آخر ساعة

تصريحات غير مسبوقة لمسؤولين جزائرين

أوردت بعض الصحف الجزائرية مؤخرا أخبارا تفيد انه بعد رحيل محمد عبد العزيز أصبحت جبهة البوليساريو تتصدع يوما بعد آخر، داخليا بالأساس، مع انكشاف زيف الوعود الفاشلة التي تعد بها قاطني المخيمات والمحتجزين هناك، ووهم ما تسوقه من أكاذيب لتبرير احتجازهم داخل الخيام البالية التي لا تليق بكرامة البشر المتواجد هناك في تيندوف والحمادة، هذا التصدع الداخلي يرافقه تصدع أكبر في جبهة الراعي الرسمي الجزائري لهذه الجبهة، بعد أن انتفض الرأي العام الجزائري منذ زمن بعيد عن متابعة هذا الملف الذي يسمم علاقتهم مع أشقاء الدم والكفاح المغاربة، ويعقّد العلاقة الطبيعية بين الشعبين الشقيقين.

وتضيف نفس الصحف انه إذا كان التصدع الداخلي في تصاعد مع وفاة الزعيم الصوري للجبهة محمد عبد العزيز، نتيجة تخبط الأجنحة المتنافسة على وراثته، فإن التصدع الجزائري قد تكرس عبر الكلام غير المسبوق، لأحد كبار الشخصيات الإدارية الذي كان دوما قريبا من دوائر الرئاسة والمخابرات، ونقصد وحيد بوعبد الله، النائب عن جبهة التحرير الوطني في البرلمان الجزائري، والذي زادت خرجاته الإعلامية مؤخرا، وكذلك تصريحات رئيس الحزب عمار سعداني حيث دعا إلى التركيز على مصلحة الجزائر أولا، مطالبا في نفس الوقت بإعادة النظر في سياسة بلاده نحو المغرب، ومهددا أن لديه كلاما حول قضية الصحراء لو قاله فسوف ينزل الجزائريون إلى الشوارع.

خطورة تصريحات بوعبد الله، تأتي كونها تصدر عن نائب مشهور داخل الحزب التاريخي صاحب الأغلبية في البرلمان، وتعزز ما سبق أن قاله رئيس حزبه، بالتعبير عن مواقف غير مسبوقة، مطالبا بوتفليقة وسلطات الجزائر إلى الجلوس مع المغاربة ووضع جميع خلافاتهما فوق الطاولة للبحث عن حلول مناسبة تحفظ مصالح الجميع. مؤكدا أن البداية يجب أن تكون من فتح بلاده لحدودها المغلقة في وجه المغرب منذ عام 1994، وأن جلوس المغرب والجزائر إلى طاولة التفاهم، يجب أن يبنى على أساس الاعتراف بإيجابية مبادرة الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب أمام مجلس الأمن مند سنة 2007 كحل واقعي ومنطقي لمشكل الصحراء واستجابة لواقع تعذر تنظيم الاستفتاء فيه نظرا لاستحالة الاتفاق على هوية من يحق لهم المشاركة فيه، كلام لم يكن أحد في الجزائر يتخيل أن يسمعه على لسان أية شخصية عامة، للحفاظ على الصورة/الوهم للتماسك الرسمي والشعبي “خلف حق تقرير المصير للشعب الصحراوي”..

نفس الصحف تضيف أن بوعبد الله لم يكتف بالأقوال السابقة، بل عقد مقارنة بين الوضع في البلدين، بين مغرب تقربه سياسات الملك محمد السادس ومشاريعه التنموية الكبرى من الدخول في ركب القوى الاقتصادية الصاعدة عالميا وجزائر أدمن مسؤولوه التغطية على فشلهم في جميع القطاعات عبر إلهاء المواطنين بالشعارات الفارغة والتي أطلق عليها “سياسة البنادر”! مؤكدا أن المغاربة لم يكونوا في حاجة لشهادة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي ليتأكدوا من أنهم محظوظون بعاهل نشيط وديناميكي كالملك محمد السادس واصفا اياه بأنه “ملك أفعال لا أقوال”.

المتتبعون لملف الصحراء يقولون ان تصريحات بو عبد الله، تزيد من تصدع الجهات التي تقف من وراء البوليساريو “كمشروع” في مقابل مشروع مضاد يقول بضرورة التفاهم مع المغرب عاجلا ام آجلا. وهذا ما يعكس تعدد الأقطاب داخل السلطة الحاكمة في الجزائر، وبزوغ تيارات لها رأي أخر في السياسات المتبعة تجاه المغرب لكونها عملية تحتاج لرصد عميق لمعرفة مآلاتها، بدل الاكتفاء العبثي بالتمسك بنظرية العداء المطلق لهدا البلد، واعتبار أن النظام الجزائري عبارة عن كتلة صماء توجد على قلب رجل واحد ، لاسيما وأن الذي أمسك بهذا الملف على مدى عقود هم المخابرات العسكرية ورئيسها الفريق توفيق.الدي غادر المشهد السياسي وترك محيطه في حالة تخبط، وأن أذرعه الإعلامية والاقتصادية في حالة هجوم، ووسط هذا الركام كله توجد مؤسسة الجيش التي تحاول من جهة الحفاظ على تماسكها، ومن جهة أخرى حماية البلد من التهديدات الخطيرة لحدودها أمام تنامي  شوكة الجماعات الإرهابية في الصحراء والساحل، ومن جهة أخرى ملأ فراغ جهاز المخابرات الذي تم تفكيك أهم أدواته، ونضرا لحالة فراغ الرئاسة رسميا، بعد أن تأكد فراغها عمليا.

أمام كل هده الأشياء يقول هؤلاء المتتبعون: فأيا كان الأمر، فمنطق الأشياء وطبيعة الأمور لا بد أن تقود إلى تخلص الجزائر من تبعات الحرب الباردة وتركة الرئيس الراحل بومدين، وتغليب مصلحة الجزائريين والانسجام مع خيارهم الوحدوي المغاربي، واحترام ذاكرة النضال المشترك بين الشعبين الشقيقين المغربي والجزائري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *