متابعات

برلماني عن “البام”: مشروع ميزانية 2018 لا يستجيب لتطلعات المواطنين

أكد النائب البرلماني في صفوف فريق الأصالة والمعاصرة صلاح الدين أبو الغالي، أن مشروع قانون المالية لسنة 2018 لا يستجيب لتطلعات المواطنين ولا يجيب على الإنتظارات الكبرى للمواطنين المغاربة.

وأضاف أبو الغالي في تدخل له صباح اليوم الثلاثاء بلجنة الاقتصاد والمالية بمجلس النواب، بمناسبة المناقشة العامة لمشروع القانون المالي لسنة 2018 ، أن ارتفاع نسبة العجز وضعف نسبة النمو في المشروع، سيجعل اقتصاد بلادنا عاجزا عن خلق الثروة.

وأوضح أبو الغالي أن الزيادات المهولة التي جاء بها القانون المالي ستمس لا محالة القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة الصبورين أصلا، كالرفع في الضريبة على القيمة المضافة من 14 بالمائة عوض 10 بالمائة على أسعار المحروقات، هي زيادات خطيرة ستمس بصورة مباشرة جيوب المواطنين و “نحن نرفضها بقوة في حزب الأصالة والمعاصرة” يقول أبو الغالي.

ووقف أبو الغالي كذلك على الزيادة في الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة لوكلاء التأمين من 14 بالمائة إلى 20 بالمائة، واعتبرها تهديدا مباشرا لوضعية هؤلاء، علما أن أزيد من 200 وكالة تغلق سنويا بسبب الأزمة، وبهذه ” الزيادة قد تصبح نسبة الإغلاق تصل إلى 600 وكالة سنويا، كنا قد نتفهم لجوء الحكومة إلى الزيادة على شركات التأمين نظرا لنسبة الأرباح الهامة التي تحققها، أما وتفرضها على الوكلاء الذين وضعيتهم صعبة أصلا، فهي زيادة قاسية جدا وستزيد من تأزيم وضعيتهم” يشير أبو الغالي.

من جهة أخرى استغرب أبو الغالي من الفرضيات والتوقعات التي جاء بها القانون المالي، واعتبرها بعيدة عن الواقع، مؤكدا مثال توقعات الحكومة لسعر غاز البوتان الذي يهم جميع فئات المجتمع المغربي، بحوالي 380 دولار للطن في مشروع القانون المالي لسنة 2018، بينما قبل أسبوعين بلغ السعر في الأسواق الدولية حوالي 500 دولار للطن، فهل الحكومة تجهل الأرقام الحقيقية في السوق الدولية؟ يتسائل أبو الغالي.

من جهة أخرى اعتبر أبو الغالي أن عدم صرف الوزارات لكامل الاعتمادات المخصصة لها خلال السنة، يعد جريمة في حق المواطنين خاصة الفقراء والبسطاء، إذ كيف يعقل أن يعجز قطاع وزاري عن صرف أزيد من 45 بالمائة من الاعتمادات المخصصة له والمواطنين في حاجة ماسة إلى الكثير من الأوراش للنهوض بوضعيته الهشة والصعبة؟

وبخصوص موضوع العجز الذي جاء في مشروع قانون المالية، فقد تساءل النائب أبو لغالي عن هذا التطبيع الخطير مع هذا الموضوع، مؤكدا أن موضوع العجز ليس قدرا محتوم علينا وإقراره سنويا بات كأنه أمر عاد، مذكرا أن المغرب لم يكن يسجل العجز خلال ميزانية سنة 2007 بل استمر الوضع متوازن حتى بدأنا في تسجيل العجز مع ميزانية سنة 2012 إلى حدود اليوم وكأنه أمر عاد جدا.

وفي هذا السياق نبه أبو الغالي إلى تقاعس الحكومة السابقة والحالية عن محاربة ظاهرة العجز الذي تعرفه الميزانية العامة، وأنها لم تقم بأي مجهود لوضع حد لهذا العجز الذي في نهاية المطاف سيؤديه المواطن من جيبه بعد لجوء الحكومة إلى خيار المديونية لتغطية هذا العجز.

وفي توقع معدل النمو الذي سطرته الحكومة في القانون المالي المقبل والذي لن يتعدى 3.2 استغرب أبو الغالي من هذه النسبة الضعيفة جدا للنمو، والتي اعتبرها هزيلة ولا تليق بمكانة بلادنا بالمقارنة مع بعض الدول الإفريقية كغانا التي تسجل معدل نمو يصل 8.9 وساحل العاج 7.3 والسنغال 7.8 لماذا المغرب وحده يسجل هذه النسبة الهزيلة جدا؟.

من جهة أخرى وردا على شعار الحكومة حول جعل هذا القانون المالي قانونا بنفس وحس اجتماعي، استغرب أبو الغالي من هذا الشعار الكبير، مؤكدا أن كل الأرقام والفرضيات الواردة في نص القانون تكذب ذلك الشعار،ضاربا المثل بقطاع التشغيل الذي اعتبره أبو الغالي أولوية الأولويات، حيث استند على تقرير رسمي صادر مؤخرا عن المندوبية السامية للتخطيط يؤكد أن اقتصادنا الوطني لا ينتج سوى 74 ألف منصب شغل، في حين بلادنا محتاجة ل200 ألف منصب سنويا.

و أشار أبو الغالي في نفس السياق إلى تقرير صادر عن وزارة التشغيل يؤكد أن الفئة النشيطة بالمغرب لا تتعدى 11 مليون مواطن، وأن 60 بالمائة منها بدون دبلوم نهائيا، وأن 6 بالمائة بدبلوم متوسط، و11 بالمائة فقط بدبلوم عال، وأن منها 3 مليون بدون عقد شغل مع مشغله، وأن الرقم المفجع بحسب أبو الغالي في هذه الدراسة الصادرة عن الحكومة نفسها هو أن 8 مليون مواطن بدون تغطية صحية، “كنا نأمل أن تجيبنا الحكومة على هذه الاختلالات بالذات في القانون المالي لكن لاشيء من ذلك حدث” يقول أبو الغالي.

وفي مجال الصحة والابتهاج الذي ترفع شعاره الحكومة بكونها رفعت ميزانية الصحة إلى 6 بالمائة، فقد أشار أبو الغالي إلى أن هذه النسبة تضل بعيدة عن حجم الخصاص وعن حتى المعدل الذي تقره المنظمة العالمية للصحة والذي يتحدد في 12 بالمائة، ناهيك على أن ثمن الأدوية بالمغرب يعد الأغلى داخل فضاء البحر الأبيض المتوسط، مسجلا في السياق ذاته استمرار ارتفاع نسبة الوفيات في صفوف النساء الحوامل بنسبة 120 حالة وفاة بالنسبة ل100 ألف امرأة، وأن هناك تمركز 45 بالمائة من الأطباء بين الرباط والبيضاء، فهل هذه سياسة صحية؟ هل هذه سياسة اجتماعية؟ يتسائل أبو الغالي.

وعلى مستوى العجز الذي تعرفه الميزانية، فقد أكد أبو الغالي أن نسبته لا تبشر بالخير، خاصة مع عدم قيام الحكومة بأي إجراءات وإصلاحات مواكبة من شأنها التخفيف من حدة هذا العجز، كحماية مثلا الشركات أثناء تعاملها مع دول اتفاقيات التبادل الحر مع المغرب، كالاتحاد الأوربي حيث تبلغ نسبة العجز 65 مليار درهم، و مع أمريكا 18 مليار درهم، ومع تركيا 10 مليار درهم، ودول الخليج ب 13 مليار درهم.

وفي قضية توقعات الحكومة بتقليص عجز الدين العمومي للخزينة العامة إلى 60 بالمائة، استبعد أبو الغالي ذلك، مؤكدا أنه لا يمكن تحقيق هذا الرقم في الواقع، بحيث إلى حدود اليوم مثلا تحقق ميزانية 2017 عجزا يبلغ أزيد من 673 مليار درهم، وبالتالي حتما سنصل إلى عجز يبلغ 70 بالمائة على الأقل خلال السنة القادمة، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هناك خمس مؤسسات عمومية ابتلعت ثلاث أرباع 9 مليار كدين جديد خلال السنة الماضية من أصل 180 مليار قيمة الدين العمومي، هذا طبعا دون الحديث عن المديونية العمومية التي بلغت أرقاما قياسية جد مهولة تقدر ب 860 مليار درهم.

و “كي لا نكون عدميين ومعارضين فقط، نقدم في الأصالة والمعاصرة اقتراحين: أولا: خلق مؤسسة مستقلة لمعالجة هذا الدين العمومي لتفادي خطره على الدولة عموما.

ثانيا: الرفع من حكامة الإنفاق العام على جميع المستويات بما فيها حكامة الاستثمار العمومي الذي نسجل تعامل الحكومة معه بدون وقفات لتقييم بعض المشاريع العمومية ودراسة الجدوى الاقتصادية لها “مثال مدن العقار الجديدة بضواحي بعض المدن الكبيرة”.

وفي قضية الاستثمار العمومي طالب أبو الغالي بضرورة عقلنتها، مؤكدا أن الحكومة تعيش مفارقات غريبة على هذا المستوى بحيث أنها تخصص 37 بالمائة من الاستثمار العمومي دون تحقيق نسب نمو هامة، بحيث سطرت مثلا في سنة 2018 نسبة 3.2، في حين مثلا بمصر نجد أن نسبة 19 بالمائة من الاستثمارات تخلق نسبة نمو تقدر ب5.2 ونسبة 22 بالمائة في تركيا تحقق 4.4 نسبة نمو، مؤكدا أن الحل الفعال في هذا المجال هو الارتكاز على الأنشطة الصناعية القادرة على تحقيق النمو الحقيقي، عوض التهاون مثلا في محاربة التهريب الذي أدى مثلا في مجال صناعة العجلات إلى إفلاس الشركات وتسريح العمال وصرنا نستورد 3 مليون عجلة سنويا.

ودعا أبو الغالي وزارة المالية إلى إعادة تبسيط وتوضيح المادة 213 من مدونة الضرائب، التي تخلق إشكالات كبرى على مستوى التنزيل، وتخلق جدلا وخلافات كثيرة بين الإدارة والمواطنين، وأن غموضها يساهم في الرفع من حجم المنازعات الضريبية، حيث تتلقى اللجنة الوطنية للطعون الضريبية اليوم أزيد من 99 ألف شكاية بسبب هذا الغموض، كما بلغت القضايا المعروضة على المحاكم الإدارية في هذا الباب حوالي 4000 ملف.

من جانب آخر أكد أبو الغالي أن المغرب يتأهب للانضمام إلى اتحاد المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وبعد عودته السنة الماضية لمجموعة الاتحاد الإفريقي وبعد التذكير بموقفنا في الأصالة والمعاصرة الداعم لهذه العودة وجسدناه خلال دعمنا وتصويتنا للأستاذ الحبيب المالكي رئيسا لمجلس النواب، واليوم نجد أن القانون المالي لا يترجم أبدا هذا التوجه، بل لا توجد به أية إشارة لهذا الوجود داخل إفريقيا. ودائما في مجال علاقاتنا مع إفريقيا ندعو إلى خلق صندوق ضمان الأداء للشركات المغربية التي تشتغل في إفريقيا لتدليل العقبات وتسهيل تواجدها هناك” يقول أبو الغالي.

وفي موضوع تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، سجل أبو الغالي تقاعس الحكومة على هذا المستوى وخلو الإشارات بذلك من داخل القانون المالي، مطالبا الحكومة العمل على دعم الجهات دعما حقيقيا، على مستوى الموارد البشرية والمادية، وتحقيق لا تمركز ولا تركيز إداري حقيقي.

أبو الغالي أكد بحرقة أن فريق الأصالة والمعاصرة لا يمارس المعارضة من أجل المعارضة، رغم أنها حق من الحقوق الدستورية، ولكن يمارسها من منظور المعارضة كمدرسة بناءة وذات قوة اقتراحية لتطوير مسلسلنا الديمقراطي وبنائنا التنموي، وكانت هناك فرص بهذا المجلس الموقر وعبرنا خلالها عن مواقفنا كمعارضة بناءة، بل تفاعلنا إيجابا مع مبادرات الحكومة التي سجلنا بأنها في صالح البلاد وصوتنا معها بالإيجاب، مثال قانون تخفيض رسوم الاستيراد على القمح، وقانون إحداث الوكالة الوطنية للاستثمار، وقانون إحداث نظام المعاشات لفائدة فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا.

وفي ختام تدخله اعتبر النائب البرلماني أبو الغالي أن الدعوة السامية لصاحب الجلالة بمراجعة النموذج التنموي للبلاد، تعتبر دعوة شجاعة وجريئة، ونذكر بالمناسبة أننا يا ما طالبنا في الأصالة والمعاصرة بضرورة تغيير نموذجنا التنموي، فقط بقية الإشارة إلى أنه على الحكومة أن تدرك أن تغيير النموذج التنموي يحتاج إلى منظومة اقتصادية جديدة، وإعادة النظر جذريا في السياسة الجبائية والجمركية وليس القيام بإجراءات شكلية معزولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *