متابعات | مجتمع

اليهود المغاربة.. لماذا لا توجد لديهم تمثيلية برلمانية؟

كان المغرب إلى حدود أواسط القرن الماضي من البلدان التي يتواجد بها أكبر عدد من معتنقي الديانة اليهودية، والذين كان لهم حضور بارز في مختلف المجالات خاصة الثقافة والفن والاقتصاد، في مقابل حضور باهت في المجال السياسي.

وإن كان المغرب يقدم نموذجا فريدا بين البلدان الإسلامية لشخصية يهودية تتقلد أحد أرفع المناصب في الدولة وهو مستشار الملك، أندريه أزولاي، إلا أن حضور اليهود المغاربة يظل باهتا أو شبه معدوم في الحياة السياسية، وفي مرات قليلة جدا سجل التاريخ المغربي ترشح أحد اليهود المغاربة في الانتخابات.

قلة العدد:

في الانتخابات التشريعية لعام 2011 خلقت سيدة يهودية مغربية، هي ماغي كاكون الحدث بترشحها للمرة الثانية باسم حزب الوسط الاجتماعي، ورغم أنها لقيت دعما وسلطت كثير من وسائل الإعلام المحلية والدولية الضوء على قصتها متوقعين وصولها إلى البرلمان، إلا أنها لم تتمكن من ذلك.

أمين عام حزب الوسط الاجتماعي، لحسن مديح، يوضح أن كاكون التي تم ترشيحها كوكيلة للائحة لقيت “قبولا وترحيبا كبيرين على الصعيد الوطني”، مضيفا “رغم عدم فوزها، إلا أن تجربتها كانت ناجحة”.

ويلفت المتحدث إلى أن كاكون لم تكن الوحيدة من اليهود المغاربة الذين ترشحوا في الانتخابات خلال السنوات الأخيرة، إذ يشير إلى أن عضو المكتب السياسي للحزب، جوزيف ليفي بدوره سبق له الترشح بدائرة آنفا، مردفا “نحن لا ننظر إلى مناضلينا من منطلق الديانة، المغاربة سواسية ودائما كانوا كذلك في المواطنة والحقوق”.

ويفسر المتحدث ندرة ترشح اليهود المغاربة في الانتخابات بقلة عددهم، ويردف موضحا أن “عدد اليهود المغاربة تناقص بشكل كبير، وعددهم في الدار البيضاء اليوم لا يصل حتى إلى الألفين أغلبهم شيوخ ورجال أعمال وبعض الشباب”، مردفا “صحيح أنهم يمثلون تاريخا لكنهم قلة في الخريطة الانتخابية”.

إلى جانب قلة عددهم تنضاف قلة عدد من يهتمون بالترشح في الانتخابات من بينهم، حسب ما يوضح المتحدث الذي يلفت هنا إلى أن هذا الأمر ليس مقتصرا على المغاربة من معتنقي الديانة اليهودية.

فرص النجاح

من جانبه، لا يبتعد أستاذ القانون الدستوري بجامعة وجدة، بنيونس المرزوقي، كثيرا عن ذلك التفسير بربطه مسألة الترشح واختيار المرشحين أساسا بمعيار يختزل في “حظوظ النجاح”.

ويوضح المتحدث رأيه هذا بالقول “أعتقد أن المسألة السياسية تجد شرعيتها أساسا في العملية الانتخابية”، مضيفا أن “العملية الانتخابية عملية حسابات إحصائية للأنصار والمؤيدين والناخبين المحتملين”، وبالتالي، يوضح المتحدث، فإن تلك العملية “تجعل المغاربة اليهود أقلية انتخابية”، ما يجعل فرص نجاحهم في الانتخابات، حسب المتحدث “ضعيفة جدا”.

ويفسر المتحدث غياب اليهود المغاربة عن الحياة السياسية وعن الانتخابات تحديدا، بعدما كان هناك حضور ولو نسبي لهم في وقت سابق، بـ”ضعف وهج العامل الأيدلولوجي الذي كان يحرك التصويت”.

وحسب المرزوقي فإن العامل الأيديولوجي اليوم لم يعد يلعب دورا كبيرا، وصارت المسألة “إحصائية” بالدرجة الأولى، مبرزا أن “الأحزاب حاليا تبحث عن المرشحين محتملي النجاح” ولو كانوا خارج أعضائها.

ويشدد المرزوقي على أن المسألة ليست مرتبطة بالديانة (مع العلم أنه لا يوجد أي عائق في هذا السياق على المستوى القانوني)، كما أنها ليست مرتبطة بتفضيل الحزب شخصا على آخر انطلاقا من معايير كالكفاءة أو التاريخ النضالي أو المعرفة، لأن الأمر مرتبط أساسا بمعيار إحصائي يحدد “فرص النجاح” التي يرى المتحدث أنها قد تبدو “ضعيفة” بالنسبة لمرشح يهودي مغربي لأسباب بعضها مرتبط بالوضع الديموغرافي لليهود المغاربة الذي يجعلهم في خانة “الأقلية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *