آخر ساعة

التنافس والتناحر على المناصب وعلى القيادة لدى البوليساريو

بعد القرار الذي اعتبر مفاجئا والقاضي بعزل محمد لمين ولد البوهالي من وزارة دفاع البوليساريو الذي تربع على رأسها لأزيد من 15 سنة وتعيينه كوزيرا لما يسمى البناء و إعمار الأراضي المحررة، بدأت تتناسل حوله أسئلة عديدة عن خلفيات هذا العزل و دوافعه و خاصة في هاته الظروف التي مازالت نتائج المؤتمر الأخير للجبهة تثير العديد من السخط و التذمر و الاستنكار بين ساكنة المخيمات.

 

فإذا كان البعض يعزو هذا العزل إلى ضرورة التغيير الذي تفرضه المرحلة نزولا عند رغبة الغالبية العظمى من الساكنة التي تزايدت مطالبها من أجل ضخ دماء جديدة في القيادة الحالية، فلقد كان من الأولى أن يكون التغيير على مستوى القيادة التي كانت موضوع الاحتجاجات الجماهيرية التي نادت برحيلها.

 

ولعل ردة فعل ولد البوهالي لهذا القرار يعطينا صورة تقريبية عن الدوافع الحقيقية وراء القرار، والتي ليست بسبب إرضاء الساكنة، بل كسر شوكته بعد تنامي نفوذه داخل المخيمات وازدياد أسهمه داخل المؤسسة العسكرية، فقرار عزل البوهالي قرار مقصود في محاولة لامتصاص غضب الساكنة و إيهامها بأن زمن التغيير و المحاسبة قد حان وقتهما.

 

وهناك من يرى أن قرار عزل ولد البوهالي فرضته الضرورة السياسية للمرحلة المقبلة بعد الإحراج الذي سببته تصريحاته للمنتظم الدولي بالتهديد إلى حمل السلاح ضد المملكة المغربية، مما وضع قيادة البوليساريو في موضع المسائلة سواء من طرف أنصارها حول مصداقية هذه التهديدات أو من طرف المنتظم الدولي الذي يقود مفاوضات سلمية للوصول إلى حل واقعي للنزاع المفتعل بعيدا عن منطق الابتزاز و المساومة و دق طبول الحرب.

 

وربط بعض المراقبين هذا العزل بالوضع في الجزائر حيث يقود الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حملة داخل الأجهزة العسكرية وتهيئة الأجواء لأخيه سعد بوتفليقة للانفراد بالحكم، وبحكم الارتباط الوثيق بين قيادة البوليساريو والدولة الجزائرية فان قرار عزل ولد البوهالي لا يمكن إلا أن يكون بمباركة من الرئيس الجزائري لأنه أصبح غير مرغوب فيه بعد التقارير الدولية العديدة التي فضحت علاقات عناصر البوليساريو العسكرية بالإرهاب و الحركات المتطرفة في منطقة الصحراء الكبرى و الساحل.

 

أما منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بمخيمات تندوف المعروف اختصارا ب “فورساتين”، فهو من جهته يؤكد بأن السبب الحقيقي لعزل ولد البوهالي من منصبه هو ما صرح به قي المؤتمر الأخير لجبهة البوليساريو، حيث أوضح بان وجوده على رأس وزارة الدفاع هو تواجد صوري و أن كل القرارات تصدر بأمر مباشر من قيادة البوليساريو، الشيء الذي اغضب محمد عبد العزيز الذي رأى في تلك التصريحات انحرافا عن سياسة الطاعة المفروضة على مرؤوسيه وفضحا لطبيعته التحكمية الديكتاتورية في تسيير شؤون الجبهة.

فقدت الجبهة البوصلة بعد المؤتمر الأخير، وأصبحت تخبط خبط عشواء في مواقفها الغامضة المتصلبة و في قراراتها الارتجالية، وان عمليات العزل واستبدال الأشخاص ما هي إلا تمويه و در الرماد في العيون لإسكات الساكنة والتظاهر بالتغيير لاستمرار القيادة عل نهجها المعتاد، إلا أن هده العملية ستكون بمثابة شرارة اندلاع نار التنافس والتناحر على المناصب وعلى القيادة، والرصاصة الأولى التي انطلقت معلنة عن بداية سلسلة حرب جديدة تحت عنوان : “من سيخلف الرئيس المريض؟”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *