ملفات

الخطاب السياسي لحزب الـ PJD .. هل صالح المغاربة مع السياسة؟

يجمع أغلب المتتبعين للشأن السياسي المغربي، أن الخطاب السياسي لحزب العدالة والتنمية، في مرحلة ما بعد حراك الربيع الديمقراطي، ساهم إلى جانب بعض مكونات الطبقة السياسية المغربية، في ارتفاع نسبة الاهتمام السياسي لدى فئات عريضة من المجتمع المغربي، خصوصا في صفوف الشباب، وهو ما تجسد بشكل جلي في المحطات الانتخابية التي عرفها المغرب خلال سنتي 2011 و2015، فضلا عن التفاعل الذي بات المغاربة يبدونه إزاء عدد من القضايا السياسية و الاجتماعية خلال الآونة الأخيرة، هذا الأمر وغيره يقودنا إلى التساؤل عن مؤشرات نجاح خطاب “المصباح” السياسي في مصالحة الناس مع السياسية.

محمد الغالي أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاضي عياض، وفي قراءته لخطاب العدالة والتنمية السياسي، أكد أنه يحظى بطابع الخصوصية، إذا ما قورن بباقي خطابات الطبقة السياسية المغربية، الأمر الذي ساهم في مصالحة جزء كبير من المغاربة اليوم مع السياسية، مشيرا إلى أن نسبة المشاركة المهمة التي عرفتها محطة انتخابات 4 شتنبر الماضية، والتي حصل فيها حزب العدالة والتنمية على أغلبية الأصوات المعبر عنها، تدل بما لا يدع مجالا للشك على وجود عامل محوري جديد ساهم في عودة المغاربة إلى التفاعل مع الشأن السياسي.

الغالي، اعتبر أن من أهم مؤشرات المصالحة السياسية التي نجح “المصباح” في تحقيقها هي ارتفاع منسوب المشاركة في الانتخابات، التي بلغت خلال انتخابات 4 شتنبر الماضي 54 في المائة، مضيفا أن هاته النسبة منحت طعما آخر لعمل الجماعات الترابية، خصوصا وأن الحزب يسير اليوم غالبيتها.

ومن بين العوامل، التي يرى أستاذ القانون الدستوري، أنها ساهمت في مصالحة المغاربة مع الشأن السياسي هو السلوك الذي أبداه مناضلو و مناضلات العدالة و التنمية، خلال حملة الانتخابات الماضية، مما ولد انطباعا خاصا لدى المواطن المغربي، وأكسبه وعيا جديدا بأن هناك أحزابا تنشد المصداقية والشفافية و النزاهة، وتسعى إلى تحقيق مصالح الوطن والعباد، وأن تحقيق هاته المصالح لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال مصالحة المواطن مع الشأن السياسي، يضيف الغالي.

وأردف ذات الأكاديمي، أن بين المميزات التي يتمتع بها العدالة والتنمية، والتي تفتقد إليها باقي الأحزاب الأخرى، هي توفره على تنوع في هياكله التواصلية، من خلال هيئاته الموازية التي ساهمت بدورها في إعادة الثقة إلى المواطن المغربي عبر خلق فضاءات أخرى للتواصل المباشر مع عموم فئات الشعب.

من جانبه عدد عبد الصمد بلكبير أستاذ التعليم العالي بجامعة القاضي عياض، مجموعة من المؤشرات الدالة على مساهمة العدالة والتنمية في مصالحة المغاربة مع الشأن السياسي، ومن بينها قدرته على استقطاب أكبر عدد من الشباب بما هو عنوان المستقبل وأمل الأمة، مسجلا أنه في الزمن المغربي المعاصر فإن “المصباح” يتربع على قائمة الأحزاب السياسية المغربية الأكثر استقطابا للشباب.

وأشار بلكبير، إلى أن أغلب وزراء الحزب المشاركين في الحكومة، من الشباب بخلاف ما هو عليه الأمر في باقي الأحزاب السياسية الأخرى، التي شاخت قيادتها، معتبرا ذلك مؤشرا مهما من مؤشرات نجاعة ومصداقية هاته المصالحة.

أما المؤشر الثاني الدال، حسب المحلل السياسي، على أن العدالة والتنمية نجح في مصالحة الناس مع السياسة، هو حضور المرأة في التمثيلية السياسية، مبرزا أنه لا يمكن اليوم لأي حزب سياسي، أن ينافس أو يدعي أنه استجاب وأطر ونظم وأعطى الفرصة للمرأة أكثر من العدالة والتنمية، ذلك أن الحزب أدرك جيدا أن المرأة هي نصف المجتمع وخزان القيم ولا يمكن في ظل غيابها الحديث أن أي انتقال ديمقراطي، يؤكد بلكبير.

الأكاديمي المغربي، اعتبر أيضا، أن من أهم ما بصم به العدالة والتنمية المرحلة السياسية الراهنة، والذي جعل منه مثار اهتمام الداخل والخارج، هو قدرته ونجاحه في تخليق العمل السياسي، مؤكدا أنه لا يمكن لأحد أن يشير بأصابع الإتهام لوزرائه أو أي مسؤول من قياداته، بأنه مس المال العام، أو استعمل منطق الزبونية أو المحسوبية، في تدبير الشأن العام.

في مقابل ذلك، سجل ذات المتحدث، بأن قيادات العدالة والتنمية، ومن خلال كل المواقع جسدت أخلاق احترام قواعد العمل السياسي، مشيرا إلى أن الحزب وخلال الانتخابات الجهوية والجماعية الأخيرة تنازل عن عدد من الدوائر، إيمانا منه بأن المرحلة الراهنة، لا يجب أن تبنى على عقلية الصراع والاحتكار والإقصاء، وإنما على منطق التكامل والتعاون والتوافق، و هو ما يعني أن العدالة والتنمية، ينتصر بالتنازلات وليس بالصراع وهي أخلاق الشعوب الحكيمة، يردف بلكبير، الذي اعتبر أن تنازلات العدالة والتنمية، من أجل الوطن بدل التنافس من أجل الحزب، تجسيد خلاق لقيمة عالية في ترسيخ أخلاق السياسية التي افتقدتها الشعوب خلال العقود السابقة، حيث انفصل العمل السياسي، عن الضمير الأخلاقي.

المؤشر الخامس الذي سجله المحلل السياسي، في هذا المضمار، والذي أكد أنه أعاد ثقة المواطن المغربي، في العمل السياسي، هو أن العدالة والتنمية، ومن موقع قيادته للحكومة الحالية، حافظ على المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية للشعب المغربي، حيث نلاحظ اليوم توسيع قاعدة الاستفادة من ثروة البلاد لفائدة فئات الشعب الهشة، التي استبشرت خيرا بالتجربة الحكومية الحالية.

من جهته، اعتبر خالد الرحموني الباحث في العلوم السياسية، أن أثر الخطاب السياسي لحزب العدالة والتنمية في مصالحة الناس مع السياسة، والرفع من منسوب ثقتهم في المؤسسات التمثيلية، يرتبط أساسا بالمصداقية والحضور المستمر لهموم الجماهير الشعبية وللوفاء للعهود وللتواضع وبناء القول السياسي على أساس الحقيقة الواجبة، ومصارحة الناس بالمعطيات وبث نفس الأمل ورفع الضيم وبذل الوسع، يقول الرحموني.

وربط المتحدث، الصعود السياسي، لحزب العدالة والتنمية والنجاح الباهر الذي حققه الحزب خلال انتخابات 2015 ، بقدرته على اختراق الطبقة الوسطى خصوصا في المدن وإقناعها برجاحة أطروحاته.

وأوضح الباحث الأكاديمي، أن الخطاب السياسي للمصباح ولأمينه العام، والذي ظل يركز على مهاجمة مراكز النفوذ ومقاومي الإصلاح، ساهم في زحزحة هاجس الخوف لدى الناس، من قوى الهيمنة والنفوذ والتسلط. وهو “خوف”، يقول الرحموني، بدأ يستعيد جرأة البروز من جديد، ويرتب للعودة للتحكم والسيطرة على تدبير شؤون الناس.

وخلص ذات المحلل السياسي، إلى أنه حتى لو لم ينجح العدالة والتنمية سوى في هذه النقطة، لكفته لتوسيع رقعة تمثيله لشرائح جديدة من الناس، ولكتبت له في ميزان إنجازاته التي قد يتجاوز أثرها حدود المغرب، لينعش ما بقي من آمال في التغيير على امتداد خارطة عالم عربي يعيش كوابيس، من شأن الحلم المغربي أن يوقظه منها.

المصدر: الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *