متابعات

بنعمرو : العفو الملكي بالمغرب مخالف للمساطر القانونية

في اليوم الذي أصدر فيه الملك محمد السادس عفوه على 665 شخصاَ، بمناسبة عيد الأضحى، قام شخص في مدينة القصر الكبير بنحر جار له بواسطة سكين من الحجم الكبير، إثر شجار نشب بينهما. وفي إقليم مولاي يعقوب قتل شخص، سبق أن استفاد من مسطرة العفو، عون سلطة يوم العيد.

وفي وقت يستحسن فيه كثيرون الالتفاتة الملكية في الأعياد الوطنية والدينية على معتقلين متابعين في قضايا مختلفة؛ إلا أن عودة بعض الأشخاص، ممن استفادوا من عفو سابق إلى اقتراف الجرائم والاعتداءات، أعاد الجدل حول جدوى إطلاق سراح “مشرملين”، خصوصا في ظل تنامي حالات الاعتداء والسرقة والجرائم البشعة في بعض المدن المغربية.

في هذا الصدد، طالب العديد من النشطاء المغاربة بضرورة أن يستثني العفو الملكي المجرمين؛ لأن العفو عنهم، بحسبهم، يشجع على تفشي الجريمة وسط المجتمع. ويذهب رأي آخر إلى أن ظهير العفو، الذي صدر بعد استقلال المغرب وجرى تعديله سنة 2011، “تشوبه عدة نواقض ويتعارض مع المساطر القانونية التي تنظم هذا الأمر في مختلف الدول الديمقراطية”.

وبالعودة إلى الظهير الشريف، فإن الفصل الأول يشير إلى أن الملك يحق له أن يصدر عفواً، سواء قبل تحريك الدعوى العمومية أو خلال ممارستها أو على إثر حكم بعقوبة أصبح نهائياً. ويُحدد القانون ذاته، في الفصل الثامن منه، أنواع العفو في نوعين: فردي أو جماعي.

عبد الرحمان بنعمرو، المحامي والفاعل الحقوقي، أوضح أن العفو يخصص في البلدان الديمقراطية للمعتقلين على خلفية أحداث سياسية، ولا يمكن أن يصدر إلا بعد أن يصير الحكم نهائياً، أي بعد مروره في المرحلتين الابتدائية والاستئنافية في النقض، “وهذا ما يجعل الحالة المغربية تخالف المساطر القانونية الموجودة في البلدان التي تحترم السلطة القضائية”.

وأوضح النقيب السابق، ضمن توضيح لوسائل الاعلام، أن العفو الجماعي الذي يصدر في مناسبات معنية لفائدة جماعة محددة يصدر في البلدان الديمقراطية عن مؤسسة البرلمان وليس المؤسسة الملكية، وحتى تصبح الأحكام نهائية، وليس كما يقع في بلدنا. أما العفو الفردي، فيحق لرئيس الدولة أن يصدره؛ ولكن حتى تصبح الأحكام نهائية، ويحدد هو أيضا بشروط.

وقال بنعمرو إن “مسطرة العفو الحالية في المغرب غير مقبولة، فمن غير المعقول أن يصدر العفو الملكي قبل أن يقول القضاء كلمته”، كما طالب بأن يكون العفو الجماعي بقرار من البرلمان، وفي أحداث لها علاقة بالرأي أو الاعتقال السياسي.

وشدد المتحدث ذاته على أن العفو الملكي “لا يمكن أن يكون بشكل اعتباطي، ولكن عبر معايير دقيقة، أولها أن لا يكون الجانح في حالة العود أو ارتكب جريمة بشعة من قبيل القتل أو النهب أو الإبادة الجماعية”.

وكانت مسطرة العفو الملكي قد أثارت جدلاً واسعاً بخصوص قضية العفو عن الإسباني دانيال كالفان، الذي اغتصب الأطفال المغاربة؛ وهي الواقعة التي أخرجت آلاف المغاربة للاحتجاج والمطالبة بمراجعات جذرية لتلك المسطرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *