متابعات

مقتل تاره فارس .. موسم اغتيال العراقيات بأيدي «مجهولين»

في ما يشبه مسلسل اغتيالات مستمرا، لقيت عارضة أزياء ووصيفة لملكة جمال بغداد مصرعها ، في رابع عملية اغتيال على التوالي بحق نساء في العراق.
مشهد الاغتيال تم توثيقه بشريط فيديو بدائيّ المستوى لكنه يظهر قيام شخصين على دراجة ناريّة بقتل تارة فارس بإطلاق ثلاث رصاصات عليها، لتنضم بذلك إلى الناشطة سعاد العلي، وكل من رفيف الياسري ورشا الحسن، وقد جمع بين هؤلاء جميعا أنهن قتلن «على يد مجهولين».
الشرطة رفضت إعطاء طابع سياسي لمقتل الحقوقية والناشطة العلي التي اتخذت مواقف مؤيدة للاحتجاجات في مدينتها البصرة، وقالت إن لا علاقة له بحركة التظاهرات المندلعة في المدينة، رغم أن من قتلها استعمل سلاحا مزودا بكاتم صوت، فيما لاحظ كثيرون أن حركة القاتل تشير إلى أنه مدرب بشكل جيد، فقد ابتعد عن الكاميرا بسرعة ولم يوجه وجهه إليها كما أنه استهدف رأس ضحيته، مما يدلل على أن العملية مخابراتية.
يعيد تمويه السلطات هذا على مسؤوليتها التذكير بإحصائية أعلنها منتدى الإعلاميات العراقيات تكشف 12 حالة قتل وانتهاك بحق النساء الصحافيات في العراق خلال العام 2018، وتضمنت الحالات، إضافة إلى القتل، والاعتداء المسلح والتحرش والابتزاز والتشهير بالسمعة والاساءة، والتهديد من قبل عصابات مسلحة وغير ذلك من ضروب الانتهاكات الجسيمة بحق الإعلاميات.
تفرض هذه الأحداث أيضا استعادة وقائع بشعة أخرى لا يمكن إنكار طابعها السياسي كما في حادثة اغتيال الإعلامية أطوار بهجت، وكانت أيضا شاعرة وروائية، وعملت في فضائيات عديدة بينها «العراقية» و«العربية» و«الجزيرة» وقد اختطفت واغتيلت مع طاقم العمل الذي معها، أيضا على يد مسلحين «مجهولين».
كما تذكر، لمن يريد حاضر العنف الوحشيّ، والصراعات الطائفية والإقليمية في العراق، بمقتل بلقيس الراوي، زوجة الشاعر السوري الراحل نزار قباني، خلال عملية تفجير السفارة العراقية في لبنان عام 1981 بسيارة مفخخة مما أدى لمقتل 60 شخصا حينها، واتهم فيها النظام السوري وأطراف عراقية، وكان أمرا شديد الرمزية أن توجّه التهمة قضائيا لاحقا إلى رئيس وزراء العراق السابق نوري المالكي بعد مطالبة عوائل الضحايا العراقيين بالتحقيق معه وتجريمه.
تمسك هذه الدائرة الزمنيّة العجيبة الخيط الأسود الذي أوصل حكام العراق الحاليين إلى سدّة السلطة وانتماء كثيرين منهم إلى لعبة الإرهاب نفسها التي يزعمون محاربتها، ورغم أن آلتها للقتل لا تميّز بين الرجال والنساء والأطفال خلال طريقها للقبض على سدّة السلطة لكنّ استهداف النساء يعطيها علامة امتياز خاصّة، فالسلطة الغالبة التي هي فضاء للقهر العامّ، فيها درجات محفوظة للنساء باعتبارهن الكائن الأضعف فيزيولوجيا، وهي درجات تجد أيضا سندا في بعض التقاليد والأعراف الاجتماعية العشائرية، وفي سيطرة الفهم الميليشياتي على الدين وتفسيراته.
يمتلئ التاريخ بوقائع يحاول فيها المستبدون كسر إرادة الشعوب المقهورة من خلال استهداف النساء، والأغلب أن موسم اغتيال النساء في العراق هو أحد أشكال القهر والإخضاع الأثيرة على قلوب المجرمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *