خارج الحدود | هام

تفاصيل مثيرة عن كيفية تجنيد منظمة “غولن” أعضاءها

تقدم ضابط صف تركي يدعى “س. أ”، باعترافات إلى النيابة العامة في ولاية هكاري، جنوب شرقي تركيا بدافع تأنيب ضميره حيال ما جرى نتيجة محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا، منتصف يوليوز الجاري.

وأدلى ضابط الصف بمعلومات حول منظمة “فتح الله غولن” (الكيان الموازي)، التي تعّرف على عناصرها منذ الصغر.

وأبلغ “س.أ” (الاسم المختصر للضابط بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول) ضابطه العسكري بالمعلومات التي يعرفها عن المنظمة أولاً، وبتوجيه من الأخير ذهب إلى النيابة العامة وقدم إفادته لها.

طلاب المدارس

 

وذكر “س. أ” أنه تعرّف على الخلية التنظيمية لـ”الكيان الموزاي” في المدرسة الثانوية التي كان يدرس فيها بولاية ألازيغ (شرق)، قائلاً: “كنت من الطلاب المتفوقين خلال دراستي في الثانوية، وجاءني طلاب من الصفوف الأخرى ودعوني للذهاب إلى أصدقاء جامعيين لهم لتناول الطعام في منزل يقيمون به، وأوضحوا لي أنهم متفوقون ويرغبون بمساعدتي في دروسي دون مقابل”.

وأفاد، بأن نحو 15 طالباً جاءوا آنذاك، إلى منزل الطالب الجامعي لتناول الطعام أيضاً، مضيفاً: “جميعهم قالوا لي نفس الكلام، وأنا بعد ذلك اليوم على مدار 6 أشهر كنت أذهب أيام الأحد إلى المنزل المذكور، حيث بدأت الجماعة بعد الأشهر الستة بإقامة الصلاة، وكان أحد الإخوة المقيمين في المنزل إمامهم، وعقب أداء الصلاة كانوا يقرأون كتاباً لفتح الله غولن، اسمه النور الأبدي (Sonsuz Nur)، ويعقدون جلسات، وأوصوني بقراءة الكتاب”.

وتابع: “استمر هذا الوضع حتى أنهيت السنة الثالثة من الثانوية، وكنت حصلت على منحة من مدرسة خاصة نتيجة تفوقي، إلا أن إخوتي (أصدقاء المنزل الذي يطلق على كل منهم لقب أخ) أقنعوني بعدم الذهاب إلى المدرسة الخاصة، وتعهدوا بإرسالي إلى مدرسة (FEM) مجاناً (تتبع التنظيم)، ولم يفوا بوعدهم، وقالو: إن ذهبت إلى تلك المدرسة (التي ستقدم منحة) سيفسدون أخلاقك، وأقنعوني لرفض ذلك”.

وأضاف الضابط، أنه “على مدار سنوات دراستي في المرحلة الثانوية كانوا (أصدقاء المنزل أتباع غولن) يسمعوننا خطبا لغولن، ويدرسوننا كتبه، قائلاً “وفي الفصل الثاني من الصف الثالث للثانوية غادر الأخ المسؤول عن المنزل، وأتى بدلاً عنه شخص لا يمتلك الكثير من المعرفة (…)، وكان اسم إمام المنزل محمد أمين، غير أنهم كانوا لا يذكرون اللقب ويكتفون بالاسم، وربما كانت أسماؤهم مستعارة”.

 

أساليب للتخفي

 

وأردف، “استمريت 4 سنوات في العيش بالمنازل (التابعة للمنظمة)، وأصبحت إمام المنزل الذي كنت أعيش فيه مع 4 آخرين، حينما كنت في السنة الثانية بالجامعة، وكانوا يغيرون المنازل كل شهرين أو ثلاث أشهر، لذا لا أتذكّر أسماء معظمهم”.

ولفت، أن المنظمة كانت كبيرة، وتدير عناصرها من خلال تجزئة إدارتها، وأنها تنقسم إلى “إمام المنزل، والمسؤول الإقليمي عن الطلاب، وإمام الولاية، والدولة، والقارة، والعالم”.

وأشار ضابط الصف، إلى إيلاء المنظمة أهمية بالغة لسرية هيكليتها، قائلاً: “كان الذين يشغلون منصب الإمام والمسؤولون عن المناطق، يغيرون أجهزة الهواتف النقالة وشرائح الاتصال مرتين على الأقل خلال السنة الواحدة، ويستخدمون أسماء مستعارة. وكان أحدهم يدعى محمد عرف نفسه أمامي لشخص ثالث على أنه علي”.

 

ما بعد المدرسة

 

وفي استكمال اعترافاته، حول علاقته بالمنظمة خلال المرحلة الجامعية، ومرحلة الخدمة العسكرية، يقول (س. أ) إنه “عندما وصل إلى السنة الرابعة في الجامعة تلقى أمراً بالخروج من المساكن التابعة للمنظمة والانتقال إلى منزل آخر عند أصدقائه”.

وأشار، أنه انتقل على أساس ذلك إلى منزل طلابي يقيم فيه عدد من الشباب العُزَّاب ممن لا صلة لهم بالمنظمة، والذين يتناولون الكحول ويصطحبون صديقاتهم إلى المنزل، مؤكّداً أن المنظمة لم تقطع عنه المنحة الدراسة بعد خروجه من منزلها، وبقي يستلمها لمدة 3 أعوام إضافية.

وأضاف: “لم يكن لدي صلة مع المنظمة بعد الخروج من منزلها سوى المشاركة في اجتماع أسبوعي واحد، وكان جميع أصدقائي يظنون بأني ابتعدت عنها بشكل كامل لأني قمت بتغيير رقم هاتفي، ولم أكن ألتقي بأحد سوى شخص واحد يدعى (ب. و) وهو مدير السكن الطلابي الذي يعقد فيه الاجتماع الأسبوعي”.

 

ادعاءات لاستمالة الشباب

 

وذكر، ضابط الصف أن جلسة عقدت في كلية بولاية أرضروم، كانت تضم 60 طالباً قدموا من الولايات الشرقية لتركيا، ترأسها شخص يدعى “الأخ بولنت” يقال أنه التقى بفتح الله غولن.

وبحسب الضابط (أ. س)، “تحدث بولنت خلال الجلسة، أنه بعد وفاة الرسول الكريم محمد، يأتي على الأرض عالم واحد كبير، كل مئة عام، وأنّ عدد العلماء الذين سيأتون 14 وأنَّ بديع الزمان سعيد النورسي، هو العالم رقم 13، والعالم رقم 14 هو فتح الله غولن”.

وذكر “بولنت”، بحسب اعترافات (أ.س)، أنَّ “غولن يرى الرسول الكريم كل ليلة، ويستشيره في قضايا المسلمين ومشاكلهم، وأنَّ الأوامر التي يمليها على أتباعه هي أوامر ينقلها من الرسول”، زاعماً أن “هدف الجماعة هو نشر الإسلام في كل أنحاء العالم، عن طريق بناء المدارس، وتخريج عقول تتبوأ أماكن مرموقة وحساسة”.

 

“اجتياح العالم”

 

وقال “س. أ”: “أخبرونا (خلال الاجتماع) إنَّ مدارس الجماعة في الدول الأجنبية، يدرس فيها أبناء قادة تلك الدولة. سترون بعد أربعين عاماً، رؤساء وزراء العالم بأسره عندما يجتمعون سيتحدثون باللغة التركية، ربما هذا سيكون مضحكاً بالنسبة لكم، ولكن عندما كان (فتح الله غولن)، يربي 20 طالباً كنت بينهم، كان يقول لنا أن مدارس وجامعات حول العالم ستتبع لنا، وأننا سننظم أولمبياد عالمية للغة التركية، وأن ملاعب كرة قدم لن تتسع لذلك، وعندها ضحكت، إلا أنَّ كل ذلك تحقق الآن، وتحدث (بولنت) مطولاً عن واجب الإطاعة واستمر الاجتماع لمدة ساعتين ونصف الساعة”.

 

التجنيد في صفوف الجيش

 

وأضاف الضابط: “عقب الاجتماع التقيت بشخص يدعى (ب. و) لأول مرة في حياتي، وعرّف عن نفسه لي بأنه يدعى (إحسان) ويبلغ من العمر (35 عامًا)، وسألني عن المهنة التي أود مزاولتها عقب إتمام المرحلة الجامعية، وأنا أجبته بأنني أود أن أكون مدرساً في المستقبل، وأخبرته بأنني أدرس من أجل امتحان قبول موظفين القطاع العام بشكل سري على خلاف تعليمات الأخوة”.

وتابع: “هو (ب. و) قال لي بأنه تشاور مع الأخوة بخصوص مهنتي المستقبلية، وأنهم يرتأون لي مهنة ضابط في الجيش مستقبلاً، وأنا جاوبته بالمقابل أنني لا أحبذ هذه المهنة، غير أنه أخبرني بضرورة إطاعة قراراتهم، وإلا فإنني سألقى عقاباً من الله عزّ وجل، وأنني سأعيش بقية حياتي تعيساً”.

ومضى قائلاً: “تأثرت من النقاش الذي جرى ذلك اليوم بيننا واقتنعت بكلامه، وقبلت الدخول لامتحانات اختيار الضباط”.

ولفت (س. أ)، أنه دخل امتحان قبول الضباط الكتابي في ولاية أرضروم شرقي تركيا، ونجح فيه، وعقب شهر ذهب إلى امتحان شفهي (مقابلة).

وقال: “قبل المقابلة أعطاني (ب. و) بعض التكتيكات التي سأتبعها، التي تتعلق بأمور داخل المركز الذي ستجرى فيه المقابلة، إضافة إلى مقابلتي مع طبيبة نفسية مختصة للكشف عن عناصر الكيان الموازي، وأعطاني بعض النصائح حول طريقة الحديث معها ومصافحتها والنظر إلى عينيها بشكل مباشر والتعريف عن نفسي كأي شخص مدني، وضرورة إبقاء وجهي بشوشاً”.

واستكمل: “نبهني أنه في حال توجيه سؤال لي بمعرفتي بفتح الله غولن من عدمه، بأن أقول بأني أعرفه من خلال القنوات التلفزيونية، وحال تجهم وجوه الضابط خلال المقابلة، أوصاني بأن أكون ساكناً لأن ذلك امتحان قياس معيار نفسيتي، وقال لي أن أجاوبه بأجوبة فكاهية من قبيل خيرًا سيدي هل أغضبتك زوجتك لتفرغ غضبك علي؟ وأنا التزمت بالتوصيات وهكذا اجتزت الامتحان الشفهي أيضاً”.

 

تسريب الأسئلة

 

وأفاد (س. أ)، بأن “(ب. و) عرفني بشخص يدعى (سلامي)، واتفقنا وقتها، أن أقابله في حديقة أولوص بالعاصمة أنقرة في تمام الساعة 15:00، وعند اللقاء اقترح (سلامي) بأن نذهب إلى الفندق الذي نزلت به، وهناك أخرج من حقيبته حاسوباً محمولاً ووضعه فوق الطاولة، وقال لي بأنه سيطلعني على شيء مهم للغاية، شريطة عدم بوحي به لأحد، وطلب مني أن أقسم على ذلك”.

وأضاف، “بعد أن أقسمت له، أطلعني على بعض الأسئلة وأجوبتها في الحاسوب، ثم قال لي بأنها تعود لامتحان تعاقد الضباط الذي كان من المفترض أن يجري في قيادة القوات البرية في أنقرة، هنا قلت له بأنني لا أحتاج أجوبة الأسئلة سيما وأنني طالب متفوق، فضلاً عن تشديدي له بأن هذا نوع من الاعتداء على حقوق الآخرين”.

وتابع (س.أ) “قال لي بأن هناك الكثيرين من الخونة مثل المسيحيين واليهود والماسونين يريدون التغلغل داخل الجيش، وأن عناصر هؤلاء يتلقون أجوبة الامتحانات على غرارنا، وشدد على أهمية تفويت الفرصة عليهم ومنافستهم في هذا الصدد، وأن أي شخص ينجح في الامتحان بدلاً عني فإن أي سوء سيصدر من هؤلاء سأكون أنا مسؤلاً عنه أمام الله”.

وأردف “أقنعني (سلامي) بكلماته، ودخلت امتحان تعاقد الضباط، وكانت الأسئلة تتوافق مع الأسئلة التي أعطاني إياها، رغم ذلك جاوبت عن 45 سؤالاً بشكل صحيح، و5 أسئلة أجبت بها قصدًا بأجوبة خاطئة، منعاً للشبهات”.

وأوضح (س.أ)، أنه “سجل في قيادة تدريب الدرك عام 2011، ولم يلتق أشخاصاً آخرين (من الكيان الموازي)، سوى “سلامي”، أيام الأحد عند نصب مصطفى كمال أتاتورك، في تمام الساعة 15:00 بميدان أولوص”.

وأضاف: “كنا نتمشى قليلاً، ثم نجلس في مقهى أو مطعم، وحذرني بأن أتوخى الحذر كثيراً، ومن الصلاة جهراً في قيادة الدرك، وعوضاً عن الوضوء اقترح عليّ التيمم وأداء الصلاة في فراشي من خلال إغماض وفتح عيوني”، مشيراً إلى أن “ذلك له أجر كبير عن الله، بحسب رواية فتح الله غولن لهم”.

وأردف: “كما أنه (سلامي) حذرني من تحميل تطبيقات إسلامية على هاتفي، وعدم دخولي في نقاشات متعلقة بالأمور الدينية أو السياسية مع أحد، وأنا نفذت ما طلبه مني حرفياً، إلا أنني لم أقتنع بتوصياته فيما يتعلق بطريقة أداء الصلاة، سيما وأن مبنى القيادة يحوي مسجداً، لذا كنت أحافظ على صلواتي داخله”.

وتابع: “بعد مرور شهرين أو ثلاثة حذرني (سلامي) من عدم انصياعي لمطالبه المتعلقة بالصلاة، وهنا أيقنت أنه وظّف أحداً لمراقبتي داخل المركز التدريبي، وهكذا أمضيت 4.5 أشهر في المركز”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *