متابعات

لماذا لا تناقش قناة “السادسة” المواضيع الدينية الحساسة؟

سارع المغرب إلى ضبط مجاله الديني لمواجهة موجة الخطاب المتشدد المتصاعدة منذ سنوات. وكان إطلاق منابر إعلامية دينية رسمية أحد أهم الركائز التي اعتمد عليها خلال السنوات القليلة الماضية.

في أكتوبر 2004، أعطى الملك محمد السادس الإذن بانطلاق “إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم”، وبعد عام واحد تم إطلاق “قناة السادسة” التلفزيونية الدينية، وتبث برامجها لـ14 ساعة في اليوم.

لكن مواد المحطتين الإعلاميتين تقتصر في أغلب الأوقات على بث دروس التفسير والمواعظ الدينية بعيدا عن القضايا الحساسة.

وفيما تتربع الإذاعة على قائمة أكثر الإذاعات استماعا في المغرب، تعاني قناة “السادسة” من تدني نسب مشاهدتها.

تبث المحطتان برامج بالعربية والأمازيغية والفرنسية. يقول الباحث المتخصص في المجال الديني منتصر حمادة إن المحطتين تركزان على إبراز “الخصوصيات المغربية” في مجال التدين، لكنهما تظلان بعيدتين عن المواضيع الحساسة، كقضايا التطرف والإرهاب.

وتحتل تلاوات القرآن الفردية والجماعية وبرامج التفسير والحديث والتصوف والسماع حيزا هاما من شبكة برامج القناة، تتبعها البرامج الثقافية والاجتماعية.

“التحاق المغاربة بالتنظيمات المتطرفة، قضايا الفساد والتطرف، وغيرها من المواضيع الحساسة، يصعب مناقشتها في الإعلام الديني بالمغرب”، يقول حمادة.

عين الرقيب

يقر صحافي بقناة السادسة، رفض الكشف عن هويته، بصعوبة مناقشة القضايا الحساسة في الإعلام الديني “لا يمكن الذهاب أبعد من مناقشة موضوع التطرف في عموميته، من الصعب جدا استضافة نماذج عاشت تجربة التطرف وعدلت عنه”.

ويتابع “هناك احتشام في تناول المواضيع الحساسة لسبب بسيط، هو عين الرقابة التي تفرضها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والتي تختلف نظرتها في معالجة المواضيع عن نظرة الصحافة. وبالتالي هناك نوع من التصادم بين النظرة التقليدية ورؤية الصحافي”.

ويقول حسن السكنفل، وهو عالم دين يقدم برنامج “في رحاب الإيمان” في “قناة السادسة”، إن برامج المحطتين تتوزع بين دينية ذات بعد ثقافي فكري وأخرى تتناول قضايا تفسير القرآن وبيان أحكام الشريعة.

قناة مهجورة

تحتل إذاعة محمد السادس صدارة الإذاعات الأكثر استماعا من طرف المغاربة على مدى سنوات.

وتظهر نتائج قياس نسب الاستماع في الأشهر الماضية حصول الإذاعة على نسبة 14 بالمئة، حيث يستمع إليها حوالي خمسة ملايين مغربي يوميا.

في المقابل، تعاني المحطة التلفزية في المغرب من نسبة مشاهدة متدنية، بينما يشاهد أغلب المغاربة قنوات دينية تبث من مصر أو دول الخليج.

وتوضح أرقام المركز المهني المغربي لقياس مشاهدة التلفزيون أن نسبة متابعة قناة السادسة تنخفض أحيانا إلى ما دون 1 في المئة من مجموع المشاهدين المغاربة.

ويعزو حمادة سبب هجر المغاربة للقناة إلى غياب البرامج التي تناقش قضايا الواقع المغربي “في وقت تعرف فيه بضاعة التطرف رواجا في كل مكان. فإغراء الخطاب الديني التقليدي والسلفي الوهابي في الفضائيات المشرقية يعد سببا واضحا لهجر القناة”.

وأنشئت إذاعة محمد السادس وقناة السادسة عقب التفجيرات الإرهابية في مدينة الدار البيضاء في ماي 2003.

انفتاح الدولة على الإعلام الديني حينها يعزوه منتصر حمادة، وهو أيضا منسق تقرير “حالة الدين والتدين” في المغرب، إلى “رغبة الدولة في حماية الأمن الروحي وتحصين المواطن من سموم التطرف الذي تنشره بعض القنوات الفضائية المشرقية التي اكتسحت الفضاء الإعلامي، ودخلت لبيوت المغاربة بدون رقيب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *