متابعات | مجتمع

دراسة: ضوء الهاتف والتلفزيون يعالج الاكتئاب ويعزز الرغبة الجنسية لدى الرجال

نتعرض جميعاً لجرعات كبيرة من الضوء الاصطناعي على مدار حياتنا؛ وذلك لأننا -ومنذ لحظة استيقاظنا من النوم- نتعرض للضوء الاصطناعي بكل أشكاله؛ بدءاً من تفقدنا هواتفنا الذكية، وصولاً إلى الفترة التي نقضيها أمام شاشات التلفاز مساء.

وكما كان يُقال سابقاً، فإن التعرض المستمر للضوء الاصطناعي يمثل خطراً على صحتنا وساعتنا البيولوجية؛ إذ رصدت بعض الأبحاث أن التعرض المبالَغ فيه للضوء الساطع يقلل من فرص إفراز الجسم هرمون الميلاتونين المسؤول عن شعورنا بالنعاس.

عندما ننظر للضوء نعتقد أن لونه أبيض، لكنه في الواقع يتكون من طيف متنوع من الألوان، وتمتلك بعض الأضواء الاصطناعية كمية كبيرة من الضوء الأزرق.
أضواء الـLED الزرقاء قد تزيد من فرص الإصابة بالسمنة

على مدار الـ20 عاماً الماضية، أصبحت الأجهزة الإلكترونية أكثر وهجاً وزُرقة نتيجة أضواء الـLED الزرقاء -وهي اختصار صمام ثنائي باعث للضوء- وهي تقنية الإنارة التي تعتمد عليها جميع الأجهزة الإلكترونية الحديثة.

خلال فترة النهار، عندما تكون هناك وفرة في الضوء الأزرق بشكل طبيعي، فإن التعرض للوهج الناتج عن النظر للأجهزة الإلكترونية لا يشكل خطراً كبيراً على أي عضو من أعضاء الجسم، ولكن المشكلة تحدث عندما يحدق الناس خلال فترة الليل في الأجهزة الإلكترونية وقتاً طويلاً.

لم يبدأ الباحثون جمع الأدلة القوية على اضطرابات النوم الناتجة عن التعرض لضوء الـled الأزرق إلا قبل 15 عاماً فقط؛ إذ اكتشف العلماء في سبعينات القرن الماضي الجزء المسؤول داخل المخ عن التحكم في عملية النوم واليقظة والحرارة والتقلبات اليومية الأخرى والمعروف بـ”النَّواة فَوقَ التَّصالُبية”.

أظهرت الأبحاث أن “النَّواة فَوقَ التَّصالُبَية” هي المسؤولة عن استثارة الغدة الصنوبرية في المخ من أجل إفراز هرمون الميلاتونين كل مساء.

لا شك في أن التعرض للضوء الاصطناعي -وضوء الـLED الأزرق المنبعث من الهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية على وجه الخصوص- فترات طويلة خلال الليل قد يزيد من فرص الإصابة بالسمنة ومرض السكري وارتفاع ضغط الدم والاكتئاب ومشاكل القلب.

كانت التجربة التي أجراها كريستيان كايوتشن، من جامعة بازل، وزملاؤه عام 2011 إحدى أهم التجارب التي أثبتت أن التعرض للوهج الأزرق من الشاشات الإلكترونية خلال فترات الليل قد يتسبب في حدوث تشويش للمخ.

خلال تلك التجربة التي تم الاعتماد فيها على متطوعين، تبين أن أجسام المجموعة التي تعرضت لضوء الـLED من شاشة حاسوب مدة 5 ساعات مساء أفرزت كمية أقل من الميلاتونين مقارنة بهؤلاء الذين تعرضوا للإضاءة الناتجة عن شاشات تعمل بإضاءة الفلورسنت، هذا بالإضافة إلى اليقظة الكبيرة التي أبدتها المجموعة الأولى خلال اختبارات اليقظة التي أُجريت لهم مقارنةً مع المجموعة الأخرى.

ومع ذلك، فإن للضوء الاصطناعي فوائد صحية عدة؛ إذ يقول جورج برينارد، الأستاذ بكلية جيفرسون للطب في الولايات المتحدة، وأحد الباحثين الرواد في مجال تأثير الضوء على جسم الإنسان، إن السر في الكيفية التي ستُستخدم بها الإضاءة والسبب وراء استخدامها وتوقيت استخدامها.
بديلاً للقهوة:

وفقاً لبعض الأبحاث، فإن التعرض للضوء الأزرق في الوقت المناسب خلال اليوم قد يجعلك يقظاً بدرجة تُغنيك عن تناول كوب من القهوة.

قارن العلماء من جامعة mid Sweden بين تأثير الكافيين والضوء الأزرق وتوصلوا إلى أن كليهما يعزز اليقظة والانتباه.

وخلال البحث الذي نُشر في مجلة “PLOS One” عام 2013، أشار الباحثون إلى تفوق أداء المجموعة التي تعرضت للضوء الأزرق مدة ساعة على تلك التي تناولت 3 أكواب من القهوة خلال اختبارات اليقظة ورد الفعل التي أُجريت للمجموعتين.

يقول البروفيسور ريتشارد ستيفنز -الذي يعمل بأحد مراكز الرعاية الصحية بولاية كونيتيكت- إننا جميعاً في حاجة إلى التعرض للضوء الأزرق ويفضل ذلك، وإن الوقت المثالي لهذا هو فترة الصباح؛ لكون ضوء الشمس أفضل المصادر للحصول على الضوء الأزرق، كما أننا أيضاً بحاجة إلى التعرض للضوء الأصفر والأحمر خلال فترة المساء.

ولكن، إن لم تسنح الفرصة للحصول على الضوء الأزرق من الشمس خلال فترة النهار، فإن الهواتف الذكية أو أي جهاز إلكتروني يعمل بتقنية الـLED سيفي بالغرض.
رفع مستويات هرمون التستوستيرون:

على الرغم من أن التعرض الزائد للضوء الاصطناعي يؤثر في مستوى الخصوبة، وذلك حسب إحدى التجارب الحديثة التي أُجريت في هولندا والتي تم خلالها تعريض الفئران للضوء الساطع على مدار 24 أسبوعاً؛ إذ عانت الفئران في أعقاب هذه المدة الشيخوخة وضعف العضلات والالتهابات، فإن استخدام الضوء الاصطناعي بشكل صحيح قد يسهم في رفع مستويات هرمون تستوستيرون لدى الرجال، وفقاً لدراسة إيطالية حديثة.

طلب الباحثون من 38 رجلاً من ذوي الرغبة الجنسية المنخفضة الوقوف أمام الصندوق الضوئي -من النوع الذي يُستخدم لعلاج الاضطرابات العاطفية الموسمية- 30 دقيقة صباحاً لمدة أسبوعين.

قُسّم هؤلاء إلى نصفين: النصف الأول تم تعريضه لضوء اصطناعي تبلغ شدته 10 آلاف لكس -أي ما يعادل ضوء النهار الساطع؛ والنصف الآخر لضوء تبلغ شدته 100 لكس فقط- أي ما يوازي شدة الضوء في يوم ملبد بالغيوم.

عززت تلك التجربة -المُستلَهمة من أبحاث سابقة أظهرت حدوث تقلبات في الرغبة الجنسية لدى الرجال في بعض المواسم، خاصة أشهر الشتاء المُظلمة- من مستويات هرمون التستوستيرون لدى الرجال ورفعت من رغبتهم الجنسية.

وفي هذا الصدد، يقول أندريا فاغوليني، الأستاذ المساعد في مجال الطب النفسي الذي أجرى تلك الدراسة، إن الضوء الساطع قد يثّبط من نشاط الغدة الصنوبرية الموجودة في وسط الدماغ، الأمر الذي يسمح بإفراز المزيد من هرمون التستوستيرون.

صناديق الضوء تواجه الخوف:

توصل عالم هولندي إلى أن الضوء الساطع قد يسهم في تقليل الانفعال الليلي -وهو أحد الآثار الجانبية الشائعة- لدى مرضى ألزهايمر.

يساعد هذا العلاج في إعادة ضبط الساعة البيولوجية المضطربة للجسم، الأمر الذي يساعد المرضى على النوم قليلاً خلال النهار وكثيراً في أثناء الليل.
علاج فعّال للاكتئاب:

استخدام صندوق الضوء في علاج الاضطرابات العاطفية الموسمية أمر معروف، ولكن دوره قد يتخطى هذا الأمر.

أظهرت إحدى الدراسات الحديثة أن العلاج بالضوء قد يساعد في علاج أولئك الذين يعانون الاكتئاب على مدار السنة.

وخلال الدراسة التي أجرتها جامعة كولومبيا البريطانية، تم تعريض 122 من مرضى الاكتئاب لضوءٍ ساطع مدة 30 دقيقة يومياً فور استيقاظهم من النوم على مدار 8 أسابيع، وتبين أن هذا العلاج بالضوء قد عزز الصحة العامة لهؤلاء المرضى.

وأظهرت عدة دراسات أخرى أن العلاج بالصناديق الضوئية يمكن أن يقلل من بعض الأعراض لمرض باركنسون ويتضمن ذلك الاكتئاب ومشاكل النوم والتشنجات.
التعجيل بسرعة الاستشفاء:

أظهر التقرير الذي نشرته شركة فيليبس عام 2010، بخصوص الآثار الصحية للإضاءة الاصطناعية في المستشفيات، أن زيادة الوقت الذي يتعرض خلاله المرضي لضوء الشمس، أو حتى الضوء الاصطناعي الذي يُحاكي سطوع ضوء الشمس، يعزز من راحة ومزاج وأنماط النوم والتركيز واليقظة وسرعة تعافي المرضى.

توصلت دراسة أخرى منفصلة إلى أن التعرض لشدة ضوء مشابهة لشدة ضوء الشمس يقلل من الوقت الذي يستغرقه المرضى للاستشفاء ومقدار الدواء الذي يحتاجون إليه، سواء كانوا يعانون الاكتئاب أو تدهور الحالة العقلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *