومخلفاته
تم في عملية إنتاج القنينة النباتية تحويل السكر النباتي إلى مادة بلاستيكية طبيعية تشبه مادة بيت. واستخدم الباحثون سكر القصب، والمخلفات الناجمة عن عملية إنتاج السكر من القصب، في صناعتها. ووعدت الشركة بنزول القنينة النباتية إلى الأسواق في وقت قريب، لكنها لم تشر إلى موقف السلطات الصحية والبيئية الاميركية منها.
القنينة النباتية المطروحة هي الجيل الثاني من هذه القناني التي عملت عليها الشركة لسنوات، إلا أن المواد النباتية في الجيل الأول لم تسجل نسبة تزيد عن 30% من محتوياتها. وكشفت مصادر الشركة أن أكثر من 35 مليون قنينة من الجيل الأول نزلت فعلًا إلى السوق، وينتظر أن تنزل ملايين أخرى من قنينة الجيل الثاني خلال أشهر من الآن.
وكان تأثير الجيل الأول من القنينة النباتية على البيئة كبيرًا، بحسب مصادر الشركة، لأنه اقتصد في انبعاث 315 ألف طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون.
وينتظر أن يتحسن الميزان البيئي لقنينة الجيل الثاني أكثر بحكم تكوينها النباتي الصرف. وعلى أي حال ستستمر كوكاكولا في استخدام الجيل الأول من القنينة النباتية حتى العام 2020 ريثما يرتفع انتاج الجيل الثاني منها خلال هذه الفترة بالتدريج.
ميزان ملتبس
لم تكشف كوكا كولا عن طريقة إنتاج القنينة النباتية، وهذا يعني أن على العلماء معرفة حجم الطاقة المستخدمة في إنتاجها، وكمية ثاني أوكسيد الكربون التي تنطلق عنها، قبل أن يمنحوها اسم القنينة البيئية. فضلًا عن ذلك، خبراء البيئة يحسبون طرق التخلص من المواد أثناء عملية قياس الميزان البيئي لهذه المواد.
ولم يعرف العالم حتى الآن كيف يتخلص من القنينة النباتية، وإذا ما كان على الإنسان إعادتها إلى الشركة، أو القاؤها مباشرة في النفايات، وإذا كان من الممكن تدويرها، فهل ينبغي جمعها في حاويات خاصة بها، أم خلطها مع قناني بلاستيك بيت واعادة تدويرها؟
السؤال الآخر هو ما إذا كانت المواد السكرية التي صنعت منها القنينة النباتية قابلة للتحلل ذاتيًا إلى موادها الأولية، أم انها تعيش طويلًا، إذ يعرف العالم اليوم قناني البلاستيك وأكياس البلاستيك التي تتحلل إلى مواد طبيعية غير ضارة بالبيئة بعد فترة معينة من استخدامها. وسبق لشركة نوفيتيك النمساوية، أن تحدثت عن طريقة جديدة يجري فيها تحويل النشاء النباتي إلى أحماض الحليب البوليمرية، التي تتحول بدورها، بعد إضافة بعض المواد الطبيعية الأخرى، إلى مادة اورغانيكس الشبيهة تمامًا بالبلاستيك التقليدي.
ميزة البلاستيك النشوي أنه بيئي 100%، فالمواد النشوية من مادة أورغانيكس تمتلك كافة مواصفات البلاستيك التقليدي، لكنها تتحلل بعد أسابيع قليلة من استخدامها تلقائيًا إلى مكونها الأساسي، أي نشاء الذرة.
لكن القنينة النباتية تتفوق على القناني الزجاجية وقناني بيت، وترسم المستقبل في عالم تعبئة السوائل، لأن سمعة القناني الأخرى البيئية ليست على ما يرام كما تكشف آخر الدراسات.
ليست افضل
في هذه الأثناء، كشفت دراسة حديثة أن الميزان البيئي للقناني الزجاجية والبلاستيكيةلا يزال دون طموح علماء البيئة بعالم خالٍ من مركبات البترول. شهادة تبرئة القناني البلاستيكية، وخصوصًا البلاستيك المدور من نوع بيت وتفضيلها على الزجاج، جاءت من جهة غير متوقعة تمامًا.
أشارت دراسة علمية أعدها المعهد الألماني للطاقة والأبحاث البيئية، بتكليف من وزارة البيئة الاتحادية، إلى أن الميزان البيئي للقنينة الزجاجية لا يتفوق كثيرًا على قناني البيت. وتوصل الباحثون إلى هذه النتائج بعد تقدير الميزان البيئي لكل قنينة، بمعنى الضرر الذي تلحقه القنينة في البيئة أثناء التصنيع والاستهلاك، وأخيرًا عند التخلص منها أو إعادة تدويرها وملئها.
وشملت الدراسة، التي نشرت أخيرًا، مقارنة بين القناني الزجاجية (سعة لتر واحد)، والتي يجري استخدامها منذ 10 سنوات، وبين قناني البلاستيك المخصصة للنفايات بعد انتهاء استخدامها من سعة1 و1,5 لتر والمستخدمة في تعبيئة المياه المعدنية والمرطبات. واتضح وجود فرق ضئيل في الميزان البيئي بينهما، ولا تتفوق الزجاجية إلا في حالة نقلها إلى مسافات طويلة خارج المدن(60 كم). فالزجاجية أقل ضررًا على البيئة عند إنتاجها، ولكنها أكثر ضررًا من البلاستيكية عند التنظيف وإعادة التعبئة.
يمكن أن يعاد استخدام الزجاجة 30 مرة قبل تدويرها، وهذا يعني غسلها وتعقيمها 30 مرة خلال فترة حياتها بمختلف مواد التنظيف، في حين أن قنينة البلاستيك غير المدورة لا تحتاج إلى غسيل.
انتقادات دنماركية
جاءت الانتقادات إلى القنينة النباتية من الجيل الأول من قبل خبراء البيئة في الدنمارك، التي تعتبر من أمم العالم المتقدمة في رعاية البيئة. وهكذا كتب الباحث هنريك ساوغمانغراد في صحيفة انترناشيونال بزنيس تايمس الدنماركية ينتقد تسمية القنينة بالنباتية، واستخدام شعار يدل على التدوير فيها، مشيرًا إلى أن الشركة لم تثبت أهلية منتوجها لهذه المواصفات.
ووزعت منظمة غابات العالم الدنماركية بيانًا صحفيًا اتهم شركة كوكاكولا بالاساءة إلى كافة المبادئ البيئية، من خلال ادعائها ببيئية القنينة النباتية قبل أن يتثبت العالم من ذلك.
وانتقد كريستيان يورغنزن، المتحدث الرسمي باسم غابات العالم، توزيع الكوكاكولا المعبأة في قناني الجيل الأول من القناني النباتية في الدنمارك، قبل التثبت فعلًا من بيئية هذه القنينة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *