منوعات | هام

دراسة حديثة تدمر نتائج 40 ألف بحث علمي سابق..تعرف عليها

فجّرت دراسة طبية حديثة أشرف عليها باحثون سويديون مفاجأة ستجعلنا مضطرين لإعادة النظر في معظم الأبحاث الطبية، خاصة المتعلقة بالدماغ، التي أجريت على مدار العقدين الماضيين، حيث اكتشف العلماء وجود خطأ في إحدى التقنيات التشخيصية المستخدمة بشكل شائع في علم الأعصاب واعتمد عليها مئات الآلاف من الباحثين على مستوى العالم.

وذكر التقرير الذي نشر في الخامس والعشرين من غشت على الموقع الأميركي “Foreignaffairs” أنه تم اكتشاف وجود خطأ فى البرامج الإحصائية التى تستخدمها أجهزة مسح المخ باستخدام أشعة الرنين المغناطيسي الوظيفي “fMRI”، وهي نوع من أجهزة الأشعة التى تقيس نشاط مناطق معينة بالمخ اعتماداً على التغيرات في تدفق الدم داخله.

 

الاكتشاف الجديد يضرب علم الأعصاب في مقتل

 

وأكدت الدراسة السويدية أن هذا الاكتشاف يضرب علم الأعصاب فى مقتل، حيث إن البرامج الإحصائية التي تأكد عدم دقتها ظلت تستخدم لتزودنا بتقارير أشعة أجهزة الرنين المغناطيسي “fMRI” على مدار الخمسة عشرة سنة الماضية، وهو ما يعني أن أكثر من 40 ألف دراسة قد تذهب نتائجها أدراج الرياح، وتحتاج إلى مراجعة، وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها والاعتداد بها، لأنها اعتمدت بشكل رئيسي على أجهزة “fMRI” كي تثبت ما توصلت إليه، هذا بخلاف آلاف التقارير والتحقيقات والمدونات والبرامج التي اعتمدت على هذه النتائج لتتوصل إلى استنتاجات جديدة متعلقة بكل شيء تقريباً في حياتنا اليومية.

وأوضحت الدراسة التي نشرت بالمجلة الشهيرة “Proceedings of the National Academy of Science” أن الخطورة في الأمر تكمن في أن هذا الخلل في البرامج الإحصائية لأجهزة “fMRI” تسبب زيادة في معدل الخطأ الإيجابي المسموح به من 5% إلى 70%، وهو ما يعني أن نتائج آلاف الأبحاث أصبحت محل شك وأننا بحاجة ماسة لأن نعيد النظر في كل الاستنتاجات التي توصلنا إليها اعتماداً على هذه النتائج، كما يحتاج العلماء إلى إعادة إجراء أبحاثهم مرة أخرى، وهو ما يعد كارثة علمية بكل المقاييس ستكون نتائجها وخيمة على علم الأعصاب، المعتمد الأول لهذا الجهاز، وأضاعت على البشرية بلايين الدولارات التي أنفقت في هذا المجال.

 

الآثار السلبية المترتبة على اكتشاف خلل جهاز “fMRI”

 

وذكر التقرير الأميركي أن هذه النتائج ستتسبب بلا شك في إحباط شديد لملايين الأشخاص الذين كانوا يستمعون بشغف للفيديوهات التحفيزية “TED Talk” أو من يقرؤون الكتب العلمية التي تؤكد أنها تكشف عن أسرار النفس البشرية التي ظللنا نبحث عنها لسنوات طويلة، بل تفخر بأنها أجابت على الكثير من الأسئلة التي تحيرنا مثل: كيف نقع في الحب؟ ما تأثير الموسيقى على النفس البشرية وكيف نتأثر بها؟ وكيف تحدث عملية الإبداع؟ والعديد من الأسئلة الأخرى.

الصدمة واقعة لا محالة لأن القارئ سيكتشف، حال قراءة هذا المقال، أن أغلب الدراسات التي تناولت النفس البشرية قد بُنيت على باطل، واعتمدت على فرضية خاطئة بسبب الخلل المكتشف في البرامج الإحصائية المصاحبة لأجهزة “fMRI” التي تقيس نشاط المخ، حيث ظل العلماء يستخدمونها سنوات طويلة كي يعطونا نظرة ثاقبة! بخصوص كل ما يتعلق بحياتنا اليومية عبر تحليل الوظائف الكيميائية والعصبية للمخ.

 

الدراسة فضحت الإيمان الأعمى غير المبرر بالعلوم المادية بالبحتة

 

وانتقد التقرير الأميركي ما أطلق عليه “الإيمان الأعمى” بالعلوم المادية البحتة، خاصة حينما يتعلق الأمر بأمور عملية في حياتنا اليومية، في حين نهمل الاستعانة بعلم النفس والاجتماع والكثير من العلوم التطبيقية، وأصبحت هناك حالة مبالغ فيها من الإيمان بعلم الأعصاب، لدرجة أننا قد ننكر المشاهدات والخبرات العملية التي نكتسبها بسبب نتائج الأبحاث، وعلى الجانب الآخر فمجرد ذكرك كلمة “طب الأعصاب” خلال أي مناقشة مع أحد أصدقائك حول قضية جدلية معينة يجعلك تنهي الحوار بالضربة القاضية وتكسبه بسهولة.

وشدد على أنه لا يمكن الاعتماد على نوع واحد من العلوم بشكل حصري لتفسير الظواهر اليومية، وإهمال الأشياء الملموسة على أرض الواقع، حيث يتسبب الوثوق الزائد بالمعرفة الموضوعية الخاصة بالعلوم المادية البحتة في اختزال العلوم الأخرى، ويجعلنا ذلك نهمل الخبرات البشرية الهائلة المكتسبة من واقع الحياة اليومية، ونغض الطرف عن النظريات المشروحة والمجربة في الفلسفة وعلم النفس، كما سيضطرنا أن ننحي جانباً الخبرات النابضة بالحياة المكتسبة من الفنون والآداب المختلفة.

إذا اتبعنا هذه الآلية في التفكير فذلك سيجنبنا الوقوع في فخ العلوم المادية البحتة، حسبما يؤكد التقرير، خاصة إذا كنا نبحث عن إجابة للتساؤلات المتعلقة بحياتنا اليومية، وبالتالي لن نصاب بالصدمة حينما يتأكد أن الاستنتاجات التي قدمتها لنا هذه العلوم قامت على فرضية خاطئة، كما هو الحال مع علم الأعصاب، وهو ما يحتم علينا إعادة النظر في جميع العلوم المتعلقة بحياة الفرد والحياة العامة، وحتى العلوم المتعلقة بعالم البيزنس والشركات والوظائف، ويجب إعادة تقييم كل وجهات نظرنا التي اعتمدت على العلوم البحتة باستخدام أساس علمي سليم.

 

أشياء عجز العلم عن تفسيرها.. الحب نموذجاً

 

وسلط التقرير الأميركي الضوء على بعض نماذج الدراسات العلمية التي اعتمدت نتائجها على فحوص جهاز “fMRI”، لافتاً إلى أن البحث الذي سنستشهد به كان يتناول واحدة من أهم القضايا التى تشغل بال الكثيرين على مدار العقود الماضية: ما تعريف الحب؟ وهو بالفعل لغز محير بالنسبة للملايين حول العالم، لدرجة أنه كان السؤال الأكثر بحثاً على محرك البحث الشهير “جوجل” في عام 2012.

ومن جانبها زعمت الدراسة التي أجريت عام 2005 ، وأحدثت ضجة كبيرة آنذاك “أن الحب الرومانسي ليس عاطفة، ولكنه مجرد علاقة تحدث بسبب الشعور بالتحفيز وتحت تأثير تفاعلات كيميائية لا إرادية، لافتة إلى أن الإنسان يحب بسبب الحافز الذي يشجعه كي يرتبط بعلاقة مع شريك حياته المحتمل”.

وبغض النظر عن أن الباحثين قد اعتمدوا في دراستهم على أجهزة الرنين المغناطيسي الوظيفي “fMRI” التي ثبت وجود خلل كبير فيها، إلا أن هناك الكثير من الأدلة التي أهملوها، حسب التقرير، يمكن أن نثبت بها الخطأ الذي وقعوا فيه، حيث أهمل الباحثون حقيقة أن الحب لا ينتهي دائماً بالعلاقات الزوجية، كما أنهم تجاهلوا آراء العلوم وخبرات المجتمعات المختلفة، حيث يرى الكاتب الألماني ستيفاني كونتز أن ارتباط الحب بالزواج هو ظاهرة حديثة.

فمثلاً في الهند كان يُعتبر الوقوع في الحب قبل الزواج من الأفعال المضادة لأعراف وتقاليد المجتمع، بل هناك بعض الآراء الموثوقة التي تؤكد أن الحب الرومانسي قد يتسبب في تدمير العلاقات بدلاً من أن يبنيها، وبالتالي فلا يمكن اعتباره تحت أي حال من الأحوال مجرد حافز لحدوث الزواج، خاصة أن نتائجه لن تكون إيجابية دائماً، حيث يقول كاتب قصص الخيال، البريطاني نيل جيمان: “هل وقعت من قبل في الحب؟ كم هو فظيع؟ يجعلك أكثر ضعفاً، حيث تفتح صدرك وقلبك لشخص آخر كي يدخله، ليورطك فيسبب لك الفوضى ويفسد عليك حياتك”.

 

العلوم المادية تعاملت مع الحب كأنه يحدث داخل المعمل!

 

وأكد التقرير أن الخطأ الذي وقعت فيه العلوم المادية هو تجاهلها لحقيقة أننا أن لا نمر بتجربة الحب داخل المعمل، حتى إذا كانت تقنيات تصوير الدماغ قادرة على فهم كيمياء المخ والطريقة التي نتعامل بها مع هذه العلاقة العاطفية، فكل هذه الافتراضات العلمية والفحوص لا يمكن أن تجعل الإنسان يلمّ بتفاصيل هذه التجربة، ويمكن أن يحدث ذلك فقط عبر الملاحظة والتجارب العملية على أرض الواقع وليس باستخدام العلوم البحتة.

لذا فنحن لسنا مضطرين للاقتناع بما يقوله باحثو علم النفس الاجتماعي كحقيقة مسلم بها حول أن الأشخاص المختلفين لا ينجذبون لبعضهم البعض بأي حال من الأحوال، وأن الحب لا يقع إلا في وجود عدة عوامل تشمل التشابه والتقارب والألفة.

وهذه النتائج العلمية تحتم على الباحثين والعلماء أن يعيدوا ترتيب أولوياتهم مرة أخرى، وبالأخص علماء الأعصاب، مع ضرورة مراجعة نتائج الأبحاث التي توصلوا إليها اعتماداً على أجهزة أشعة الرنين المغناطيسي الوظيفى “fMRI”، وأخيراً يجب أن نبحث عن أفضل العلوم والمعلومات التي تجيب عن الأسئلة الحيوية التي تشغل بالنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *