ثقافة وفن

عبد الكريم برشيد:على المسرحي أن يكون معارضا

قال المؤلف والكاتب المسرحي المغربي عبد الكريم برشيد إن حال المسرح العربي الراهن يعكس نفس التردي والتشرذم الذي يميز المشهد العربي العام.

وتابع برشيد، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش مشاركته في مهرجان القاهرة الدولي للفن المعاصر والتجريبي (10-21 شتنبر) “للأسف نحن الآن ، مسرحيا وثقافيا وفنيا وأدبيا ، نشتغل في إطار بركة آسنة فيها تعتيم وفوضى وعبثية كبيرة”، مبديا مع ذلك تفاؤلا كبيرا في قدرة الفنان والمبدع العر بي على تجاوز هذا الوضع إبداعيا وتعويض انسداد الأفق سياسيا.

واستطرد المبدع المغربي موضحا أن تحقيق هذه النهضة من جديد تحتم على الفنان أن لا يلقي بسلاحه وأن يقول الحقيقة في تحمل تام للمسؤولية مبرزا أن على المسرحي “أن يكون دائما صادقا ومدافعا عن الحقيقة وعن القيم الجيملة من تسامح وتلاقي وحوار ديمقراطي قائم على الاختلاف”.

وأضاف أن المسرح مدرسة تعلم أسلوب الحوار الهادئ والهادف ، غير أنه “عندما نعجز عن الاقناع الفكري نلجأ للإناع المادي وهو أسلوب مدمر”، مشددا على ضرورة تشبث الفنان بالحرية وبالدفاع عنها أيا كان الثمن وبالتسامح والقيم الجميلة والنبيلة .

وقال في هذا الصدد “على المسرحي أن يكون دائما معارضا، ليس للنظام والسلطة ، ولكن للقبح والظلم والفساد والتخلف والزيف”، مؤكدا أن أي عمل إبداعي لا يمكن إلا أن يدافع عن الحقيقة حتى ولو تعارضت مع الواقع، من أجل تغيير وتطويع هذا الواقع.

وعن المسرح المغربي ، يرى عبد الكريم برشيد أن ما توفر له لم يتوفر لغيره من التجارب المسرحية في مناطق أخرى بالمنطقة العربية ، مبينا أن الاختلاف يكمن في تميز البنية السياسية المغربية عن نظيراتها بالدول العربية، هذه البنية ، يقول الاستاذ برشيد ” نهجت بعد الاستقلال سياسة الانفتاح والتعددية والليبرالية ومنعت الحزب الوحيد وهو ما أعطى حيزا هاما ومجالا واسعا للابداع والاختلاف في شتى المجالات ليس السياسية فقط، وإنما الثقافية والرياضية والفنية أيضا”

ففي خضم هذه التعددية السياسية ، يقول الاستاذ برشيد “ظهرت جمعيات مدنية تنشط في مختلف المجالات، كان المسرح واحدا منها ، فكانت تجربة مسرح الهواة التي حملت هموم المجتمع الى الخشبىة وخاضت بصدق وجرأة في كل الواضيع حتى السياسية منها وأفرزت أسماء اعتبرت بعد ذلك من رواد فن المسرح على الصعيد العربي”.

أما عن علاقته بالمسرح، يؤكد عبد الكريم برشيد أنه مدين له بالكثير قبل أن يستطرد موضحا “شغفي بالمسرح جنبني الانتحار أو الإصابة بالجنون لأنه اعطاني فرصة أن أقول كل ما بداخلي وتخلصت بالتالي من كل ما كان يحبطني”.

وأضاف “حينما ترى العالم بشكل محبط وتعجز عن تغيير الأمور وتوجيهها الاتجاه الصائب فقد تنتحر أو تصاب بالجنوب وأنا كتبت كل ما كان يحبطني وتخلصت منه (…) المسرح أعطاني فرصة ممارسة التطهير والكشف عن النوايا الحقيقية”

وأكد أن المسرح المغربي عرف أيضا بصدقه واستقلاليته مستفيدا في ذلك من وجود مثقفين كبار لهم آرائهم الخاصة التي دافعوا عنها في سياق سياسي كان صعبا، مشيرا إلى أن ” قوة المسرح المغربي نابعة من كونه مسرح حر قائم على قناعات حرة تحمل فيها المسرحي كامل المسؤولية”.

وعن أعماله الاخيرة والمستقبلية كشف الأستاذ برشيد أن من بين هذه الأعمال مسرحية “سقراط قالوا مات” تتحدث عن “سقراط جديد” في القرن الحادي والعشرين “جاء بقناعة أن العالم تغير والفكر تغير والحرية اتسعت ولن يجبر على تناول السم كما حدث للفيلسوف سقراط ، ولكن يلتف عليه التلاميذ فيلقى نفس مصير سقراط وكان شيئا لم يحدث وكان الفكر ما زال يغضب وأن الفكر الحر لا يجد له من يتقبله”.

وخلص إلى أنه يواصل الحفر في مشروعه الفكري عن المسرح الاحتفالي كنظرية فكرية عامة.

ويحتفي مهرجان القاهرة للفن المعاصر والتجريبي بالمبدع المغربي إلى جانب نخبة من رواد المسرح العربي والعالمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *