متابعات | مجتمع

عودة “دواعش” المغرب.. الخطر قائم إذا لم تتم عملية الإدماج والمصالحة

كان إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي نهاية يونيو الماضي تحرير مدينة الموصل، وسقوط آخر معاقل تنظيم داعش بالعراق، بمثابة الضربة القاضية التي لم يستسغها مقاتلوا التتظيم الذين وجدوا أنفسهم بين مطرقة الاستمرار في المواجهة أو الفرار للعودة إلى بلدانهم الأصلية.

موسم العودة

وتستعد البلدان التي يتواجد عدد من مقاتليها في صفوف التنظيمات الإرهابية بالعراق وسورية، -ضمنها المغرب- إلى عودة هؤلاء عبر متابعة تحركاتهم في إطار التعاون الأمنىي والاستخباراتي بين دول العبور.

وحسب الأرقام المعلنة من طرف وزارة الداخلية، فإن عدد المقاتلين المغاربة في صفوف التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط يتجاوز 1630 مقاتل، ضمنهم أكثر من 280 امرأة و330 طفلا.

وتشير الأرقام التي كشف عنها وزير الداخلية المغربي في ماي الماضي أن ما يفوق 550 مقاتلا لقي حتفه في المعارك الدائرة في البلدان التي تشهد صراعات مسلحة.

وتشير تقديرات أخرى إلى أن أكثر من 500 مقاتل مغربي لا يزالون على قيد الحياة في صفوف داعش، في سورية ومناطق آخرى، ينوون العودة إلى المغرب، أو الانضمام لجماعات موالية لداعش، خصوصا في ليبيا التي تشهد فوضى سياسية وأمنية.

خطر أمني وفكري

عودة الجهاديين المغاربة من بؤر التوتر في سورية والعراق تشكل، حسب إبراهيم الصافي، باحث في العلوم السياسية وشؤون الإرهاب، تحديا حقيقيا للأجهزة الأمنية وخطرا فكريا على المجتمع المغربي، “خصوصا وأنهم اكتسبوا خبرة في استعمال الأسلحة بعد التدريبات التي تلقوها في ساحة المعارك، وكذا تنفيذهم لعمليات إرهابية”.

ويرى الصافي في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن المقاربة الأمنية في التعامل مع العائدين، تبقى غير كافية لتجنب خطر المتطرفين العائدين، “فالسجن أحيانا يعتبر فرصة لترويج الفكر الإرهابي ونشر أيديولوجيات العنف والكراهية ومكان محبذ للاستقطاب والتجنيد”.

ويشدد الباحث على ضرورة المواكبة الاجتماعية والنفسية لهؤلاء، ما دام الفكر المتطرف هشا ويسهل اجتتاثه، “فإن التوفر على بنية لاستقبال العائدين من ساحات القتال، عبر خلق مركز لإعادة إدماج العائدين من بؤر التوتر الإرهابية، سيكون له صد مباشر لاتقاء خطر التطرف”.

استراتيجيات أمنية واجتماعية

يرى عبد الرحيم منار السلمي، رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، أن المغرب كان سباقا لطرح إشكالية عودة المقاتلين من صفوف التنظيمات الإرهابية على المستوى الدولي، وهو ما حذا به إلى وضع استراتيجية أمنية صارمة قوامها محاربة الإرهاب والتطرف، عن طريق التنسيق الاستخباراتي حول الممرات التي يسلكها المقاتلون، إضافة إلى التعاون الأمني مع دول الجوار وخصوصا بلدان الاتحاد الأوربي الذي أصبحت مستهدفة في الآونة الأخيرة.

ويرى المحلل الساسي، في حديثه لموقع (إرفع صوتك)، أن الاستراتيجية الأمنية أتت أكلها في تخفيض عدد الملتحقين المغاربة ببؤر التوتر، وتفكيك الخلايا الإرهابية النائمة بالداخل.

ويضيف السليمي أن المغرب وضع استراتيجيات على المستوى الاجتماعي والتنموي تروم استباق المخاطر، كون أغلب الملتحقين بالتنظيمات الإرهابية ينحدرون من أوساط هشة، وهو ما انتبهت له الدولة لتطلق عدة مبادرات تنموية لفائدة الفئات الفقيرة.

السجن في انتظارهم

في حربه على الإرهاب، يعتمد المغرب ترسانة قانونية تجرم الالتحاق بالتنظيمات المتطرفة خارج البلاد، حيث يعاقب القانون الجنائي المغربي بالسجن والغرامة كل من انضم أو حاول الالتحاق بجماعات إرهابية.

ويرى محمد أكضيض، ضابط متقاعد خبير في قضايا الإرهاب، أن تهاوي تنظيم داعش في معاقله بكل من العراق وسورية أجبر مئات المقاتلين على الهروب والعودة إلى بلدانهم، وضمنها المغرب الذي يضع استراتيجيات صارمة في التعامل مع العائدين.

ويشير الضابط المتقاعد في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إلى أن “أغلب العائدين يتم اعتقالهم عبر البوابات الحدودية أو في البلدان التي لها تعاون أمني مع المغرب، وفور وصولوهم إلى المغرب، ليتم تقديمهم إلى المحاكمة وتطبيق القانون”.

وعن الأخطار التي تشكلها عودة هؤلاء المقاتلين، يرى أكضيض أن الخطر يبقى قائما إذا لم يستفد العائدون من مبادرات الإدماج والمصالحة التي أطلقها المغرب في السجون لفائدة المتابعين في قضايا التطرف والإرهاب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *