ثقافة وفن

الحنفي أيقونة مجموعة “إزنزارن” يواجه النكران بصمت الحكماء

من يجالس محمد الحنفي هذا الهرم الفني الذي ارتبط إسمه كثيرا بمجموعة “إزانزارن إيكوت”؛ التي تغنت بجميع أشعاره وكلماته ذات الإتزان والإتساق العميق؛ التي تنساب كخرير مياه عذب من قلمه الماسي؛ لا يمكن إلا أن يقف إحتراما وإجلالا لهذه المعلمة والذاكرة الفنية؛ التي نسجت قصائد وكلمات من ذهب تسحر وتملك الفؤاد قبل الأذن؛ فكلماته همت كل شعوب العالم؛ وتناولت هموم ومعاناة الشعب المغربي؛ وقضايا سياسية ووطنية ودولية؛ وأبرز ما يمكن أن نستحضره قصيدة وأغنية”إمي حنا”الشهيرة التي بلغت العالمية.

فحينما نتحدث عن الحنفي فإن الكلمات تصبح خائنة لوصف فنان الظل بإمتياز؛ أبدع وتفنن في صمت وبعيدا عن أعين الكاميرات؛ لكن اليوم فحلاوة قصائده تحولت إلى مرارة التهميش والنسيان والظلم والحيف الذي أرخى بظلاله على حياته؛ لا من جانب المسؤولين؛ ولا من أصدقاء الأمس القريب؛ الذين أكلوا ونهشوا من ألحانه وكلماته حتى ارتوى عطشهم وإنتفخت بطونهم؛ ولم يتركوا منه سوى الجسد النحيف، الذي يلبس ثوبا بالكاد يستوي مع حجم جسده الهزيل الذي أنهكه التهميش والظلم.

فقسمات وجهه تنوب عن لسانه للتعبير عن المعاناة التي يختلجها الفؤاد المنكسر؛ فهي تكن عن تضاريس الحياة وقساواتها؛ وبعينين غارقتان في جحرهما؛ وذابلتين كزهرة سرق أريجها الفواح غصبا؛ يحكي وتكاد الدموع تسقط من عيناه عن تجربته الفنية أيام الزمن الجميل؛ وكيف ساهم في مجد مجموعتي “إزانزارن”؛ فمن مهرجان إلى آخر؛ وكانت الأموال تتساقط ولا تعرف الطريق إلا إلى جيوب المجموعتين معا، اللتين إستحوذتا على الكل وأتتا على الأخضر واليابس.

فبغطرستهم لم يتركوا له حتى الفرصة للمطالبة بحقه؛ ولم يستفد ولو من فلس واحد حسب تصريحه ؛ فبعد أن ضحى بالغالي والنفيس وسهر الليالي الطوال وجفت كل أقلامه وإنتهت كل دفاتره ولم تنته كلماته كعين ماء معدني عذب يروي كل من أصابه ضماء الكلمات؛ ليجد اليوم نفسه وحيدا؛ فما هكذا يكون رد الجميل من طرف أصدقاء ورفاق الدرب.

أما من جانب المسؤولين فالأمر أفضع بكثير فلا أحد من الجهات المختصة، ولا من النخب السياسية والاقتصادية والفنية التفتت للرجل ليجد نفسه اليوم يتخبط بين دهاليز التهميش والإهمال المظلمة؛ فالكل أولى ظهره لهذا الهرم الموسيقي تاركا إياه يتجرع ويجتر آلامه ومعاناته في صمت وينتظر قدره المحتوم؛ فمن يمسح عنه غبار النسيان والحيف؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *