مجتمع

مراقبة المكالمات والتنصت عليها من طرف الأمن المغربي هل هو انتهاك للخصوصية؟

في عصر الهواتف الذكية وبرامج المحادثات المتطورة، كثيرا ما نسمع عن ملفات قضائية من بين ما تتضمنه من أدلة، تسجيلات مكالمات هاتفية.

أصبح الأمن المغربي، بدوره، يساير هذا التطور، إذ وسع دائرة صلاحياته لتشمل مراقبة وتتبع تلك الوسائل الحديثة، ومن بينها الهواتف التي يسمح القانون بالتنصت عليها في حالات معينة، كما يمكن اعتماد المحادثات التي تجري عبرها كوسائل إثبات في بعض القضايا.

خضوع المكالمات للمراقبة والتنصت يعتبره البعض وسيلة ضرورية للحفاظ على الأمن وتفادي أي خطر محدق بالدولة والمواطنين، بينما يراه البعض الآخر انتهاكا لخصوصية الأفراد.

انتهاك للخصوصية

خلال ندوة صحافية، عقدتها “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان”، أول أمس الثلاثاء، كشف، رئيس الجمعية، أحمد الهايج، عن خضوع نشطاء “حراك الريف” للمراقبة من خلال التنصت على مكالماتهم الهاتفية.

وتساءل الهايج عن مدى مشروعية التنصت على هواتف النشطاء وتابع قائلا: “هل كانوا مجرمين أو يشكلون تهديدا وخطرا على البلاد؟”، مضيفا أنه حتى في حال صح ما سبق فإن الأمر يخضع لإجراءات قانونية تشمل ترخيصا من وكيل الملك، قبل أن يردف مؤكدا “يبدو أن الأمر لم يكن على هذا النحو بحيث أن الجميع كانوا موضوع مراقبة وخصوصا النشطاء”.

وأكد الهايج أن التنصت على مكالمات النشطاء يمثل “اعتداء صريحا على خصوصياتهم وحرياتهم”، مشيرا إلى أن “هذا التنصت يستعمل اليوم كوسيلة من وسائل الإثبات”.

رئيس “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان”، أشار في السياق نفسه إلى أن عبارات استعملت في سياق “المزاح” سجلت خلال مكالمات هاتفية تعتمد اليوم كـ”قرينة على الإدانة”.​

ضوابط قانونية

في هذا الصدد أوضح المحامي، محمد زيان، أن اللجوء إلى التنصت على المكالمات الهاتفية “غالبا ما يتم في القضايا ذات الصلة بالإرهاب والتهريب الدولي للمخدرات والأمور المرتبطة بأمن الدولة”.

وأبرز المتحدث، أن قاضي التحقيق لديه صلاحية الإذن بالتنصت على المكالمات وأيضا الحصول على تسجيلات لها انطلاقا من ملف متابعة يكون لديه، أيضا “يمكن أن تتم عملية التنصت على المكالمات الهاتفية بمبادرة من الوكيل العام ولكن بعد أن يطلب إذن الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف”.

التنصت حين يتم على أساس إذن قضائي فهو يعتبر “حجة”، حسب زيان، كما أن كل ما يترتب عنه في تلك الحالة “يعتبر قانونيا”، يقول المتحدث، إذ يمكن انطلاقا من مضمون المكالمة استدعاء المعني والاستماع إلى أقواله بخصوصها.

وبغض النظر عن التنصت، يشدد زيان على أن “المكالمات الهاتفية عبر الهواتف الخلوية تسجل بشكل تلقائي من قبل شركات الاتصالات ويمكن الرجوع إليها في حالات معينة”.

 

خروقات واردة

في الوقت الذي يؤكد زيان اعتماد أجهزة الأمن بشكل كبير على تسجيلات المكالمات الهاتفية، يقول المتخصص في تكنولوجيا الإعلام الجديد، رشيد جنكاري، إن الدول العربية بما فيها المغرب تعتبر من الدول التي “تستثمر بشكل كبير في وسائل التتبع الإلكتروني سواء المكالمات أو كل ما يمر عبر الشبكات الاجتماعية”.

ويضيف جنكاري أن عددا من تلك البلدان “تحاول التحكم في التواصل عبر تلك الوسائل”، غير مستبعد في السياق إمكانية حدوث خروقات.

جنكاري يوضح بذات الخصوص أنه “في ظل غياب منظومة قضائية قوية فإن خروقات التنصت واردة بشكل كبير مقارنة مع دول أخرى حيث يتم التنصت على المكالمات ولكن اعتمادا على مسطرة قضائية خاصة”.

دليل معترف به

من جانبه شدد العميد الممتاز المتقاعد والخبير الأمني، محمد أكضيض، على أهمية تقنية التنصت على المكالمات الهاتفية في حالات معينة، وذلك “باعتبارها واحدة من التقنيات المعتمدة لحماية الأمن القومي للمغرب”.

 

وأوضح المتحدث، أنه يتم اللجوء إلى التنصت على المكالمات الهاتفية “في قضايا معينة أهمها تلك ذات الصلة بالإرهاب والجريمة المنظمة، وهذه العملية تخضع إلى ضوابط وشروط قانونية”.

وأردف أكضيض أنه “لحد الآن لم يثبت أن جهاز الأمن كان أمام حالة خرق قانوني”، إذ أن “عملية التنصت تتم تحت إشراف القضاء وفي ظل شروط قانونية محددة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *