المغرب الكبير | هام

أطفال الخبز..طريقة للعائلات الجزائرية الفقيرة لتحصيل قوت شهر الصيام

تستغل عائلات جزائرية فقيرة شهر رمضان لكسب بعض الأموال من عرق جبينها أيضاً، وعدم الاكتفاء فقط بصدقات المحسنين وتبرعات الجمعيات الخيرية، بحيث تسخر كافة أفرادها للقيام بأنشطة تجارية بسيطة لتحصيل دخل يسد حاجات كثيرة.

وتسند هذه العائلات لأطفالها الذين لم يبلغوا الرشد بعد، مهمة أساسية لا يفارقونها طيلة أيام الصيام، تتعلق ببيع الخبز المنزلي، أو “المطلوع” كما يسمى محلياً، في أماكن مختلفة، أبرزها قارعات الطريق والأسواق الصغيرة بالأحياء وأمام المساجد.

 

أموال الخبز لشراء ملابس العيد

 

درجة الحرارة مرتفعة وسط النهار، وآثار الإرهاق والضجر تظهر بادية على أصحاب السيارات المصطفين في طابور الازدحام الرابط بين مخرج الطرق السريع بدالي إبراهيم بالعاصمة الجزائر إلى غاية مفترق الطرق بالعاشور؛ إنها الفرصة الذهبية لأيمن وأقرانه.

مع بلوغ الساعة الثانية بعد الزوال، يظهر أيمن بشعره الأشعث وملابسه المتسخة ووجهه الأسمر من فرط تعرضه لأشعة الشمس، ليطل برأسه الصغير، على نوافذ السيارات المتوقفة ويسأل أصحابها شراء “المطلوع” الذي يحمله.

“عمي تشري عليا الخبز باش نشري حوايج العيد” (عمي تشتري مني خبزا كي اشتري ملابس العيد)، هذه العبارة الأولى التي يتلفظ بها أيمن كلما قصد راكباً أو راجلاً، في خطوة يقصد منها نيل دنانير الزبون واستعطافه.

كل من يقطن في الجهة الجنوبية الغربية للعاصمة ويمر على منعرجات أولاد فايت، يعرف أيمن وإخوته وأصدقاءه بوجوههم، لأنهم وطيلة أيام السنة على قارعة الطريق يلتصقون بالسيارات ويتسولون أموال أصحابها.

يقول صاحب مقهى بذات الحي “إنهم هكذا، يعيشون على التسول، هناك من يعتبرهم غجراً (جواطنة) جاؤوا من غرب البلاد وهذه هي عادتهم في العيش”.

وأهل هؤلاء البراعم هم من يكلفونهم بمهام التسول وبيع خبز المطلوع، حيث يقول إبراهيم وصديقه رمزي، صاحبا السنوات الـ6، لـ”هافينغتون بوست عربي” إن أمهما هي “من تعد هذا الخبز وترسلنا لنبيعه”، وأضافا: “إنها ستشتري لنا بهذه الأموال ملابس العيد”.

يقارب عدد الأطفال في مجموعة أيمن الـ10، ويزيدون عن ذلك من حين لآخر، كما يعقدون اجتماعات بينهم في بعض الأحيان من أجل تبادل المعلومات عن مكان وزمان البيع لكل واحد منهم، وأيضاً للتخابر ببراءة عن المبالغ التي تمكنوا من جمعها.

ويتفادى بعض المارة، التوقف لابتياع خبزهم “لأنهم يخاطرون بحياتهم حيث يلتصقون بالسيارات ويركضون خلفها وأمامها وهذا خطر عليهم وأحياناً أعطيهم مبلغاً ما دون أن أقتني أي شيء”، يقول محمد الذي يصادفهم يومياً في طريقه.

 

ليس كل الأطفال سلاطين رمضان

 

في الوقت الذي تحتفي العائلات بأطفالها الصغار، خاصة من يصومون يومهم الأول أو يجتهدون لنصف يوم على الأقل، وينالون كل ما يرغبون ويشتهون، يجد أبناء الأحياء الفقيرة أنفسهم مضطرين للعمل.

ويظهر في بلدية بابا حسن بالعاصمة الجزائر، الاختلاف بين معيشة أطفال العائلات الميسورة الحال وأطفال حي غورياص الفقيرة.

فبعد الظهيرة بساعة أو ساعتين، يصعدون إلى وسط المدينة حاملين سلاتهم البلاستيكية، وبها أقراص خبز “المطلوع” والفطير ملفوفة في قطع قماشية مختلف ألوانها.

“30 ديناراً جزائرياً للقطعة الواحدة عمي” يقول عيسى الذي كان مرفوقاً بصديقين في مثل سنه التي لا تتجاوز الثامنة، طالباً المصلين الذين خرجوا لتوهم من صلاة العصر شراء بضاعته، فعيسى وزملاؤه في “المهنة”، يصطفون على رصيف الطريق المحاذي للجامع القديم، ويعرضون سلعتهم، ولا يغادرون إلا قبل ساعة عن موعد المغرب، بعدما باعوا كل شيء.

ويتأسف رضوان، أحد قاطني البلدية لحال هؤلاء قائلا لـ”هافينغتون بوست عربي” إن أقرانهم يستمتعون بعطلة نهاية السنة الدراسية بنما هم يبيعون المطلوع، “الله غالب، فهذا يبين حالتهم الاجتماعية”.

 

المطلوع تجارة مسجلة للأطفال

 

تسجل معظم مناطق الجزائر ظاهرة بيع الأطفال للخبز المنزلي خلال أيام رمضان، ولا يقتصر على ولاية بعينها، فعلى طريق الكورنيش بجيجل شرق البلاد، يخرج أبناء منطقة أفتيس للطريق عارضين خبزهم للمارة.

وتكلف العائلات أفرادها الأصغر سناً بهكذا نشاط رغم مشقة الحرارة، بغية استمالة عواطف الناس، وجعلهم يشترون مراعاة للحالة الاجتماعية من جهة والحصول على أكلة تقليدية لا تفارق موائد الجزائريين في رمضان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *