متابعات | هام

الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي .. ثورة لتنمية الصحراء

إن اختيار الصحراء كمنطلق لتنزيل الجهوية المتقدمة، إنما هو تكريس للواقع على الأرض، كما أن النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية يعتبر لبنة أخرى ضمن المسار التنموي الذي انخرطت فيه هذه الربوع منذ رجوعها إلى الوطن الأم.

وتجسيدا للحرص الملكي على جعل الأقاليم الجنوبية، في صدارة تطبيق الجهوية المتقدمة ، دعا جلالة الملك محمد السادس لبلورة عقود- برامج، بين الدولة والجهات، لتحديد التزامات كل طرف، بخصوص إنجاز المشاريع التنموية.

وفي هذا الصدد، دعا العاهل الملكي الحكومة “للإسراع بتفعيل المقتضيات القانونية، المتعلقة بنقل الاختصاصات، من المركز لهذه الجهات، ودعمها بتحويل الكفاءات البشرية، والموارد المادية اللازمة، في أفق تعميم هذه التجربة، على باقي جهات المملكة”.

ومن خلال حرص جلالته على ضرورة إشراك السكان بتوفير فضاءات وآليات دائمة للحوار والتشاور ، بما يتيح تملكهم للبرامج، والانخراط في تنفيذها، قال في الخطلب التاريخي للذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء: « نضع سكان أقاليمنا الجنوبية وممثليهم أمام مسؤولياتهم بعد أن وفرنا لهم الآليات المؤسسية والتنموية لتدبير شؤونهم والاستجابة لحاجياتهم”.

وبنفس الجرأة المعهودة كلما خاطب الملك شعبه، دعا لإجراء قطيعة حقيقية مع الأساليب المعتمدة في التعامل مع شؤون الصحراء “قطيعة مع اقتصاد الريع والامتيازات، وضعف المبادرة الخاصة، وقطيعة مع عقلية التمركز الإداري”، مبرزا أن تفعيل النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، وتطبيق الجهوية المتقدمة، يندرج في هذا الإطار، وذلك تجسيدا لوفاء الملك محمد السادس بالتزاماته تجاه المواطنين بالأقاليم الجنوبية، بجعلها نموذجا للتنمية المندمجة.

وضمن هذا التوجه أعلن جلالته عن تعبئة كل الوسائل المتاحة لإنجاز عدد من الأوراش الكبرى، والمشاريع الاجتماعية والصحية والتعليمية بجهات العيون الساقية الحمراء، والداخلة وادي الذهب، وكلميم – واد نون، ومواصلة استثمار عائدات الثروات الطبيعية، لفائدة سكان المنطقة، وهو التوجه الذي سيحرص الملك محمد السادس على الوقوف شخصيا على مدى سير أوراشه وتقدمها خلال الزيارة الملكية المرتقبة للأقاليم الجنوبية.

يذكر أن النموذج التنموي لأقاليم الصحراء لا يزال محط إعجاب عدد من الدول والمتتبعين باعتباره يشكل ثورة تنموية غير مسبوقة بالصحراء، كما أنه يمثل ثورة حقيقية في مجال تدبير الحكامة.

وقد تم تقديم الخطوط العريضة لإستراتيجية تنفيذ هذا النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، و الذي يضع المواطن في صلب الأولويات، و يتمحور حول مبادئ التشارك والإدماج، مستندا على مبادئ الحكامة والمسؤولية، والهادف إلى خلق دينامية تنموية مستدامة قادرة على خلق فرص الشغل للأقاليم الجنوبية.

كما أن هذا النموذج يستهدف كذلك تشجيع المبادرة الحرة عبر إقلاع تنموي من صنع المواطن ومن أجل المواطن وجهات في خدمة المواطن وبيئة سليمة ومستدامة لفائدة الأجيال القادمة.

كما أن النموذج التنموي الجديد لأقاليم الجنوبية الذي يتطلب استثمارات بقيمة 77 مليار درهم، يروم خلق أقطاب تنافسية، ويستند على دعامات أساسية هي تقوية محركات التنمية ومصاحبة القطاع الإنتاجي وإدماج المقاولات الصغرى والمتوسطة وتطوير التنمية الاجتماعية وتثمين الثقافة الحسانية والتدبير المستدام للموارد الطبيعية وحماية البيئة وتقوية شبكات الربط والتواصل وتوسيع صلاحيات الجهات وتمكينها من آليات الاشتغال وخلق وإحداث آليات مبتكرة للتمويل.

ويكمن البعد الاقتصادي للنموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية باستهدافه إعادة هيكلة محركات النمو والتنمية وفق برنامج لدعم القطاعات الإنتاجية، في قطاعات الفوسفاط عبر مشروع فوسبوكراع والفلاحة والصيد البحري والسياحة الايكولوجية.

أما على المستوى الاجتماعي فإن البرنامج يتضمن تفعيل برامج أقطاب التميز من خلال إنشاء المركز الاستشفائي الجامعي للعيون، وإنشاء مشروع تكنوبول بمنقطة فم الواد، والنهوض بالثقافة الحسانية.

وفي بعد الاستدامة وتقوية شبكات الربط، يتمحور هذا النموذج حول ثلاث أهداف رئيسية هي حماية الثروات المائية والبحرية، والنهوض بالطاقات المتجددة، وحماية الأنظمة الطبيعية والتنوع البيئي، وتقوية شبكات الربط بين الأقاليم الجنوبية وباقي مدن وأقاليم المملكة وكذا مع باقي دول العالم.

كما يتضمن مشروع البرنامج مشروع تطوير جهة العيون الساقية الحمراء للفترة ما بين 2016 و 2021، والذي يهم أقاليم العيون والسمارة وبوجدور وطرفاية وهي البادرة التي قوبلت بارتياح وتفاؤل ساكنة الجهة وممثليها، الذين لم يفوتوا الفرصة للتعبير عن ولاءهم وتشبثهم بالعرش العلوي المجيد وسعادتهم للزيارة الملكية المرتقبة.

كما يشمل هذا النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، إنجاز مركب صناعي جديد من قبل المكتب الشريف للفوسفاط، لإنتاج الأسمدة (16,8 مليار دهم) فضلا عن إحداث “تكنوبول” بفم الواد (2 مليار درهم) والذي سيحتضن جامعة محمد السادس متعددة التخصصات بمدينة العيون، وثانوية للامتياز ومركزا لتأهيل الكفاءات.

كما سيواكب الاتحاد العام لمقاولات المغرب تفعيل هذا النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، عبر مبادرة تتضمن تعبئة الاستثمارات وخلق فرص الشغل في الأقاليم الجنوبية (5,4 مليار درهم) من خلال إنجاز 59 مشروعا من مختلف القطاعات (الطاقة والعقار والتجارة والخدمات والنقل والتربية والصحة) وهو ما سيمكن من خلق 10 ألف و 300 منصب شغل.

وفي مجال النقل واللوجيستيك، يتضمن البرنامج، مشروع تهيئة الطريق الوطنية رقم 1 الرابطة بين تيزنيت والداخلة (8,5 مليار درهم) ، وستستفيد من هذا المشروع الذي سينجز على طول 1055كلم ، ساكنة جهات سوس ماسة، وكلميم وداد نون، والعيون الساقية الحمراء، والداخلة واد الذهب،.

وفي مجال الفلاحة والصيد البحري ، يشمل هذا البرنامج مشروعين مهيكلين سيمكنان من إعطاء دينامية جديدة للاقتصاد الفلاحي بجهة العيون- الساقية الحمراء.

ويهم هذان المشروعان، على التوالي، إحداث مدار سقوي على مساحة 1000 هكتار لتنمية سلسلتي الخضروات والحليب لفائدة ساكنة وفلاحي جماعة الجريفة بإقليم بوجدور باستثمار تبلغ قيمته 465 مليون درهم، وبرنامج مشاريع الفلاحة التضامنية لمخطط المغرب الأخضر بالجهة ( 1,1 مليار درهم).

وفي ميدان الصحة فان البرنامج التنموي الجديد يشمل المركز الاستشفائي الجامعي للعيون (1,2 مليار درهم) سيوفر خدمات صحية من الجيل الثالث ، وتبلغ سعته 500 سرير ، مبرزا أن هذه البنية الاستشفائية النوعية المرجعية ستضم فضلا عن ذلك قطبا للامتياز من مختلف التخصصات (الام والطفل والانكولوجيا والطب النفسي والمستعجلات وغيرها) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *