آخر ساعة | هام

جبهة التحرير الوطنية الجزائرية وقضية الصحراء المغربية

تصريحات الأمين العام لجبهة التحرير الوطنية الجزائرية عمار السعداني في برنامج  » قضية و نقاش «  الذي بثته قناة النهار الجزائرية مؤخرا لا يمكن أن يمر مرور الكرام للمعنيين بشكل مباشر أو غير مباشر بملف قضية الصحراء المغربية لما يحمله من دلالات عميقة و جوهرية لتعاطي الطبقة السياسية الجزائرية مع ملف كان إلى زمن قصير في يد جنرالات المخابرات الجزائرية و خطا أحمر لغيرهم و لو كان رئيس الجمهورية إن لم يتماشى موقفه مع ما تخططه و تتبناه الطغمة العسكرية خصوصا اتجاه العلاقة مع المغرب، و ما مثال الراحل بوضياف إلا تأكيدا لهذا المبدأ.

فالأمين العام للحزب الحاكم بالجزائر في تصريحاته أو على الأصح تلميحاته لم يقل كل شيء أو بعض ما يعرفه عن هذه القضية حيت أشار إلى ذلك في انتظار أن يأتي يوم سيتكلم بإسهاب في هذا الموضوع في كل جوانبه و يصارح الشعب الجزائري الذي لو علم بحيثيات هذا الملف لخرج إلى الشارع غاضبا ثائرا كما قال.

عمار سعداني صرح بضرورة مراجعة الحسابات بخصوص العلاقة مع المغرب على ضوء الخطاب الأخير لجلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء حيث توجه بالحديث إلى الطبقة السياسية الجزائرية أن تأخذ بعين الاعتبار وبجدية مواقف وحقوق المغاربة الذين بدأ الكيل يطفح بهم اتجاه التعنت و محاولة خلق البلبلة و زرع فتيل الفتنة التي طالما تبناها النظام الجزائري تجاه القضايا المصيرية للمغرب.

فهل أصبحت الطبقة السياسية الجزائرية واعية بأن صبر المغرب قد نفد وان السيل بلغ الزبى تجاه المواقف العدائية و التحرشات المستمرة للنظام الجزائري الذي ما فتئ يناوئ مصالح المغرب الإستراتيجية وذلك بمحاولة طعنه في ظهره عن طريق حماية وتسليح شرذمة من المرتزقة قصد خلق دويلة في جنوبه. أم أن الموقف الأخير الذي عبر عنه المغرب تجاه شعب القبايل بمساندة كفاحه لتقرير مصيره قد قلب كل أوراق و حسابات الجزائر و اضطرها أن تعيد النظر في علاقتها مع جارها الذي بعد أربعين سنة من الدفاع عن وحدته الترابية خطا أول خطوة هجومية لتحصين مكتسباته.

أما البوليساريو الدى كان وكما يبدو إلى وقت قريب مطمئنا إلى الموقف الجزائري في احتضانه و المرافعة عنه و الدفاع عن أطروحته فقد وقعت عليه هذه التصريحات كالصاعقة و اعتبره زلزالا مدويا لمستقبله ككل خاصة أنها أتت على لسان الأمين العام لأكبر حزب مناصر للقضية الصحراوية و هو الحزب الذي ورث اسم جبهة التحرير و تاريخها النضالي الطويل ضد المستعمر الفرنسي، مما خلق حالة استغراب و دهشة لكل افراد عصابة الرابوني، بل إن منهم من هدد بقتل عمار السعداني الذي أثارت تصريحاته توترا داخل الجبهة و التي اعتبرت الوضع الحالي شبيه بفترة حكم الراحل بوضياف.

و علاقة بالموضوع فقد أكد الدبلوماسي الجزائري السابق السيد محمد العربي على ”قناة الحوار” من لندن في لقاء مباشر حول العلاقات المغربية الجزائرية على ضرورة حل مشكل الصحراء المغربية و صب جام غضبه على جنرالات الجزائر.

وزادت التصريحات الاخيرة للمسؤولة الحزبية الجزائرية لويزة حنون التي ذهبت في نفس منحى عمار السعداني، من حنق البوليساريو وحكام قصر المرادية الذين ”اتلفوا البوصلة” كما يقول المثل الفرنسي، فلم يعودوا يدركون ماذا يحدث امامهم من تطورات واعصارات ستعصف بهم لا محالة .

فهل نشهد بداية تعقل الطبقة السياسية الجزائرية اتجاه الوحدة الترابية للمغرب وذلك بتكسير الطابو الذي فرضه جنرالات العسكر الجزائري حول قضية الصحراء المغربية و هيمنتهم على هذا الملف طمعا في الهيمنة الإقليمية و لعب دور الدر كي في المنطقة و استنزاف طاقتها و ثرواتها فيما لا طائل منه أم أن الأمر كما يقول البوليساريو لا يعدو أن يكون مجرد بروز تيار في النظام الجزائري قرر التخلي عن الانفصاليين.

وكيف ما كان الأمر فالمغرب قرر التصدي بحزم لكل من يشكك في سيادته الوطنية و أن يمد يده لكل من يرغب في التعاون على ما فيه مصلحة الشعوب المغاربية قصد إيجاد حلول للمشاكل الآنية التي تقض مضجع الأسرة الدولية من إرهاب و جرائم عابرة للقارات و الهجرة الغير الشرعية في ظل احترام لمبادئ حسن الجوار و التعايش السلمي بين الشعوب وبين الدول التي تسعى إلى التكتل بدل خلق دويلة وهمية لا وجود لها إلا في مخيلة سكان قصر المرادية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *