مجتمع

اغضب كما تشاء أثناء القيادة فسيارتك ستقودك حيث تريد!

تدرس شركات مُصنِّعة للسيارات إمكانية أن تتناسب السيارات مع مشاعر سائقيها، في اعتقادٍ بأن السيارة التي تفهم المشاعر يمكنها أن تجعل القيادة أكثر أمناً.

ويأمل الباحثون أن يُدخِلوا أجهزة استشعار بيومترية في السيارات، ما يسمح للسيارة بفهم ما إذا كان سائقها تعِباً أو مُتوتِّراً. وفي هذه الحالة، يمكن للسيارة أن تُصدِر توجيهاً أو تنبيهاً، أو ربما تتولَّى عجلة القيادة بنفسها في ظروفٍ قصوى، بحسب ما ذكرته صحيفة الغارديان البريطانية.

وستكون السيارات قادرةً على دمج تكنولوجيا التعرُّف على الوجوه مع أجهزةٍ استشعارية ترصد دقَّات القلب ومُعدَّل التنفُّس والعرق.

ويتعاون العلماء بشركة فورد في مشروعٍ يُموِّله الاتحاد الأوروبي لتطوير أنظمة مُتقدِّمة لمساعدة السائقين، من أجل تمكين السيارات من الاستجابة بصورةٍ أفضل لاحتياجات السائق، من خلال التعرُّف على حالة المشاعر الإنسانية بدلاً من التعرُّف فقط على أحوال الطرق.

وقدّمت شركة فورد نموذجاً أولياً للفكرة، من خلال طرحها سيارة فورد فوكس (طراز آر إس) المُعدَّلة، في لندن الثلاثاء 23 يناير 2018، والتي أضاءت وفقاً لحالة السائق المزاجية، والذي بدوره كان موصلاً بأجهزة تعقُّب للياقة وأجهزة استشعار عبر الجلد. بعد ذلك، فسَّر الحاسوب البيانات البيومترية لحث آلاف من مصابيح الليد في النوافذ الجانبية على الوميض، تبعاً لمستويات إجهاد السائق.

في يومٍ باردٍ مُمطِرٍ بحديقة ستانفورد الأولمبية، وبتوجيهٍ من سائق السباقات الخطرة بول سويف، وضعت صحيفة “الغارديان” سيارة فورد فوكس القارئة للمشاعر موضع الاختبار: بدواسةٍ على الأرض، وعجلة قيادةٍ مقفلة بإحكام على اليسار، مع كل حبة عرق مضاءة في شكلٍ نمطيٍ على النوافذ.

بَلَغَت سلسلةٌ من المناورات الدائرية، الخاضعة بالكاد للسيطرة، ذروتها لحظة تأرجُح السيارة المثير للإعجاب مع التصاقٍ قوي بين عظم وجْنة السائق والكهرباء الداخلية للسيارة؛ إذ أومضت سيارة “فوكس” بضوءٍ أبيض ساطع.

وقال الدكتور كافان فيانز، الرئيس التنفيذي لقسم التكنولوجيا بشركة سينسوم، التي عملت على تطوير سيارة “فورد”، وهي شركةٌ مُتخصِّصةٌ في تكنولوجيا المشاعر، مقرها مدينة بلفاست (شمالي إيرلندا): “كانت تلك اللحظة هي ما نسميه لحظة الطنين، وهي لحظة ذروة النشاط العاطفي. يرتفع معدل ضربات قلبك بنسبة 25%، كما زادت استجابة جلدك الكهربائية بنسبة 25%، ما يقارب 1 ميكرو سيمينز”.

وقال فيانز إن مثل تلك اللحظات تصب في صالح السائق، وهو الادعاء الذي تستخدمه “فورد” لتطوير المزيد من السيارات الرياضية. ومع ذلك، ستتجاوز التطبيقات تلك اللحظات لما هو أبعد، “فإذا كنت مُجهَداً أو مُتوتِّراً أو مُشتَّت الانتباه، فإن بمقدورنا استبانة ذلك. يؤسِّس هذا لسوقٍ ناشئة ضخمة؛ إذ يعمل كثيرٌ من مُصنِّعي السيارات على كيفية أنسنة التكنولوجيا، يعرف القائمون على السيارات ذاتية التحكُّم، كيفية رسم خرائط للعالَم وتعقّب السيارات الأخرى، لكنهم لا يعلمون الكثير عمَّن هم بداخل تلك السيارات وأمام عجلات القيادة”.

وقال فيانز: “يمكن للسيارة ذاتية القيادة التي تفهم المشاعر، طمأنة سائق مُرهَق. أما في حال كنت راضياً عن تحكمها الذاتي، فستقوم السيارة بما هي مُبرمَجة للقيام به”.

وقال الدكتور مارسيل ماثيسن، وهو عالمُ أبحاثٍ لدى مركز أبحاث فورد أوروبا، القائم بمدينة آخن في ألمانيا، إن نموذج الفكرة كان في مرحلة مبكرة، موضحاً: “نعمل على تطوير خوارزميات قوية وتقنيات للتبنؤ بحالات السائقين ورصدها مثل حالات النوم”. كما سيحتاج مصنّعو السيارات أولاً لتحسين التقنيات الحالية الصالحة للارتداء، وأضاف ماثيسن: “لن يرتدي عملاؤنا هذا النوع من أجهزة الاستشعار. واحد من أكبر مواضيعنا البحثية هو تطوير أجهزة استشعار خفيّة، كما أن البيانات ليست بالجودة التي نود أن تكون عليها”.

وأوضح ماثيسن أن الرصد يمكن أن يجري عن طريق دمج كاميرات التعرُّف على الوجه، والتي تُصدِر تنبيهاتٍ إبان غلق الأعين أو التثاؤب، مع أجهزة كشف نبضات القلب وأجهزة كشف مُعدَّل التنفس. ويمكن دمج ذلك مع البيانات الواردة من العناصر الموجودة، مثل تحذير الخروج عن المسار. يمكن للسيارة التي تكشف تضرر أو نعاس السائق، نقل تلك المعلومة لسياراتٍ أخرى.

وقالت شركات التأمين إن هذه الابتكارات في مجال التكنولوجيا يمكن أن تُقلِّل من الحوادث بشكلٍ كبير؛ إذ تنطوي أكثر من 90% من حوادث السيارات على خطأ بشري. وقال بن هوارث، كبير المستشارين السياسيين للسيارات والمسؤولية القانونية في رابطة شركات التأمين البريطانية: “إن أي شيء يساعد في تنبيه السائقين المُهدَّدين باحتمالية التسبُّب في حادث، لهو أمر يستحق الدراسة. فبرغم عدم ترجيح أن تُحدِث حالتك المزاجية في أثناء القيادة فارقاً كبيراً بالقرارات التي تتخذها لوحات الحاسوب، فإنه يمكن أن تكون الاستفادة من هذا النوع من المعلومات وسيلةً أخرى للتنبؤ بالمشكلات المُحتَمَلَة، أو الكشف عن مشكلةٍ صحيةٍ خطيرة”.

في النهاية، أقر ماثيسن بغرابة الفكرة، قائلاً: “لا يزال هذا النوع من التكنولوجيا يعد شيئاً من الشعوذة لدى بعض الناس، لكن استحسان الفكرة سيزداد مع الوقت”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *