نظم المعهد الملكي للثقافة الامازيغية، مساء أمس الخميس بالرباط، ندوة وطنية استعرضت خلالها فعاليات سياسية وحقوقية ومدنية مجموعة من “المكتسبات والنقائص” المسجلة في مجال النهوض بالأمازيغية بعد مرور خمس سنوات من ترسيمها.
وفي هذا الصدد توقف عميد المعهد أحمد بوكوس، في كلمة له خلال هذا اللقاء الذي نظم بمناسبة الذكرى الخامسة لإقرار دستور المملكة ترسيم الأمازيغية إلى جانب العربية ،عند المجهودات التي تقوم بها هذه المؤسسة في مجال البحث العلمي والتي مكنت من توفير رصيد مهم من الابحاث والدراسات والمنتوجات السمعية البصرية والتطبيقات المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة.
وأضاف ان المعهد عمل منذ احداثه على إعداد الكتب المدرسية المتعلقة باللغة الامازيغية كما ساهم في تكوين الأساتذة والمفتشين غير أن “إكراهات عديدة” برزت خلال السنوات الأخيرة أثرت سلبا على الحصيلة المسجلة في مجال التعليم وتوقف عند أرقام تهم الموسم الدراسي 2015 -2016.
وأشار في هذا الصدد إلى أنه تم تسجيل خصاص في عدد أساتذة اللغة الامازيغية، موضحا ان 17 في المائة فقط من المدارس يتم فيها تدريس هذه اللغة وان 11 في المائة من مجموع التلاميذ يستفيدون من تلقين هذه اللغة وان 2,6 في المائة من مجموع الاساتذة يدرسون الامازيغية.
واعتبر انه برغم التطلعات التي تم التعبير عنها لتعميم تدريس الامازيغية سجل نوع من “الجمود” في هذا المجال منذ سنة 2012 مرده الى الانتظار الذي صاحب صدور القانونين التنظيميين المتعلقين بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.
وعبر السيد بوكوس عن أمله في انخراط الجميع في تطبيق مقتضيات الدستور للنهوض بالامازيغية باعتبارها تراثا وطنيا مشتركا لجميع المغاربة.
من جانبه، أكد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي ان قطاع الإعلام شكل ورشا فاعلا في مجال النهوض بالأمازيغية وفق مقاربة كان للمعهد دور في بلورتها، مبرزا من جهة أخرى الدور الذي تضطلع به القناة الثامنة “الامازيغية” من أجل تعزيز التنوع اللغوي والثقافي بالمملكة .
وأضاف انه تم العمل على تحقيق التوازن بين روافد اللغة الامازيغية الثلاث بالقناة وكذا اعتماد الكتابة بتيفيناغ في إطار المساهمة في تعويد المشاهد المغربي على هذا الحرف الأمازيغي مما ساعد على ارتفاع نسبة المشاهدة .
كما استعرض الوزير بعض التدابير والمبادرات التي تم القيام بها في مجال النهوض بالامازيغية لاسيما دعم الافلام والمهرجانات وإحداث جائزة الانتاج الصحفي الأمازيغي ضمن الجائزة الوطنية للصحافة وإطلاق البوابة الأمازيغية لوكالة المغرب العربي للأنباء .
من جهته، أبرز الكاتب العام لوزارة الثقافة محمد لطفي المريني، الجهود التي تبذلها الوزارة في مجال تعزيز وتثمين الثقافة الامازيغية من خلال دعم التراث اللامادي والصناعات الثقافية والابداعية ذات الصلة بهذه الثقافة العريقة التي تشكل عاملا مهما في توطيد اللحمة الوطنية.
واعتبر المريني أن دسترة الأمازيغية أصبحت واقعا ملموسا، مشيرا في هذا الصدد الى الخطوات التي تم قطعها في إطار إعداد القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية.
وأكد محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الانسان، أن الامازيغية أصبحت “حقيقة دستورية”، مذكرا بكون المجلس سبق له أن أعد مذكرة بشأن كيفية تفعيل الفصل الخامس من الدستور الذي ينص على أن الامازيغية تعد لغة رسمية للدولة الى جانب اللغة العربية. كما أبرز السيد الصبار الاهتمام الذي يوليه المجلس للنهوض بالحقوق اللغوية والثقافية.
أما امحند العنصر وزير سابق ورئيس جهة فاس مكناس فأكد بدوره على أن ترسيم الامازيغية في دستور 2011 شكل محطة مهمة في تاريخ المغرب ، داعيا إلى تعزيز المكتسبات التي تم تحقيقها في مجال النهوض بالامازيغية وتتبع تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية ونهج أسلوب التشاور الموسع بخصوص هذا الملف.
من جهة أخرى ،أكد متدخلون آخرون خلال هذا اللقاء الذي أدار نقاشه الأمين العام للمعهد الملكي للثقافة الامازيغية السيد الحسين المجاهد، أن المجتمع المدني مطالب بمواصلة عمله في مجال رصد التفعيل الأمثل للقوانين التنظيمية المتعلقة بملف ترسيم الامازيغية والمساهمة في تحقيق التوازن الثقافي واللغوي ضمن السياسات العمومية المرتبطة بقطاعات التعليم والإعلام والعدل والحماية الاجتماعية من أجل بناء دولة الحق والقانون.
كما انتقدوا التماطل الذي طال إصدار القانونين التنظيميين المتعلقين بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، داعين إلى ترصيد المكتسبات التي تحققت في مجال رد الاعتبار للأمازيغية وتعزيز دور المعهد الملكي للثقافة الامازيغية في هذا المجال .
وقد شارك في هذا اللقاء كل من السادة عبد الله ساعف أستاذ جامعي، وبودريس بلعيد عن المنظمة المغربية لحقوق الانسان ،والحسين أيت باحسين نائب الكاتب العام للجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي ومومن الصافي علي عضو بنفس الجمعية.
من جهة أخرى، تم في ختام هذا اللقاء تقديم العرض ما قبل الأول بالامازيغية لشريط” اندرومان” لمخرجه عز العرب العلوي.