المغرب الكبير

بعبع حقيقي بالجزائر..أمير DZ صاحب صفحة شهيرة على الفيسبوك

وحسب المعلومات الأولية فإن هؤلاء وضعوا تحت الرقابة القضائية قبل عدة أسابيع، بسبب ضلوعهم في تزويد المعارض الجزائري المقيم بالخارج أمير بوخرص المدعو أمير DZ  ، بمعلومات حساسة عن مسؤولين بغية نشرها على صفحته الخاصة على موقع فيسبوك التي يتابعها الملايين.

وفي 18 من الشهر الجاري، وضع مغني الراب رضا سيتي 16، رفقة صهره رهن الحبس المؤقت بذات التهمة، ويتكفل معهد الأدلة الجنائية للدرك الوطني، بالتحقيق المعمق في القضية تلقي شكاوى تقدم بها وزراء وسياسيون ورجال أعمال تعرضوا للابتزاز.

من مهاجر غير شرعي إلى مؤثر 

تنتهي خيوط القضية الفريدة من نوعها، عند الشاب الجزائري المقيم بألمانيا وفرنسا، أمير بوخرص المعروف باسم أمير DZ ، صاحب صفحة شهيرة على موقع فيسبوك يتابعها حوالي 2.5 مليون شخص، يخصصها كلياً لنشر معلومات شخصية وفضائح عن المسؤولين الجزائريين بداية من الرئيس عبد بوتفليقة وعائلته وصولاً إلى وزراء وولاة ورؤساء بلديات ورجال أعمال.

ويستعمل أمير DZ ، صورته الحقيقية ويعتمد على البث المباشر، للنشاط على مواقع التواصل، ويقول أنه «لن يتوقف في فضح فساد العصابة التي تسرق أموال الشعب»، بينما يعتبره معارضوه من الداخل الجزائر «خائناً لوطنه» و»متعدياً على أعراض الناس».

وأمير DZ من مواليد قرية بسيطة بولاية تيارت (غرب البلاد) تعرف باسم تاخمارت، هاجر بطريقة غير شرعية إلى أوروبا سنة 2010، ودخل ألمانيا بعد رحلة شاقة عن طريق تركيا، لينجح في تسوية وضعيته القانونية هناك بعد تقدمه بطلب للجوء السياسي.

ومنذ 2014 ذاع صيت صفحته على موقع فيسبوك، التي تقوم ببث صور وفيديوهات ومنشورات تخص مسؤولين وشخصيات جزائرية معروفة يتهمها بالفساد وسرقة أموال الشعب، واتخذ شعار «ديماً عقابهم» بمعنى «دائماً وراءهم لفضحهم».

وبات لأمير بوخرص متابعون بالملايين من داخل المؤسسات الجزائرية المدنية وحتى الأمنية، ممن وجدوا فيه ملجأ للتنديد بالظلم أو التجاوزات ويقومون بتزويده بمعلومات ووثائق عن طريق البريد الخاص ليقوم هو بنشرها على صفحته حيث تحظى بعشرات الآلاف من التعليقات.

ويؤكد نبيل (32 سنة)، أنه  من المتابعين الأوفياء لصفحة أمير دي زاد، نظراً «لما تحتويه من معلومات غير مسبوقة عن الشخصيات التي نراها يومياً في التلفاز»، وأوضح نبيل لـ»عربي بوست»، أن الشعور بعدم الرضا والإحباط اليومي للشباب هو ما يزيد من الإعجاب بصفحة أمير لأنه «يشفي الغليل بالرغم من أن بعض الفضائح التي ينشرها تخص أعراض الناس».

ولا يتردد أمير بوخرص في نشر صور نساء، بنات وأبناء المسؤولين السياسيين والعسكريين الجزائريين حتى تلك الحميمية منها على صفحته.

بعبع حقيقي

مع مرور الوقت، أصبح أمير دي زاد فاعلاً ومؤثراً قوياً في فضاء التواصل الاجتماعي، وأصبح بالنسبة للمسؤولين الجزائريين هاجساً حقيقياً بسبب ما يقوم بنشره.

ويعترف أحد أعضاء مجلس الأمة الجزائري، أن الصفحة الفيسبوكية للشاب المقيم بألمانيا وباريس تثير خوف الساسة ورجال الأعمال.

وأوضح ذات المصدر لـ»عربي بوست»، أنه «في العادة كانت الصحافة هي مصدر الانزعاج والتوتر بالنسبة للمسؤولين، لكن صفحة أمير دي زاد أصبحت مقلقة للغاية لأنها تنشر أشياء خطيرة عن الحياة الخاصة للأشخاص ولا تضع أدنى الاعتبارات لأعراض الناس».

وأفاد أن جمهور الفضاء الأزرق الواسع، يستطيع تدمير الحياة السياسية لأي مسؤول سواء كان الأمر مبني على معلومات حقيقة أو مغلوطة «يكفي فقط الحديث عنه بطريقة مسيئة حتى يصدق الجميع، ومن الصعب جداً بعدها تبييض الصورة».

تحرك القضاء

على الرغم من مرور عدة سنوات على نشاط صفحة أمير دي زاد دون أن يتعرض لها أو لمتابعيها أحد، قرر القضاء الجزائري التحرك مطلع أكتوبر 2018، وسربت معلومات حصرية لقناة النهار الخاصة، بشأن وجود «شبكة داخلية يقودها فنانون، صحفيون ورياضيون يتخذون من صفحة أمير دي زاد سلاحاً في رقبة مسؤولين ورجال أعمال، للتهديد والابتزاز».

وفي الوقت الذي كانت وسائل الإعلام الدولية والجزائرية مهتمة بمقتل الصحافي السعودي الشهير جمال خاشقجي بسفارة بلاده بإسطنبول، كثفت قناة النهار القريبة جداً من دوائر السلطة تغطيها الإخبارية لما أسمته «شبكة أمير بوخرص».

خاصة وأن صراعاً مستعراً تفجر بين مدير القناة محمد مقدم المدعو أنيس رحماني وبين أمير بوخرص، هذا الأخير قام بعدة منشورات يتهم فيها رحماني بأن «والده حركي (خائن للثورة الجزائرية واشتغل ضمن صفوف الجيش الفرنسي) إلى جانب معلومات خاصة حول زوجته ومنزله.

وتوعد أنيس رحماني بتحطيم «أمير دي زاد»، الذي يطلق عليه  اسم «لقيط باريس»، وكتب في إحدى تغريداته بتويتر أن كل من يتعاملون معهم وينقلون له أموال الابتزاز لن ينجوا هذه المرة من القضاء.

وتوعد رحماني بغلق صفحة أمير DZ عن طريق تقنية التبليغات، لكن المعني نفى أن تكون باستطاعة أي شخص غلق صفحته بالنظر للعدد الهائل من متابعيه الذي يتولون مقاومة التبليغات عن طريق التعليقات الداعمة.

وكان أول من وضع رهن الحبس المؤقت، بعد سماعه من قبل قاضي التحقيق لمحكمة سيدي محمد بالعاصمة، في 18 أكتوبر ، رضا حميمد المعروف فنياً باسم رضا سيتي 16، مغني راب معروف وممثل ومعد برامج تلفزيونية، وجر معه صهره وشاب آخر ينحدر من ولاية داخلية متهم بإنشاء صفحات وهمية لصالح المغني.

ومثلت الخميس 25 أكتوبر 2018، مجموعة ثانية، أمام قاضي التحقيق يتقدمها الممثل الفكاهي الشهير كمال بوعكاز، اللاعب السابق لمولودية الجزائر فضيل دوب، هواري بوخرص شقيق أمير DZ , عدلان ملاح مدير موقع إعلامي ونجل وزير سابق، سفيان داني صحفي ومقدم شهير لبرامج تلفزيونية ترفيهية وفنية.

وبشأن القضية ذاتها، وضع الصحافي المعروف ومدير موقع «ألجيريا بارت»، عبد الرحمان سمار وزميله مروان بوذياب رهن الحبس بعد التحقيق معهما من قبل قاضي التحقيق لمحكمة بئر مراد رايس بالعاصمة بتهمة تهديد وابتزاز والي العاصمة عبد القادر زوخ ومجموعة من رجال الأعمال.

ادفع تسلم

وحسب المعلومات المسربة من التحقيق الذي يشرف عليه معهد الأدلة الجنائية للدرك الوطني، فإن المتهمين يقومون بطلب مبالغ مالية أو الحصول على سكنات من مسؤولين، أو إرسال معلومات تخصهم أمير DZ ليتولى نشرها على صفحته، ليقبض بدورها هو الآخر مقابل النشر بالعملة الصعبة بباريس أو ترسل أقساط إلى عائلته.

وكشف مصدر قريب جداً من الملف، لـ»عربي بوست»، أن الأدلة التي بحوزة القضاء ستورط هؤلاء المشاهير، وتحوي كل  «ما اطلعت عليه أجهزة الأمن في هواتفهم المحمولة، من صور وفيديوهات ورسائل ماسنجر».

وأوضح المتحدث أن «الممثل الشهير كمال بوعكاز متهم بابتزاز رئيس بلدية الجزائر وسط عبد الحكيم بطاش، وعثر على رسائل ليست في صالحه في تطبيق الماسنجر الخاص به»، وتابع أن القضية لها أبعاد غايات سياسية وأمنية، بالنظر لوجود «أبناء الحركي ضمن الشبكة بفرنسا ومحاولة تحريض الشباب على عدم اجتياز الخدمة الوطنية».

وسبق لموقع «ألجي 24″ الناطق بالفرنسية، أن نشر خبراً مفاده أن  وزيراً، عمل في مرات عديدة على وقف التحقيقات بشأن صفحات أمير دي زاد، بسبب تلقيه تهديدات ببث معلومات عن ابنته على الصفحة الشهيرة.

وذكر الموقع أن البرلماني والنائب عن جبهة التحرير الوطني جمال بوراس المنتخب عن الجالية الجزائرية بفرنسا، وشغل منصب نائب لرئيس المجلس الشعبي الوطني قام باستغلال أمير DZ لنشر معلومات عن منافسيه السياسيين مقابل دفع مبالغ مالية.

 لن يتوقف

رغم حملة الاعتقالات الواسعة والتي طالت حتى شقيقه، ومداهمة الدرك الوطني لمنزل والديه بمسقط رأسه بتيارت، توعد أمير بوخرص، بمواصلة ما يعتبر «فضحاً» لفساد النظام الجزائري ومسؤوليه ورجال الأعمال الموالين له.

وكتب على صفحته «اعتقال أخي الذي لا علاقة له نهائياً، زوالي (فقير) عايش في دوّرانا (قريتنا) بتخمارت تيارت،  المهم كل محاولات الضغط على أمير من أجل أن يتوقف عن فضح العصابات الناهبة لأموال الشعب، مهما فعلتم ومهما تفعلون لن أتوقف يا نظام ولاد الحركى».

أجهزة متطورة لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي

واقتنت وزارة الدفاع الجزائرية، في الأسابيع القليلة الماضية أداة تقنية تسمى «سمارت فيلتر»، من دولة أوروبية، تقوم بمراقبة المعلومات المتدفقة على مواقع التواصل الاجتماعي وتتبعها وكشف مصادرها، وتختص بمراقبة مؤشرات تخص الجريمة المنظمة ومكافحة الإرهاب وتفكيك الشبكات الإجرامية على مواقع التواصل الاجتماعي.

إذاعة الخبر المتعلق باقتناء هذه التقنيات بالتزامن مع التحريات المتعلقة بصفحة أمير دي زاد، أعطى الانطباع أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت مراقبة بشكل دقيق ما أثار المخاوف بشأن تقويض حريتهم في الفضاءات الافتراضية، واعتبر نشطاء أن سجن صحافيين يعتبر مساساً خطيراً بحرية التعبير.

وأوضح الخبير الدولي في تكنولوجيات الإعلام والاتصال، يوسف بوشريم، لـ»عربي بوست»، أنه لا توجد أجهزة يمكنها اختراق خصوصية الأفراد على وسائل التواصل الاجتماعي، وإنما يمكن اعتماد المنشورات على الصفحات كمؤشر لتتبع المصدر الحقيقي لها في حالة ما صنفت على أنها غير قانونية.

وإذا ما ثبتت تهم القذف والتشهير والابتزاز في حق المتهمين في قضية التعامل مع أمير دي زاد ، فإنهم سيواجهون عقوبة السجن من 6 أشهر إلى 5 سنوات وفقاً لقانون العقوبات الجزائري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *