متابعات

وقفة الرعي الجائر أمام البرلمان.. إشارات واقتراحات

شكلت الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها فعاليات جمعوية ومدنية من مختلف قبائل سوس ( السهل والجبل) مساء يوم 26 اكتوبر 2018 ضد تعسفات بعض الرحل الذين يتطاولون على املاك الناس ومحاصيلهم الزراعية والاشجار المثمرة، ويطلقون قطعان ماشيتهم بشكل غير منظم تزحف على الاخضر واليابس، وتطور احتكاك هؤلاء الرحل مع الساكنة المهمشة اصلا في دواخل الجبال إلى اعتداءات جسدية وصراعات غير متكافئة بين هؤلاء الرعاة الذين يتنقلون على شكل عصابات خطيرة مدججة بمختلف وسائل الترهيب والتعنيف، كما يقومون بتصوير هذه الاعتداءات ويقومون بحجز الناس وضربهم في اوضاع جد مقرفة منحطة للكرامة ودنيئة جدا، (قلت شكلت الوقفة) لحظة تاريخية مهمة وغير سابقة نذكر بعضا من الاشارات الدالة عن ذلك.

إشارات ومؤشرات

-لوحظ اجماع قوي بين كل مناطق وقبائل سوس من ايداوكنسوس وايدوسكا وايت باها واشتوكن وايداوكورسموك وايداوسملال واغرم وايداوزدوت وماست وايت براييم وايداكوكمار وايت حماد وايداوبعقيل واملن وايت تفراوت وإيلالن وإيسندالن وجميع القبائل الأخرى التي تنتمي بصفة أساسية إلى الاطلس الصغير،(قبائل جزولة) وهم الاكثر تضررا من ظاهرة الرعي الجائر باعتباره أول واجهة الصحراء التي تنطلق منها قطعان الماشية التي تترحل وتبحث عن المراعي، ثم ثانيا باعتباره الأطلس الأكثر حضنا لشجرة أركان . وهذا الاجماع القبلي والتحالف قل نظيره في تاريخنا المعاصر .
– ظهور قضية الرعي الجائر كقضية رديفة بقضية الأرض فبعد تجربة النضال والمواجهة التي قادتها هذه القبائل ضد سياسة الدولة في تحديد الملك الغابوي وهي التي انفجرت بعد احداث 20 فبراير 2011 التي اخرجت القبائل الامازيغية من دائرة الصمت والخوف إلى التظاهر والاحتجاج والترافع القانوني ضد الدولة امام القضاء، وهي تجربة تحتاج إلى دراسات لفهم اسباب فشلها وتراجع اشكال احتجاجها.
-حضور مختلف الفئات الاجتماعية والطبقات مع الحضور البارز والكثيف لفئة التجار الصغار الذين يشتغلون في الرباط وسلا، وهي فئة نادرا ما تكون متوجسة من الاحتجاج في الشارع، وهذا مؤشر مهم لفهم التحول الثقافي الذي أدى إلى عودة الوعي الجماعي لهذه الفئة التي فقدت قيم العمل الجماعي بسبب عوامل الهجرة واكراهات العمل في التجارة. فخروج التجار السوسيون الى الاحتجاج في الشارع دفاعا عن الأرض التي تركها مكرها في تامزيرت يدل على تحول مهم يمس بنية التفكير الجماعي لهذه الفئة التي تعيش على حافة ضياع الهوية واللغة والارض وتقاوم بجهد كبير الذوبان في ثقافة المدينة المثقلة بالفردانية والانانية.
– حمل الاعلام الامازيغية بكثافة ورفع الشعارات بالامازيغية في تظاهرة مثل هذه التي تضم اطياف مختلفة وفئات اجتماعية بالرغم من انحدارها من سوس فانها تبقى متوجسة وتتعامل بتحفظ كبير عن الاعلام الامازيغية بفعل تكوينها وفهمها المغلوط لنضال الحركة الامازيغية ، وكانت هذه الوقفة فرصة ثمينة لاكتشاف الخطاب الامازيغي الذي يستمد قوته من قضية الارض ويدافع عن كرامة الانسان وحرمة املاك سكان الجبال والسهول، ومدى حضور المناضلين والنشطاء الامازيغ وتأطيرهم للوقفة واعطاء التصريحات لوسائل الاعلام لشرح حيثيات الاحتجاج ومخاطر الرعي الجائر لدليل على أن هذه الوقفة تجسد شرعية الخطاب الامازيغي ولحمته بالجماهير ..خاصة أن الاحزاب كانت غائبة تماما عن هذا الحدث وكأن مثل هذه القضايا لا تهمها .
– لوحظ في خطاب الوقفة وسلوكها وشعارتها السياسية انعدام الاشارة إلى قانون تنظيم الرعي رقم 13.113 الذي تم اصداره مؤخرا . وهذا دليل على أن الحكومة تشتغل في واد والشعب يعيش في واد آخر . كما يبين ذلك صعوبة تنزيل مضامين هذا القانون بفعل التطورات والاحداث الخطيرة التي يتسبب فيها الرعي الجائر..

اقتراحات 

– إن تنظيم الوقفة أمام البرلمان بمدينة الرباط كان ناجحا بكل المقاييس، فانه لابد من تنظيم وقفة احتجاجة أخرى بزخم أكبر في عاصمة جهة سوس بمدينة أكادير، تخصص لها حملة تواصلية مهمة ، تحضر فيها الساكنة المتضررة والتجار المهاجرون في المدن الاخرى لتكون وقفة جماهيرية كبرى وتكون تاريخية ومسيرة ميليونية من أجل الارض نظرا لأن المشكل حارق يستدعي المزيد من النضال السلمي والحضاري للدفاع عن الأرض والموارد . فتنظيم الوقفات في الرباط والدارالبيضاء بالرغم من اهميتها ولكن تبقى خارج المجال الجغرافي المعني والذي يتعرض للهجومات ويعاني من سياسية مجالية غير عادلة الذي هو سوس..فعلى قبائل سوس ان تحتج في مواطنها الاصلية.
– استمرارية الاشكال الاحتجاجية السلمية حول قضية الرعي الجائر وقضية الارض ، والدعوة إلى تطبيق القانون المخصص لتنظيم الرعي على علته لحماية املاك الناس واشجارهم المثمرة خاصة اركان واللوز والصبار ..
– الحرص على العمل الجماعي والوحدوي واستبعاد الحسابات السياسية الضيقة، والاستمرار في توعية الساكنة وتنبيه المسؤولين بخطورة الرعي الجائر واعتداءات بعض الرعاة الرعاع في تعنيف السكان ذوي الحقوق المدافعين عن املاكهم..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *